ملخص
انتشر "ترند" عبر وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً يسمى "سليبماكسينغ" لحث الناس على جملة من الطقوس التي تساعد على النوم، ولكن مختصين يحذرون من آثار سلبية لبعض تلك الطقوس التي تتضمن استخدام تقنيات وأدوات مختلفة وتناول مكملات غذائية، إضافة إلى جملة من الممارسات التي تجعل الرحلة إلى السرير طويلة ومعقدة.
كتب أحدهم يوماً "أفتقد ذلك النوم الذي يأتي وحده ليلاً ليتسرب داخلي برفق ويهرب مع أولى اللحظات التي يغزو فيها ضوء الصباح الغرفة"، ويبدو أن هذا الفقد بات يعيشه كثيرون حول العالم اليوم، فراحوا يبحثون عن وسيلة لاستدعائه وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي "ترند" يسمى "سليبماكسينغ" sleepmaxxing.
الاستعداد البسيط للذهاب إلى السرير، والذي يتلخص بارتداء "البيجامة" وتنظيف الأسنان ثم إطفاء النور لم يعد كافياً، فثمة طقوس اليوم لا بد من اتباعها قبل وعند المضي إلى الفراش كي تزيد من فرص حصولك على عدة ساعات من النوم، ومخترعو هذه الطقوس يروجون لها عبر التأكيد على أهمية النوم العميق في حياتنا.
الإيقاع المتسارع للحياة وازدحامها بكثير من أسباب القلق والتوتر منذ سنوات، ناهيك عن التبدلات الهرمونية التي يمر بها الإنسان عادة، كلها عوامل تصعب الحصول على نوم عميق، ولكن هل الطقوس التي يعرضها "سليبماكسينغ" مضمونة النتائج، ولا تنطوي على أية مخاطر صحية تضر بنا بينما تحاول مساعدتنا على النوم؟
يدعو "سليبماكسينغ" إلى استخدام أدوات وتقنيات ومكملات غذائية متنوعة لتحفيز نوم أعمق وأطول. وبشكل عام يجمع كثيرون بين عدد من هذه التقنيات وينفقون مبالغ كبيرة على شراء أغطية للأسرة وملابس للنوم مصنوعة من أقمشة طبيعية مثل الحرير، لتحسين فرصهم في الحصول على نوم هانئ ليلاً لأطول وقت ممكن.
من بين التقنيات المستخدمة خواتم ذكية لقياس جودة النوم، وأقنعة للعينين، وسدادات أذن، ومصابيح لاضطرابات عاطفية موسمية، وتطبيقات تُشغّل قصص قبل النوم، وأصوات تهدئ من روعك، وغطاء ذكي للمرتبة يُنظّم درجة حرارتك، وجهاز لتنقية الهواء يُزيل السموم، ومرطب للجسد غني بالمغنيسيوم وعناصر أخرى.
هناك أيضاً تدريبات للتنفس، وحصائر تمد قرب السرير لتوفير مجال كهرومغناطيسي ملائم، ويمكنك أيضاً أن ترتدي سواراً يخطط لك ضربات القلب ويتتبع موجات الدماغ أثناء النوم، كما يمكنك ممارسة التأمل واليوغا وتمارين تدليك للوجه والرأس والأطراف كي يصبح كامل جسدك مطواعاً وجاهزاً للذهاب في عالم الأحلام.
ما يحذر منه رافائيل بيلايو، الأستاذ في قسم طب النوم بجامعة ستانفورد، هو أن تتحول تلك الطقوس إلى موضوع أهم من النوم بحد ذاته، وبخاصة متابعة ومراقبة أداء النوم عبر الأجهزة الذكية حتى يصبح الأمر هاجساً وإدماناً يشغلك قبل النوم وبعده، ويزيد هوسك بتحسين الأرقام والمؤشرات بغض النظر عن سلامة الوسائل المتبعة.
الطامة الأكبر برأي بيلانو وفق "سي أن أن"، هو حالة الشك التي تسكن المرء خشية نسيان تطبيق أحد الأدوات الكثيرة التي بات يلجأ إليها من أجل النوم، فيستيقظ مذعوراً وخائفاً من نسيانها أو أنه يصاب بريبة مرضية تدفعه إلى مراجعة خطوات ما قبل النوم حتى وهو نائم، فتستحيل الراحة إلى قلق يزيد الجسد أرقاً مهما طال المكوث في السرير.
ونقلت الوسيلة ذاتها عن ستيفاني روميسزوسكي، الأخصائية في "سيكولوجيا النوم"، أن النوم عملية يمكن أن تُحسّن نفسها طبيعياً، وتمضية اليوم بنشاط ومتعة وسط البيئة التي تعيش فيها سيؤدي إلى نوم أفضل، أما إلغاء اللقاءات الاجتماعية مع الأصدقاء والتغيب عن التمارين الرياضية وتقليص وقت الخروج للترفيه فسيؤدي إلى نوم أسوأ.
الدكتور جاغ سونديرام، أستاذ الطب في كلية "روتجرز"، يقول إن بعض "أداوت النوم" قد تجلب أمراضاً لمستخدميها، فأشرطة وقف التنفس عن طريق الفم مثلاً يمكن أن تسبب أمراض اللثة وعدم إطباق الأسنان، ناهيك عن الأضرار الجانبية الممكنة جراء التناول اليومي لمكملات غذائية لا يحتاج الجسم إليها فعلياً أو بنصيحة الأطباء.
من السلبيات أيضاً، العبء الذي تضيفه لحياتك عند تخصيص وقت لإزالة مساحيق استخدمتها أثناء الليل أو تثبيط أدوات رافقتك في رحلة النوم، فيما تحذر الدكتورة أنيتا شيليكار، أستاذة علم الأعصاب في جامعة "ميشيغان"، من أن يقود الإفراط في الاهتمام بتحسين النوم للإصابة باضطراب "النوم الطبيعي" أي الهوس بالنوم المثالي.