Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخرطوم تتحدى الحرب في أمسيات رمضان

السكان يقاومون الجرح بإقامة فعاليات وأنشطة متنوعة وتنظيم مباريات كرة قدم

ينشط عدد من الهواة في إقامة جلسات استماع للغناء عقب صلاة التراويح (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

تشهد مدن العاصمة السودانية الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم نشاطاً غير معهود، بخاصة أحياء الثورات وشمبات والحلفايا ومحليتا كرري وشرق النيل، حيث تقام مباريات كرة القدم وتلتئم المنتديات الأدبية والمنابر الشعرية ومجالس الغناء والأمسيات.

لم تمنع ظروف الحرب سكان العاصمة السودانية الخرطوم من تنظيم الفعاليات الفنية والرياضية، وكذلك الترفيهية في ليالي شهر رمضان، على رغم صعوبة التنقل داخل الأحياء بسبب أخطار القصف العشوائي وانفراط منظومة الأمن.

وتشهد مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم نشاطاً غير معهود، بخاصة أحياء الثورات وشمبات والحلفايا ومحليتا كرري وشرق النيل، حيث تقام مباريات كرة القدم وتلتئم المنتديات الأدبية والمنابر الشعرية ومجالس الغناء والأمسيات.

دورات رياضية

لم يكترث كثير من المواطنين للحصار القسري في المنازل ونيران القصف، وحرص المئات على حضور البرامج ومتابعة الأنشطة من موقع الحدث في الساحات العامة.

وشهد عدد من أحياء مدينة أم درمان وبعض المناطق الآمنة في بحري تنظيم دورات رياضية عقب الإفطار من داخل الملاعب الترابية بمشاركة أندية عدة، إضافة إلى منافسات تحدٍّ بين الشباب والكبار تقام على ميادين كرة القدم المسورة والخضراء والمضاءة التي تعرف شعبياً بـ"ملاعب الخماسيات" إلى جانب التمارين اليومية وسط تنافس قوي وبحضور جماهيري كبير من مختلف الأعمار يتابع المباريات ويشجع بتعصب لنسيان المآسي والأزمات ولو موقتاً.

 

 

مجاهد كمال الذي يقطن مدينة بحري قال إن "الحرب لم تمنع سكان الخرطوم من ممارسة طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم المعتادة في أمسيات شهر رمضان، خصوصاً في الأحياء الآمنة التي لا تشهد اشتباكات مسلحة".

وأضاف أن "كرة القدم منافسة تحاكي غريزة الإنسان في التباري والفوز وتجري بطريقة حضارية وصحية، وهي تحمل رسالة مختلفة تماماً عن رسائل الحرب والقتل والنزوح والدمار والخراب، بالتالي شهدت مناطق عدة في مدن العاصمة الثلاث تنظيم دورات رياضية منذ اليوم الأول للشهر الكريم، فضلاً عن التمارين اليومية".

وأوضح كمال أن "الحضور الجماهيري الكبير الذي تحظى به الدورات الرياضية والتنافس الشريف داخل الملاعب والتصافي بين المشجعين دليل على حب الناس للسلام وكرههم للصراع المسلح والقتال".

جلسات استماع

في أحياء الثورات بمدينة أم درمان ومناطق شمبات والحلفايا في بحري ينشط عدد من الهواة في إقامة جلسات استماع للغناء عقب صلاة التراويح وتستمر حتى منتصف الليل مصطحبين الآلات الموسيقية الوترية مثل العود والطنبور، كما يقدم آخرون مساجلات شعرية ارتجالية.

في السياق قال المخرج المسرحي معاوية يونس "في كل رمضان يتفاجأ السودانيون بأن لديهم وقتاً يتعين قضاؤه في الترفيه، وهي مسألة مغيبة طوال العام لا ينتبه إليها الناس إلا مع مجيء الشهر الكريم، لذلك نحرص على تنظيم أنشطة في الساحات والمراكز الثقافية بالمناطق الآمنة، منها جلسات غنائية وعروض مسرحية تدعو إلى السلام ونبذ الحرب".

اقرأ المزيد

وأشار إلى أن "الغناء والاحتفال في ظل الأوضاع الحالية يعتبره البعض فعل حياة وتحدياً لآلة الموت وهرباً من حال الحزن والظروف الاقتصادية المتردية".

ولفت يونس إلى أن "الأنشطة الثقافية في ليالي رمضان ركزت بصورة أساسية على العروض المسرحية من أجل الإسهام في حل الأزمة عبر الحوار المسرحي الخلاق والخطاب الجمالي الداعي إلى نبذ خطاب الكراهية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش من دون صراعات قبلية بين المجموعات الثقافية متعددة الأعراق في السودان".

ألعاب جماعية

يحرص كبار السن والشباب في ليالي رمضان على لعب الورق والشطرنج والدومينو في الساحات أمام المنازل، إذ اعتبر المواطن السوداني نبيل هجو أن "طول أمد الحرب وعدم وجود أفق للحل في الوقت الحالي حفز سكان العاصمة الخرطوم إلى العودة لممارسة الحياة الطبيعية وتنظيم برامج ترفيهية لتجاوز الأحزان والأزمات".

 

 

وأضاف أن "هناك طقساً يتكرر عاماً بعد آخر وهو النزوع للعب (الكوتشينة) كنشاط ترفيهي رئيس خلال هذا الشهر ليلاً، ويقضي فيه المئات معظم وقت الفراغ الرمضاني، ولا يبدأ الصيام إلا ويكون الشباب استعدوا له بـ"جوز كوتشينة". وأوضح هجو أنه "يشارك أصدقاءه في لعب الورق والدومينو حتى الساعة الـ10 مساءً في الساحات أمام المنازل بمحلية شرق النيل في الخرطوم".

تسلية وتسوق

الساحات والميادين في العاصمة السودانية ليست أماكن للرياضة والفن والترفيه فحسب، بل هي مصدر رزق لبائعات الشاي وباعة متجولين أنهكتهم الأوضاع الاقتصادية، فهذه الأماكن تسهم في زيادة مدخول كثير من الأسر لجهة أن النسوة يسترزقن منها، إلى جانب الصبية الذين يسوقون الحلويات والبسكويت والسجائر والمياه الغازية والفول والتسالي وغيرها من لوازم التسلية، ويجد الباعة وبائعات الشاي في هذه التجمعات سوقاً لترويج بضائعهم.

وفي هذا الصدد قال الباحث في التاريخ الاجتماعي مجدي هلال "يجيء شهر رمضان هذا العام والحرب ما زالت مستعرة دون وجود أفق لحل يوقفها، كما تعاني البلاد أزمة اقتصادية فاقمت معاناة كثير من الأسر في توفير الحاجات الأساسية".

وأشار هلال إلى أن "الآلاف وجدوا في أمسيات الشهر الكريم فرصة للعمل بمهن هامشية للمساهمة في حمل بعض من عبء كلفة المعيشة المتصاعدة، ونجح الشباب في ترويج البضائع والحصول على الأموال لإعانة أسرهم، وكذلك النساء من خلال بيع الشاي والقهوة والأطعمة".

المزيد من تقارير