Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انخفاض الأسهم يهدد الإنفاق الاستهلاكي والنمو الاقتصادي الأميركي

قد يؤدي تراجعها 20 في المئة في 2025 إلى تقليص الناتج المحلي للولايات المتحدة نقطة مئوية

حقق مؤشر "أس أند بي 500" مكاسب بنسبة 53 في المئة خلال عامي 2023 و2024 (أ ف ب)

ملخص

كانت الأسر الأميركية تمتلك أكثر من 56 تريليون دولار من الأسهم في نهاية العام الماضي

تصحيح سوق الأسهم في الأسابيع الأخيرة لا يعد مجرد عرض محتمل للاقتصاد المتراجع، بل قد يتسبب في تراجع اقتصادي فعلي، فبعد الترحيب بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تراجعت الأسواق مع قلق المستثمرين من أن الحرب التجارية العدوانية والسريعة التغيرات التي تنتهجها الإدارة الأميركية قد تعرقل الهبوط الهادئ للاقتصاد.

ويوم الخميس الماضي، أغلق مؤشر "أس أند بي 500" منخفضاً بأكثر من 10 في المئة من ذروته في فبراير (شباط) الماضي، مما يحقق القاعدة المعروفة للتصحيح، ومع ذلك استعاد بعضاً من هذه الخسائر الجمعة الماضي.

تحول المزاج العام في الولايات المتحدة إلى التشاؤم، لكن الانخفاض الحالي في السوق قد يكون مجرد بداية لسلسلة من ردود الفعل التي تتسبب في مزيد من الأضرار الجانبية. ويقدر الاقتصادي من جامعة هارفرد، غابرييل تشودورو-رايخ، أنه مع ثبات كافة العوامل الأخرى، قد يؤدي انخفاض الأسهم بنسبة 20 في المئة عام 2025 إلى تقليص النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة هذا العام. وحتى الجمعة الماضي، كان مؤشر "أس أند بي 500" انخفض بنسبة 4.1 في المئة حتى الآن عام 2025.

ويمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الأسهم إلى سحب الوقود من محركين رئيسين للازدهار الاقتصادي في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة وهما الإنفاق القوي من الأسر والاستثمار الرأسمالي من الشركات.

وقال أليكس تشارتريس من شركة "روفر البريطانية" لإدارة الصناديق، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "في اقتصاد مفرط التمويل مثل الاقتصاد الأميركي، يمكن أن تقود أسعار الأصول الاقتصاد، وليس العكس فقط... إن انخفاض أسواق الأصول يخلق خطر تدهور الظروف في الاقتصاد الحقيقي".

وحقق مؤشر "أس أند بي 500" مكاسب بنسبة 53 في المئة في عامي 2023 و2024، مما يعكس ويعزز اقتصاداً قوياً، إلى جانب ارتفاع أسعار المنازل، منحت مكاسب الأسهم أغنى الأميركيين مزيداً من الأموال للإنفاق. وتشير بيانات وكالة "موديز" إلى أن أعلى 10 في المئة من الدخل في الولايات المتحدة يمثلون الآن نحو نصف إجمال الإنفاق، مقارنة بـ36 في المئة قبل ثلاثة عقود.

بحلول عام 2022، كان متوسط الأسر في أعلى 10 في المئة من الدخل يمتلك نحو 2.1 مليون دولار من الأسهم، ما يعادل نحو 32 في المئة من صافي ثرواتهم، وفقاً لاستطلاع حديث من "الاحتياطي الفيدرالي". وفي عام 2010، كانت الأسهم تشكل نحو 26 في المئة من متوسط صافي الثروة لهذه الفئة، وعلى مدار الأعوام الأربعة الماضية، زادت هذه الفئة من الإنفاق بنسبة 58 في المئة.

ولم يكن الأغنياء فقط هم من يضخون الأموال في الأسهم، إذ أفادت شركتا "فانغارد" و"فيدليتي" بمشاركة قياسية ومساهمات غير مسبوقة في خطط العاملين. وفي نهاية العام الماضي، كانت 43 في المئة من الأصول المالية للأسر الأميركية في الأسهم، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق، وفقاً لبيانات "الاحتياطي الفيدرالي". ورغم أن عديداً من الأسر ذات الدخل المنخفض لا تمتلك أسهماً، فإن النسبة التي تمتلكها منها تواصل الارتفاع.

تأثير الثروة

وهذا هو السبب في أن بعض الاقتصاديين يخشون أن يؤدي انهيار كبير في الأسواق إلى دفع الأميركيين لتقليص إنفاقهم على كل شيء، من العطلات إلى الملابس الجديدة، وهو تأثير يعرف بتأثير الثروة، فإذا كانت الأسهم استقرت فقط في العام الماضي بدلاً من أن ترتفع، فإن الإنفاق الاستهلاكي كان سينمو بنسبة اثنين في المئة فقط في العام الماضي بدلاً من ثلاثة في المئة التي أسهمت فيها بصورة جزئية تأثيرات ثروة سوق الأسهم، وفقاً لتقديرات اقتصاديي بنك "دويتشه".

اقرأ المزيد

وتشير بعض الإشارات إلى أن الإنفاق بدأ يتراجع بالفعل، إذ أفادت شركات مثل "دلتا إير لاينز"، و"فوت لوكر"، و"براون-فورمان" والشركة المصنعة لويسكي "جاك دانييل" أن المستهلكين يظهرون مزيداً من الحذر. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9 في المئة، وهو أكبر انخفاض شهري منذ عام 2023، لكن بعض الاقتصاديين ألقوا اللوم على الطقس البارد بصورة غير معتادة، ومن المتوقع الإعلان عن بيانات فبراير الماضي في وقت لاحق اليوم.

والجمعة، أفادت جامعة ميشيغان أن ثقة المستهلكين انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر عام 2022، جزئياً بسبب انخفاض التوقعات في شأن الشؤون المالية الشخصية وسوق الأسهم.

تفاقم المعاناة الاقتصادية

وقال كبير اقتصادي بنك "دويتشه" في الولايات المتحدة، ماثيو لوتزتي، علاوة على أن عديداً من الأشخاص لديهم هدف تقريبي بالمال للتقاعد، لذا، إذا جعلت الأسهم المتراجعة من الصعب الوصول إلى هذا الهدف، فقد يقلص المستهلكون من إنفاقهم لتعويض الفرق.

وحذر لوتزتي من أن هذه التوقعات صعبة بسبب الديناميكية الكبيرة للاقتصاد، ومع ذلك إذا لم يتغير شيء آخر، فقد يؤدي انخفاض بنسبة 20 في المئة في الأسهم إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي بمقدار 1.2 نقطة مئوية عام 2025، وفقاً لما قاله. ونظراً إلى أن الاستهلاك يشكل نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقليص النمو بمقدار 0.8 نقطة مئوية. وطبق الاقتصادي هارڤارد "شودرواي-رايش" نهجاً مختلفاً عن لوتزتي، لكن كانت نتيجته مشابهة.

قد تتفاقم المعاناة الاقتصادية بسبب كيفية استجابة الشركات، فمن المعروف أن الرؤساء التنفيذيين يركزون بصورة كبيرة على سعر أسهمهم عند اتخاذ قرارات التوظيف والاستثمار، وبعدما فقد مؤشر ناسداك ثلث قيمته عام 2022، سارعت شركات التكنولوجيا لتقليص أعداد الموظفين وفرض قيود على الإنفاق.

الارتفاع المستمر للأسهم يعزز الإنفاق

ومع انخفاض مؤشر ناسداك بأكثر من 10 في المئة عن ذروته، يعرب الاقتصادي المستقل فيل سوتل عن قلقه من أن الرؤساء التنفيذيين الذين يشعرون بالقلق قد يتراجعون عن خططهم للاستثمار بمبلغ يقدر بنحو تريليون دولار في الذكاء الاصطناعي في الأعوام المقبلة.

وقال سوتل، "كانت أسعار الأسهم تخبر المديرين التنفيذيين أنه مقابل كل 100 مليار دولار تستثمرها في الذكاء الاصطناعي، تضيف عدة أضعاف إلى تقييمك". وأضاف أن هذا قد يتوقف الآن، مما يعوق المشاريع الجديدة مثل مراكز البيانات ومحطات الطاقة.

لكن كيفية استجابة الأشخاص للثروة الزائدة أمر متغير، فعندما يحصل الأفراد على دفعة مالية غير متوقعة، مثل شيك تحفيزي أو جائزة يانصيب، ينفقون بسرعة حصة كبيرة منها، وفقاً لما ذكره "شودرواي-رايش"، بينما هم أكثر تحفظاً عند الإنفاق من أرباح الأسهم. واكتشف في دراسة أجراها عام 2021 مع اثنين من زملائه أن العائدات من أسواق الأسهم تؤثر في إنفاق الأسرة بمعدل ثلاثة سنتات لكل تغيير بقيمة دولار واحد في الثروة السوقية للأسهم.

وكانت الأسر الأميركية تمتلك أكثر من 56 تريليون دولار من الأسهم في نهاية العام الماضي، سواء بصورة مباشرة أو من خلال منتجات مثل الصناديق المشتركة، وفقاً لبيانات "الاحتياطي الفيدرالي"، لذا فإن تلك السنتات تتراكم بسرعة.

درس الاقتصاديان سيدني لودفيغسون ومارتن ليتو آثار الثروة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وخلصا إلى أن الارتفاع المستمر للأسهم يعزز الإنفاق بمرور الوقت، لكن الناس عادة لا يبالغون في رد الفعل تجاه التقلبات قصيرة الأجل في السوق.

وقالت لودفيغسون في مقابلة، إن تحركات كبيرة في الأسهم قد تكون مستمرة في بعض الأحيان وتغير مسار إنفاق المستهلكين، في حين أن التحدي بالنسبة إلى الاقتصاديين هو أنه لا يمكن معرفة ما إذا كانت أي من الانتعاشات أو التراجعات ستكون دائمة إلا بعدما تصبح في الماضي.

المزيد من أسهم وبورصة