ملخص
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف مستعدة لوقف إطلاق النار غير المشروط لمدة 30 يوماً، ولكن لتحقيق ذلك يجب على روسيا التوقف عن وضع الشروط.
بما يشبه الاتهام الدبلوماسي المبطن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الـ25 من مارس (آذار) الجاري أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين ربما يؤخر عمداً توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا، على رغم حرصه على إنهاء الصراع. وقال ترمب "أعتقد أن روسيا تريد إنهاء الأمر، ولكن ربما تماطل. لقد فعلت ذلك بنفسي في مجال الأعمال: لم أوقع عقداً للبقاء في اللعبة".
ومن المرجح أن الرئيس الأميركي توصل إلى هذا الاستنتاج بعدما اتضح أن موسكو تفسر الاتفاقات التي توصل إليها بطريقة مختلفة إلى حد ما. وأفاد البيت الأبيض قبل ذلك، أن كييف وموسكو اتفقتا على وقف الأعمال العدائية في البحر الأسود ومناقشة تفاصيل اتفاق لحماية البنية التحتية للطاقة. لكن روسيا تصر على التنفيذ الجزئي للاتفاقات فقط في حال رفع العقوبات.
ففي اليوم الذي انتهت فيه المحادثات التي رعتها الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا في السعودية، نشر الكرملين بياناً أورد فيه مطالب موسكو لوقف إطلاق النار الجزئي، ومن بينها رفع العقوبات المفروضة على البنوك. وتحدث صراحة عن أنه إذا لم يحدث هذا، فلن يكون هناك وقف لإطلاق النار في البحر الأسود. وقد رد البيت الأبيض بالفعل على بيان الكرملين، بإعلان الرئيس الأميركي للصحافيين أن روسيا "تتباطأ" في التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا.
الوصاية على أوكرانيا
فيما كان النقاش محتدماً حول وقف إطلاق النار، أطلق الرئيس الروسي تصريحاً مفاجئاً يضع مزيداً من العصي في عجلات قطار ترمب للسلام، فأعلن أن هناك أسباباً تدعو للاعتقاد أن موسكو ستنتصر على أوكرانيا. وقال خلال لقائه بحارة الغواصة النووية "أرخانغليسكي" أمس الجمعة، "لقد قلت أخيراً إننا سنسحقهم (أوكرانيا)، ولكن هناك سبباً يرسخ قناعتنا بأننا سنحقق نصراً كاسحاً عليهم". وأكد أن القوات الروسية تحتفظ بالمبادرة الاستراتيجية على طول خط التماس القتالي بأكمله.
وقال بوتين، "توصلنا إلى اتفاقات مع أوكرانيا خلال المفاوضات في إسطنبول. وبالمناسبة، اتفقنا أيضاً على القضايا التي تطرح كثيراً الآن وتفسر على أنها مستحيلة الحل، وهي قضيتا نزع النازية ونزع السلاح".
واقترح الرئيس الروسي إنشاء إدارة موقتة برعاية الأمم المتحدة لحكم أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذا سيفتح الطريق أمام مفاوضات مشروعة في شأن التسوية.
وخاطب بوتين بحارة الغواصة النووية "أرخانغليسكي" قائلاً، إن روسيا لا تفهم مع من ينبغي لها أن توقع أي اتفاقات على الجانب الأوكراني، لأن "زعماء آخرين سيأتون إلى هناك غداً"، مقترحاً مناقشة إقامة إدارة موقتة في كييف تحت رعاية الأمم المتحدة وعدد من البلدان من أجل إجراء الانتخابات هناك.
وبحسب الرئيس الروسي، فإنه بعد الانتخابات، قد تبدأ المفاوضات في شأن معاهدة السلام. و"من الممكن، برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وبالتعاون مع الدول الأوروبية، وبالطبع مع شركائنا وأصدقائنا، سنناقش إمكان إدارة موقتة لأوكرانيا. بهدف إجراء انتخابات ديمقراطية، وإيصال حكومة كفؤة تحظى بثقة الشعب".
وأشار إلى أنه كانت هناك بالفعل سوابق مع إدخال بلدان تحت وصاية ورعاية الأمم المتحدة في تيمور الشرقية وغينيا الجديدة وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة. ولفت في الوقت نفسه إلى أن "هذا مجرد خيار واحد من الخيارات. لا أقول إن الخيارات الأخرى غير موجودة. الوضع يتغير بسرعة".
وأجريت آخر انتخابات رئاسية في أوكرانيا عام 2019. ثم عام 2024، جرى تعليق التصويت بسبب الأحكام العرفية. وفي مارس (آذار) الجاري، أعلن الممثل الخاص للولايات المتحدة في أوكرانيا ستيفن ويتكوف أن سلطات كييف وافقت على إجراء انتخابات رئاسية، لكنه لم يحدد الشروط ومتى.
من جهة ثانية، أكد الرئيس الروسي أن بلاده مستعدة للعمل على تسوية الأزمة الأوكرانية مع الأوروبيين، إلا أنهم "يحاولون خداعنا". وأضاف خلال حواره مع بحارة الغواصة النووية الروسية "أرخانغليسكي"، إن موسكو ستعمل مع أي شركاء يريدون المساهمة في التسوية الأوكرانية، موضحاً أن بلاده لا تنوي ارتكاب أخطاء بناءً على ثقتها بما يسمى شركائها الغربيين. ولفت الانتباه إلى أن دول "بريكس" من بين الشركاء الذين أبدت روسيا استعدادها للعمل معهم في التسوية الأوكرانية.
وتطرق بوتين إلى نيات ترمب في شأن الأزمة الأوكرانية، قائلاً "في رأيي، يريد الرئيس المنتخب حديثاً للولايات المتحدة بصدق إنهاء هذا الصراع"، مشدداً على أن روسيا تؤيد حل الصراع الأوكراني بالوسائل السلمية، ولكن بشرط القضاء على أسبابه الجذرية.
القيصر يستدرج الملياردير
من الواضح أن الرئيس الروسي يعرف حاجة نظيره الأميركي إلى تنفيذ وعده الانتخابي بوقف الحرب الأوكرانية التي اعتبر أنها ما كانت لتندلع أصلاً لو كان هو في السلطة. وترى الولايات المتحدة أن وقف إطلاق النار الموقت خطوة ضرورية قبل إجراء محادثات كبرى لإنهاء الصراع. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو "من الصعب التفاوض على نهاية طويلة الأمد للحرب في حين يطلقون النار على بعضهم بعضاً".
وظهر اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً بين روسيا وأوكرانيا بعد مفاوضات بين واشنطن وكييف في النصف الأول من مارس الجاري. ورحب بوتين بالمبادرة، لكنه أشار إلى بعض الفروق الدقيقة التي تشكل في الواقع شروطه للموافقة على وقف إطلاق النار الكامل. ولفت تحديداً الانتباه إلى وضع العسكريين الأوكرانيين المحاصرين في منطقة كورسك، وتساءل علناً "هل يجب إطلاق سراحهم من هناك بعد ارتكابهم جرائم عديدة ضد المدنيين أم ستأمر القيادة الأوكرانية بالاستسلام؟". ومن بين القضايا الإشكالية الأخرى، أشار بوتين إلى مراقبة الامتثال للاتفاقات، إضافة إلى استمرار الإمدادات العسكرية لأوكرانيا والتعبئة.
ووفقاً له، فإنه من غير الواضح ما يجب فعله مع "منطقة التمركز في منطقة كورسك" وأفراد القوات المسلحة الأوكرانية الموجودين هناك. وأضاف أنه سيكون من الصعب للغاية مراقبة وقف إطلاق النار، لأنه لم يتضح من سيعطي الأوامر وما إذا كان ضخ الأسلحة الغربية إلى كييف سيستمر.
وأعرب بوتين عن ثقته في أن وقف إطلاق النار ينبغي أن يؤدي إلى سلام طويل الأمد ويقضي على الأسباب الجذرية لهذه الأزمة، مشيراً إلى أن طول خط التماس يبلغ نحو 2000 كيلومتر، وأن القوات الروسية "تتقدم في جميع المناطق تقريباً". وتوجد هناك حالياً ظروف تسمح بتحييد "وحدات كبيرة بما فيه الكفاية" من القوات المسلحة الأوكرانية.
وأضاف الرئيس الروسي "بناءً على الوضع على الأرض، سنتفق على الخطوات التالية لإنهاء الصراع والتوصل إلى اتفاقات مقبولة للجميع".
وحذرت الاستخبارات الأميركية من أن كلا الجانبين قد يطيل أمد الحرب إذا بدت شروط تسوية السلام غير مواتية لهم.
وعلى خلفية المفاوضات التي لم تسفر حتى الآن عن أي نتائج جدية، تحدث الرئيس الروسي عن إمكان تدوير القوات المعبأة، واصفاً هذه القضية بالحادة. وطرح هذا الموضوع عليه خلال اجتماع لمجلس الثقافة والفنون من قبل الكاتب زاخار بريليبين الذي قال "لقد استنفدنا كل ما في قلوبنا من كلمات لتهدئة الأمهات والزوجات والأقارب. فثلاثة أعوام من دون أطفال ولا أزواج، حتى مع وجود إجازات، صعبة". فأجاب بوتين بأن السلطات على دراية بالمشكلة، وقال "وزارة الدفاع تدرسها، وبالطبع، هذه القضية حادة. وبالطبع، لن ننساها. لكننا سننطلق من الحقائق التي تتطور على خط التماس القتالي".
وفي حين يتحدث بوتين عن تدوير العسكريين، يقترح مجلس النواب الروسي (الدوما) السماح بتجنيد الطلاب في الخدمة العسكرية، وحشد مزيد من القوات على الجبهة الأوكرانية.
ماذا عن أوكرانيا؟
في الأثناء قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف مستعدة لوقف إطلاق النار غير المشروط لمدة 30 يوماً، ولكن لتحقيق ذلك يجب على روسيا التوقف عن وضع الشروط.
وأعلن زيلينسكي في الـ25 من مارس الجاري عن اتفاقات مع روسيا والولايات المتحدة في شأم وقف إطلاق النار، لافتاً إلى وجود أمور واضحة في شأن أربع نقاط. وفي الوقت نفسه أعلنت روسيا أن وقف إطلاق النار في البحر الأسود سيدخل حيز التنفيذ بعد رفع العقوبات المفروضة على بنك "روسيل خوز بنك" وغيره من المنظمات المالية الروسية المشاركة في عمليات التجارة الدولية للأغذية. وأكدت روسيا في بيانها أيضاً معلومات عن وقف الضربات على منشآت الطاقة الأوكرانية لمدة 30 يوماً، ومع ذلك وفقاً لموسكو، فإن وقف إطلاق النار بدأ بالفعل في الـ18 من مارس الجاري.
وقررت موسكو وواشنطن أن يجري تطبيق وقف موقت للضربات على منشآت الطاقة لمدة 30 يوماً اعتباراً من الـ18 من مارس. ولتبرير مماطلة موسكو بوقف النار المتفق عليه، سارعت وزارة الدفاع الروسية لاتهام القوات المسلحة الأوكرانية مرات عدة بانتهاك الاتفاق وضرب منشآت الطاقة.
من المؤكد أن هذه ليست الصفقة الطموحة التي نوقشت قبل بضعة أسابيع فقط عندما عقدت الولايات المتحدة وأوكرانيا محادثات في جدة. ويقول المحلل الأمني مايكل كلارك من شبكة "سكاي نيوز" الأميركية إن "صفقة الحبوب" الجديدة لن تفعل كثير لوقف القتال. ويرى أن الولايات المتحدة مهتمة في المقام الأول بمفاوضات السلام فمن دون تغيير جذري للوضع على ساحة المعركة، لن يكون ترمب قادراً على تسجيل هدنة أخرى.
والواقع أن مسألة وقف إطلاق النار الكامل (براً وليس في البحر) لم تكن حتى على جدول الأعمال. وتفسير ذلك يتحور حول حقيقة أن روسيا وأوكرانيا لديهما تفسيرات مختلفة للغاية لما قد يبدو عليه حتى وقف إطلاق النار الجزئي.
وتعتقد أوكرانيا أن الهجمات على "البنية التحتية للطاقة والنقل" ستتوقف، في حين تصر روسيا على أن الاتفاق يتعلق فقط بالبنية التحتية للطاقة. ونشرت موسكو بالفعل قائمة بالأهداف التي يشملها حظر موقت على الهجمات على البنية التحتية للطاقة.
وتشمل القائمة مصافي النفط وخطوط الأنابيب ومرافق تخزين النفط ومحطات الضخ وغيرها من مرافق توليد ونقل الطاقة، بما في ذلك محطات الطاقة الفرعية والمحولات والموزعات ومحطات الطاقة النووية والسدود الكهرومائية.
ويوجد أيضاً عديد من التساؤلات حول استئناف الشحن في البحر الأسود، إذ أظهر الجانب الأوكراني بالفعل أنه يفهم شروط السلام بطريقة مختلفة تماماً عما تم الاتفاق عليه مع روسيا.
كما أضاف وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف شرطاً آخر إلى قائمة الشروط المتفق عليها في القمة. وتقول أوكرانيا إنها ستعتبر تحركات السفن العسكرية الروسية خارج شرق البحر الأسود تهديداً لأمنها وتحتفظ بحق الدفاع عن النفس.
علاوة على ذلك، لم تذكر هذه النقطة في بيان البيت الأبيض، مما يعني أن هذا ارتجال خطر من قبل عمروف وفي الوقت نفسه وكما تشير صحيفة "نيويورك تايمز" فمن غير الواضح ما إذا كان الاتفاق يتضمن إنهاء الهجمات على البنية التحتية للموانئ. وقال مسؤولون أوكرانيون إن الطلب تمت مناقشته خلال المحادثات في السعودية.
وأبلغ الأوكرانيون الوفد الأميركي أيضاً أنهم يريدون استئناف النشاط التجاري في مدن الموانئ الأوكرانية الأمامية مثل نيكولايف وخيرسون.
في الوقت نفسه فإن أحد شروط وقف إطلاق النار من جانب روسيا هو الاعتراف بالسيادة على كامل أراضي مناطق جمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية، وزابوروجيا وخيرسون. وهذا يعني أن خيرسون يجب أن تصبح في النهاية روسية.
ولكن في إطار "صفقة الحبوب"، تطالب روسيا برفع جميع القيود المفروضة على بنك "روسيل خوز بنك" وغيره من المنظمات المالية المشاركة في التجارة الدولية للأغذية والأسمدة. وإضافة إلى ذلك تصر موسكو على رفع القيود المفروضة على خدمة السفن في الموانئ والعقوبات المفروضة على السفن التي تحمل العلم الروسي والتي تشارك في تجارة المواد الغذائية.
وكما كتبت صحيفتا "الغارديان" و"أكسيوس"، فإن إدارة ترمب مستعدة لقبول شروط موسكو حتى تتمكن المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية من التدفق من دون انقطاع إلى السوق العالمية. وتشمل قائمة الشروط أيضاً انخفاض كلف التأمين على الشحن وزيادة الوصول إلى الموانئ وأنظمة الدفع لإجراء مثل هذه المعاملات.
ما الذي اتهم به ترمب روسيا؟
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة مع "نيوز ماكس" إن روسيا تؤجل اتفاق السلام مع أوكرانيا من أجل ضمان شروط أكثر ملاءمة لنفسها. وأوضح أن هذا النوع من المماطلة معروف لديه جيداً في عالم الأعمال. وقال إنه لجأ إلى هذه الطريقة أكثر من مرة في الماضي.
وأضاف، "أعتقد أن روسيا تريد وضع حد لهذا، لكن ربما يماطلون لكسب الوقت. كما تعلم، أفعل هذا منذ سنوات عديدة. لا أريد توقيع عقد، أريد البقاء في اللعبة نوعاً ما، لكن ربما لا أريد فعل ذلك".
وعندما سأل مراسل "نيوز ماكس" ترمب، هل ترجح أن روسيا تماطل لكسب الوقت بسبب الوضع في ساحة المعركة؟ أجاب الرئيس الأميركي بأنه محتمل، لأنه هو نفسه، كرجل أعمال، قد فعل ذلك مراراً. مع ذلك أضاف أنه ليس متأكداً من ذلك. وأعرب عن ثقته في أن موسكو مهتمة بإنهاء الصراع.
وفي الوقت نفسه أعرب عن ثقته في أن موسكو وكييف تريدان "إنهاء هذا الأمر". ليس الأميركيون (هم من يموتون)، لكن هذا لا يهمني في هذا الصدد. أنظر إلى صور ساحات القتال، وأفضل ألا أراها أصلاً. لكن ترمب اشتكى قائلاً "هناك أذرع وأرجل ورؤوس في كل مكان".
ونبه إلى أن الجيشين الأوكراني والروسي يخسران ما معدله 2500 جندي أسبوعياً. وقال إنه رأى صوراً من ساحة المعركة، وأن "الأسلحة المستخدمة سخيفة للغاية. هناك كثير من الحديث عن الطائرات المسيرة الآن. أريد فقط أن يتوقف هذا الأمر".
مفاوضات الرياض
في الـ24 من مارس الجاري احتضنت العاصمة السعودية الرياض مشاورات بين خبراء من روسيا والولايات المتحدة، وصفتها واشنطن بأنها "مفاوضات غير مباشرة" بين موسكو وكييف. وكما هو معروف، كان ممثلو أوكرانيا يجلسون في الغرفة المجاورة. وظهرت التصريحات الرسمية في شأن نتائج المفاوضات بعد يوم تقريباً من انتهائها. وكان تجديد صفقة الحبوب أحد أصعب المواضيع في المفاوضات.
طالبت روسيا الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على بنك "روسيل خوز بنك" وغيره من المؤسسات المالية المشاركة في التجارة الدولية للأغذية والأسمدة. وطلب الجانب الروسي أيضاً إعادة ربطهم بشبكة سويفت، لكن الصعوبة تكمن في أن الولايات المتحدة لا تستطيع اتخاذ مثل هذه الخطوة من دون موافقة الاتحاد الأوروبي.
وتتعهد الولايات المتحدة المساعدة في استعادة روسيا قدرتها على الوصول إلى السوق العالمية للمنتجات الزراعية والأسمدة. وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة اضطرت إلى تقديم ضمانات لكل طرف حول مطالب أساسية من أجل التوصل إلى اتفاق.
وأكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف أنه لا يوجد شيء جديد في مطالب موسكو، مشيراً إلى أن جميعها كانت موجودة في النسخة السابقة من هذه الصفقة، ولكن لم يتم تنفيذها. وأضاف المتحدث باسم الكرملين "بالطبع، هذه المرة يجب أن تسود العدالة، وسنواصل عملنا مع الأميركيين".
وأوضح بيسكوف أن بوتين أمر بحظر توجيه ضربات إلى منشآت الطاقة الأوكرانية في إطار وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ ويجري تنفيذه من قبل الجيش الروسي. لكن وزارة الدفاع الروسية أفادت لاحقاً أن كييف لم تلتزم هذه الشروط، "وفعلت كل ما في وسعها لتعطيل الاتفاقات الروسية الأميركية في شأن التدابير الرامية إلى حل الصراع".
تشكيك روسي في نيات ترمب
ينظر الروس عامة بكثير من الدهشة والشك لمساعي ترمب الهادفة لوقف الحرب بين بلادهم وجارتها أوكرانيا، ويتساءلون عن مدى براءة الفائدة التي ستجنيها أميركا الواقعة على بعد آلاف الكيلومترات من منطقة الصراع؟ هنا يعتبر أستاذ الدراسات الأوروبية بكلية العلاقات الدولية بجامعة سانت بطرسبورغ الحكومية ستانيسلاف تكاتشينكو في حديث مع "اندبندنت عربية" أن ترمب لم يتوقف أبداً عن ممارسة الضغوط على روسيا، في جميع مراحل سياسته، وأنه كان يتقدم خطوتين إلى الأمام ثم يتراجع خطوة إلى الوراء، وبحسب قوله، يجب ألا ننسى أن ترمب ليس صديقاً لموسكو، بل هو رئيس للولايات المتحدة.
وقال تكاتشينكو، "بالنسبة إليه، كل من سواه خصومه، سواء خصومه أو شركائه الذين يحتاج إليهم لبناء علاقات وعقد صفقات. إن أبرمت الصفقة من دون تهديدات، فهذا جيد، وإن لم تبرم، فليبذل كل ما في وسعه لإبرام اتفاق مرض". وأضاف، "ليس من قبيل المصادفة أنه في الـ28 من مارس، أفادت قنوات (تيليغرام) المخصصة للصراع في أوكرانيا، أن طائرة استطلاع أميركية من طراز (بوينغ آر سي 135) كانت تجمع البيانات فوق البحر الأسود".
وبحسب تكاتشينكو، فإن الرئيس الأميركي يروج من ناحية لأجندة إيجابية بينها رفع العقوبات عن روسيا، ومناقشة خيارات مختلفة لمراقبة وقف إطلاق النار في البحر أو فيما يتعلق بمنشآت الطاقة، لكن ومن ناحية أخرى، يحاول إفهام بوتين أنه يملك الموارد اللازمة للضغط على موسكو.
هذا هو أسلوب الدبلوماسية الأميركية. ترمب يجري المفاوضات بهذه الطريقة تحديداً، من خلال الضغط على خصمه، بحسب ما يؤكده المحلل السياسي.
رد الدوما على ترمب
علق نائباً مجلس النواب الروسي (الدوما) أليكسي تشيبا وروزا تشيمريس على كلام الرئيس الأميركي بأن روسيا "تماطل" في الموافقة على عملية وقف إطلاق النار مع أوكرانيا، إذ يعتقد نائب رئيس مجلس الدوما للشؤون الدولية، أليكسي تشيبا، أن ادعاءات ترمب تتناسب مع عملية التفاوض، معرباً عن ثقته في أن الرئيس الأميركي توصل بالفعل إلى فهم مفاده أنه من غير الواقعي حل النزاع بطريقة تضمن تنفيذ جميع الاتفاقات "إما في يوم واحد أو في شهر واحد". وقال "إذا كان ترمب يعتقد أن روسيا ربما كانت تثير كثيراً من الأسئلة هنا، وهذا كان يؤدي إلى نوع من التأخير، ففي الواقع، من الواضح ببساطة أن الرئيس الأميركي أراد أن يقول إن هذا الاتفاق يثير كثيراً من الأسئلة".
وبحسب النائب، ينبغي مناقشة "العديد" من الفروق الدقيقة خلال المفاوضات، فمدة الاجتماع في الرياض، والذي استمرت 12 ساعة تؤكد أن كل تفاصيل الاتفاق تحتاج إلى دراسة متأنية. ويؤكد أليكسي تشيبا أن القضايا المتعلقة بالاتفاق على وقف الهجمات على منشآت الطاقة وفي البحر الأسود يجب تحليلها بعناية.
وتعتقد عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما روزا تشيمريس أنه لا ينبغي للمرء أن يأخذ كلام ترمب، الذي "يعرف بتفاخره وأسلوبه البيزنطي في الحكم"، على أنه شكوى، مضيفة "إنها دائماً لعبة، ليس فقط من جانب المفاوضين الأميركيين، بل أيضاً من الجانب الروسي. اللعبة الرئيسة هي أننا ندافع عن مصالحنا، وسنتمسك بها".
بوتين نفسه وصف المحادثات في السعودية بأنها تقرب السلام، لكن الحرب مستمرة، وهناك حاجة إلى مزيد من الجنود كوقود لها، لن يكون هناك تناوب ولا استرخاء. كل هذا لا يبدو إطلاقا وكأنه نهج سلام. كل ما نحتاج إليه هو أن نفهم القيود، بما في ذلك القيود المادية، التي تعوق "القيصر" وتمنعه من تنفيذ عملية التناوب في الجيش. ربما يريد تنفيذ ذلك، لكنه لا يستطيع، لأن هذه الحرب خلفت بالفعل ما لا يقل عن 200 ألف قتيل و500 ألف مشوه.
وتقول الاستخبارات البريطانية إن إجمال عدد الضحايا يقترب من مليون شخص. كما أن الحرب مستمرة، وهناك حاجة إلى الناس. وبطبيعة الحال لن يكون هناك أي دوران أو أي استرخاء.
ومن الواضح أن روسيا هاجمت ولم تتمكن خلال ثلاثة أعوام من تحقيق ما أعلنته هي نفسها كأهداف لها. لو سئل أي من المؤيدين لبوتين قبل ثلاث سنوات عما إذا كانوا يوافقون على أنه في غضون ثلاث سنوات سيكون هناك ما يقارب مليون ضحية بين قتيل وجريح، وما إذا كانوا يوافقون على إجراء عمليات عسكرية على أراضي منطقتي كورسك وبيلغورود، وما إذا كانوا يوافقون على إجبار عشرات الآلاف من الناس على مغادرة منازلهم، وأن هذا سيسمى حماية السكان الروس، لما وافقوا على ذلك. وهذا ليس دفاعاً عن المصالح الروسية، بل كارثة كاملة لكن الدعاة الروس لا يستطيعون قول ذلك، ولذلك يقولون إننا في حاجة إلى الاتحاد.
وخلال مارس مر اليوم الذي يصادف مرور 25 عاماً على تولي بوتين السلطة. إذا نظرنا فقط إلى الأرقام الجافة، فإن عدد سكان روسيا لم يزد خلال الأعوام الـ25 الماضية، بل انخفض. ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى حروب بوتين، لأن السكان الذكور في أوج عطائهم يتعرضون للموت في مفارم اللحم على خطوط المواجهة. وهناك كثير من الحديث عن كيف أننا "نهضنا من كبوتنا". ربما نهض رجال الأوليغارشية الذين يشكلون حاشية بوتين، لكن الشعب الروسي ما زال مقيماً في الفقر والعوز والأزمات المتوالية.
هذا ما يريده القيصر!
الخروج من الحرب في الواقع نت دون تحقيق نصر واضح وجلي يشكل خطورة استراتيجية على بوتين. لقد أصبح الأمر الآن بمثابة نوع من التخدير العسكري - سنشد أحزمتنا، ولن نتوقف عند استرجاع مقاطعة كورسك، وما إلى ذلك. عندما تنتهي الحرب لن يتغير شيء. سيستمر الاقتصاد في إنتاج الأسلحة بدلاً من السلع الاستهلاكية. لن يتحسن الأمر، لكن هذا التخدير سيختفي.
ربما يريد بوتين إنهاء الحرب، ولكن كل الارتفاعات في شعبيته مرتبطة بقصص النصر في الحروب: الحرب في الشيشان، والحرب في جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم، والتدخل في سوريا والصفعة المفاجئة التي تلقاها مشروعه هناك، والحرب الأسوأ التي تدور رحاها حالياً. ولذلك، سيكون من الصعب للغاية على بوتين بعد النكسة في سوريا الخروج من هذه الأزمة إلا وهو يرفع شارة النصر، ليس على أوكرانيا وحدها، بل وعلى الغرب الجماعي الذي يناصرها.
ومع ذلك تدرس الولايات المتحدة تخفيف بعض القيود للسماح بعودة الصادرات الزراعية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية. هذه نقطة بالغة الأهمية فللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ترفع واشنطن العقوبات عن موسكو بدلاً من فرضها. هذا أوضح دليل حتى الآن على التقارب بين الولايات المتحدة وروسيا، وإشارة واضحة إلى نية ترمب اللعب وعقد الصفقات مع الأقوياًء حتى ولو كانوا من المنبوذين.
طبعاً النقاش في الوقت الراهن يقتصر فقط على تخفيف بعض القيود حتى تتمكن الصادرات الروسية من المنتجات الزراعية والأسمدة من العودة إلى الأسواق العالمية. وفي الواقع، لم تخضع المنتجات الغذائية والأسمدة الروسية قط للعقوبات الغربية، لكن الصادرات تعطلت بسبب قطع البنوك الروسية عن نظام سويفت للدفع العالمي. وقد أدى هذا إلى ارتفاع التعريفات الجمركية وتأخير المدفوعات - حتى عند التجارة عبر الحدود مع الدول الصديقة. وهذا هو السبب الذي يجعل موسكو تريد رفع العقوبات عن بنك "روسيل خوز بنك" المملوك للدولة وإعادة ربطه بشبكة سويفت.
يمكن القول إن هذه الخطوة ليست سوى لبنة واحدة في جدار العقوبات المحاصر لروسيا، لكن إلغاؤها سيصبح رمزاً مهماً. وتعاون حلفاء أوكرانيا والغربيون لبناء جدار محاصرة روسيا، والآن يبدأ داعمها القوي في هدمه.
ربما يكون الأمر الأكثر سوءاً بالنسبة إلى أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين هو أن بوتين يبدو أنه حقق هذا الهدف من دون التنازل عن كثير. فروسيا وافقت على وقف إطلاق النار في البحر، لكن هذا بعيد كل البعد من وقف إطلاق النار الكامل، الذي يطمح إليه ترمب وأوكرانيا. وعلاوة على ذلك، جرى التوصل إلى مثل هذا الاتفاق للمرة الأولى في يوليو (تموز) 2022 كجزء من مبادرة الحبوب في البحر الأسود. وانسحبت روسيا من الاتفاق عام 2023، نتيجة لعدم رضاها عن العقبات التي واجهتها في تصدير الغذاء والأسمدة.
لذا، قد لا يكون لوقف إطلاق النار في البحر تأثير كبير في الصراع نفسه. ستكون عواقبه على واشنطن وموسكو أشد وطأة. بالنسبة إلى الرئيس ترمب، يعد هذا تباهياً ودليلاً على أنه اتخذ خطوة نحو السلام. أما بالنسبة إلى القيصر بوتين، فهذه أول خطوة لروسيا للخروج من عزلتها.
يستغل الكرملين ميزته ليضع نفسه في مواجهة البيت الأبيض الحريص على إظهار أن ترمب هو الزعيم الوحيد القادر على جلب السلام إلى أوكرانيا.
ظاهرياً، يبدو الاتفاق الذي توصل إليه المفاوضون الأميركيون في السعودية وكأنه تنازل تلو الآخر للكرملين، بحسب ما ذكرت صحيفة "غارديان". فقد اتفقت روسيا وأوكرانيا على وقف الهجمات على سفن كل منهما في البحر الأسود، ولكن إعلان البيت الأبيض عن الاتفاق لم يتضمن حتى التفاصيل الدقيقة.
وفي بيانه، قال الكرملين إنه لن يفرض وقف إطلاق النار في البحر الأسود إلا بعدما تخفف الولايات المتحدة العقوبات على المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية، وتزيل العقوبات عن بنك "روسيل خوز بنك"، وهو بنك حكومي كبير يخدم القطاع الزراعي في روسيا، من القائمة.
وتشير صحيفة "الغارديان" إلى أن هذا من شأنه أن يكون أول تخفيف كبير للعقوبات ضد روسيا منذ بداية الصراع الأوكراني، وإلى أن موسكو ستسعى إلى الحصول على ثمن مضاعف لإنهاء العمل العسكري ضد أوكرانيا أي تنازلات سياسية وعسكرية من كييف وخروج روسيا من العزلة الدولية.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن إدارة ترمب مستعدة للتوصل إلى مثل هذه الصفقة الباهظة الثمن. ويكتب الباحث المتخصص في الاقتصاد الروسي جانيس كلوج أن "فن عقد الصفقات الروسي يتمثل في تقديم المطالب الروسية على أنها تنازلات للأميركيين، ثم المطالبة بتخفيف العقوبات. المطلب هنا هو عدم السماح لأوكرانيا بعد الآن بمهاجمة السفن الحربية الروسية، والسماح لروسيا بتفتيش السفن الأوكرانية".
لكن أي تخفيف للعقوبات على روسيا سيكون مرهوناً باستعداد أوروبا لاتخاذ خطوات مماثلة، غير أن الاتفاق الذي توصل إليه في السعودية لا يزال يمثل إعادة توجيه رئيسة للدبلوماسية حول أوكرانيا ويترك أوروبا أكثر عزلة في احتواء روسيا.
وتقول شبكة "سي أن أن" التلفزيونية إن الصراع الأوكراني سيؤدي إلى إصلاح شامل للبنية الأمنية في أوروبا. وهذا أحد أهداف بوتين، الذي يريد إقامة نظام عالمي جديد تلعب فيه روسيا دوراً قيادياً، وليس إقليمياً.
ترمب يؤمن برغبة بوتين في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع في أوكرانيا، ولكن كييف وحلفاءها الأوروبيين لا يصدقون هذا. من جانبه قال الرئيس الروسي إنه يريد السلام، لكنه رفض التوقيع على الاتفاق عندما أتيحت له الفرصة. في الواقع، يريد بوتين أكثر من ذلك بكثير، وأبعد من مجرد اتفاق لوقف النار والمضي قدماً نحو السلام.
لا يخفي الرئيس الروسي حقيقة أنه، في رأيه، لا ينبغي لأوكرانيا أن توجد كدولة مستقلة مع أنه صرح بأنه لا يهدف لتدميرها كدولة!. وهو أعلن مراراً وتكراراً أنه يريد أن يعود حلف شمال الأطلسي إلى الحجم الذي كان عليه خلال الحرب الباردة، لكن الأهم من كل ذلك هو أنه يريد أن يرى نظاماً عالمياً جديداً، وأن تلعب روسيا دوراً قيادياً فيه.
بوتين وعدد من أركان حكمه الأكثر ثقة جاءوا من جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي). ولم ينسوا أبداً الإذلال الذي شعروا به بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وهم غير راضين عن الطريقة التي تغير بها العالم منذ ذلك الحين.
وصل بوتين إلى السلطة خلال فوضى التسعينيات، عندما انهار الاقتصاد الروسي تحت حكم سلفه بوريس يلتسين واضطر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإنقاذه، وهو ما كان بمثابة إذلال آخر للقوة العظمى السابقة.
ولكن منذ عام 2000، عندما أصبح بوتين رئيساً، أدت أسعار النفط المرتفعة بصورة مطردة إلى جعل روسيا وعديد من الروس أكثر ثراءً من أي وقت مضى. ويومذاك أصبح لروسيا الحق في التصويت، وتمت دعوتها إلى مجموعة الدول السبع، وهي مجموعة من الاقتصادات الرائدة في العالم، وبعد انضمامها أصبح اسمها مجموعة الثماني.
ولكن هذا لم يكن كافياً بالنسبة إلى الزعيم الروسي، بحسب ما قالت المديرة الإدارية لصندوق مارشال كريستينا بيرزينا.
كان بوتين سعيداً بالتخلي عن كل هذا من أجل مواطنيه، باسم أهداف جيوسياسية أوسع. بعد بدء العملية العسكرية الخاصة، استبعدت روسيا من مجموعة الثماني، وخضعت لعقوبات غربية، ونبذت على الساحة العالمية.
وأشار بيرزينا إلى أنه لم يكن كافياً أبداً أن تحتل روسيا "المرتبة الثامنة في مجموعة الدول السبع". هذا لا يتماشى مع فهم روسيا لاستثنائيتها. فهي أكبر دولة في العالم، وأغنى دولة بالموارد الطبيعية، فكيف يمكن أن تكون فقط مجرد لاعب من بين اللاعبين؟
لكي نفهم ما يريده بوتين من المفاوضات الحالية مع الولايات المتحدة، من المهم أن نتذكر أن كلا الجانبين يتفاوضان لأن واشنطن قامت بتغيير جذري في سياستها الخارجية في عهد ترمب، وليس بسبب تغيير جوهري في التفكير الروسي.
يريد ترمب أن ينتهي الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن لأنه التزم ذلك في حملته الانتخابية، حتى لو كان ذلك يعني مزيداً من الخسائر الإقليمية لأوكرانيا، لكن محاولاته وبغض النظر عن براءتها من عدمه، تصطدم بمماطلة ومناورات بوتين الذي يضع العصي الواحدة بعد الأخرى في دواليب قطار السلام الترمبي، لأنه ليس لدى القيصر الآتي من كواليس الاستخبارات كثير ليخسره من المفاوضات.