Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

وجه سوريا يشحب بـ"لون التطرف" والشعب قلق

يخشى تحول بلاده إلى أفغانستان ثانية مع كثرة المقاتلين الأجانب وسطوتهم وانتشار "سيارات الدعوة" حتى في الأحياء المسيحية

أدخل المقاتلون الأجانب رؤى أيديولوجية غالباً ما تكون أكثر تشدداً ولا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوري (اندبندنت عربية)

ملخص

في جولة بمدينة دمشق يمكن مشاهدة أشخاص بزي عسكري يحملون رشاشات ومطلقي اللحى، بعضهم لطخ لحيته الكثيفة بحناء حمراء اللون، وآخرون بشعر طويل، تلك صفات مشتركة لغالب المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا مع تحول الحراك الشعبي السلمي ضد حكم الأسد إلى نزاع مسلح.

أثناء تجوال أحد القادمين من أوروبا إلى دمشق، وفي إحدى الساحات المكتظة شاهد رجلاً يمسك ورقة تشبه الإشارات التي يرفعها أطباء العيون لمعرفة صحة النظر، وتبين أن هذا الرجل يفحص عيون أحد المرضى على قارعة الطريق، حينها قال ممازحاً: هل أنا في أفغانستان؟ هذا الموقف الذي يحكى على سبيل الدعابة يمثل حالاً جديدة تعيشها البلاد.

مرحلة حملت كثيراً من التفاصيل الوليدة يمكن مشاهداتها في الطرقات والشوارع بعد التدفق الواسع إلى مناطق داخل سوريا التي كانت تخضع لحكم الأسد. في جولة بمدينة دمشق يمكن مشاهدة أشخاص بزي عسكري يحملون رشاشات ومطلقي اللحى، بعضهم لطخ لحيته الكثيفة بحناء حمراء اللون، وآخرون بشعر طويل، تلك صفات مشتركة لغالب المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا مع تحول الحراك الشعبي السلمي ضد حكم الأسد إلى نزاع مسلح.

 

على الجانب الآخر، وفي جولة بأحياء دمشق القديمة وأمام الجامع الأموي الأكثر اكتظاظاً، تتحرك نساء منتقبات يحملن أوراقاً فيها إرشادات للنساء، وأوراقاً مطبوعة أخرى تحض غير المحجبات على ارتداء الحجاب، بينما أثار تجوال مركبات تحمل اسم "سيارات الدعوة" بين الأحياء السكنية، وخصوصاً ذات الغالبية المسيحية، جدلاً واسعاً واستياء من هذه الطريقة غير المعهودة، وأظهر مقطع مصور لسوريين قالوا في الفيديو إنهم مسلمون اعترضوا طريق إحدى هذه المركبات وطلبوا منها الرحيل بالقوة.

أبواق ومنشورات دعوية

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تقدمت قوات غرفة "ردع العدوان" من حلب إلى دمشق، وأسقطت حكم بشار الأسد، الذي هرب بطريقة خفية إلى العاصمة الروسية موسكو.

وغرفة "ردع العدوان" التي كان يترأسها الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، كانت تتشكل من أبرز المجموعات الجهادية وقوات المعارضة المتشددة ومنها "هيئة تحرير الشام" بعد انضواء حركات وفصائل في جسم واحد كان أبرزها "جبهة النصرة"، وغالب مقاتليها من تنظيم "القاعدة"، ومنهم مقاتلون أجانب قدموا من دول أوروبية أو عربية، ومنهم تركستان وإيغور وأفغان وغيرهم، استقروا للقتال في البلد لأكثر من عقد من الزمن وكونوا عائلات في مناطق عاشوا بها.

الأمين العام للحركة الوطنية السورية زكريا ملاحفجي قال لـ"اندبندنت عربية"، إن المقاتلين الأجانب لعبوا دوراً كبيراً في الصراع السوري، لا سيما الناحية العسكرية، وهم تقريباً كانوا ثلث الهيئة كما ذكر أحد قياداتها ذات مرة، لكن كان هناك تأثير في المشهد السياسي والاجتماعي، لا سيما مع حصولهم على مناصب قيادية، وأصبح لهم نفوذ في صياغة القرارات مع إدخالهم رؤى أيديولوجية غالباً ما تكون أكثر تشدداً من الفكر المحلي ولا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوري.

وأضاف "موضوع السيارات الدعوية والنشرات التي توزع وتجوال بها في أحياء مسلمة وغير مسلمة أثار حفيظة الناس إلى أن تم إيقافه، لا سيما أن هناك قلقاً من وجود أجانب في الحواجز العسكرية، إضافة إلى أن موضوع الأجانب أثار الاهتمام الدولي فكانت شروط الأميركان لرفع العقوبات هو إبعادهم عن الأدوار القيادية، وكذلك التحفظ الصيني على هذه المسألة".

على طريق التشدد

في غضون ذلك تترقب الأوساط الشعبية وضع حد لهذه التصرفات من الأجانب الذين لا يعلمون كثيراً عن تقاليد البلد وطريقة حياة أهله. يقول كاظم المصري، من دمشق وسافر سابقاً إلى كابول قبل 20 عاماً "هناك اختلاف بالعادات والتقاليد التي يحملها الأجانب، ومنهم أفغان، لا يمكن أن تتحول سوريا إلى نسخة ثانية من أفغانستان البلد الذي عانى الإرهاب والحروب عقوداً حتى تحول إلى بلد متشدد وكان سابقاً يعيش الحضارة، يجب على السلطات أن تضع حداً لتصرفات الأجانب، وهذا مطلب كل السوريين".

 

الباحث القانوني المقيم في باريس فراس حاج يحيى، يشير إلى دور حاسم للمقاتلين الأجانب في سوريا، إذ أسهموا في تغيير موازين القوى بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، وتعزز نفوذهم بحيث تقلد بعضهم مناصب عسكرية رفيعة مثل الإيغوري عبدالعزيز داوود خدابيردي، الذي أصبح قائداً لقوات الحزب الإسلامي التركستاني، كما حصل مقاتلون من جنسيات تركية وأردنية على رتب عالية.

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "تشير التقارير إلى منح الجنسية السورية لبعضهم، مما مكنهم من تولي مناصب سياسية وحكومية مثل الطاجيكي سيف الدين تاجيباييف، الذي أصبح مسؤولاً بارزاً في وزارة الدفاع السورية الجديدة، وهذا النفوذ يعكس مدى سطوتهم في المشهد السوري الجديد".

عن إغلاق الحانات

في تطور آخر أعلنت محافظة دمشق التراجع عن قرار إغلاق عدد من المقاهي والحانات بسبب تقديم مشروبات كحولية غير مرخصة، في وقت ظلت الملاهي الليلية والحانات تعمل بحذر منذ تحرير سوريا خوفاً من الإغلاق، وقال أحد المالكين لمنشأة سياحية تقدم المشروبات الروحية "نتخوف من العناصر الأجنبية، إنهم غير منضبطين، يمكن أن يهاجم أحدهم المنشأة لأنها منشأة محرمة بالنسبة إليهم، العناصر السورية يتفهمون طبيعة المجتمعات أكثر".

مع كل ذلك تتجه الأنظار إلى الحكومة السورية الموقتة، فثمة مطالبات شعبية لإصدار قرارات حكومية رادعة تضع حداً لتصرفات المجموعات الأجنبية، مع تحديات التجنيس التي يرفضها السوريون لآلاف العناصر من المقاتلين. في المقابل تبرر الإدارة الجديدة منح الجنسية لهؤلاء بكونها مكافأة يستحقونها بعدما وقفوا إلى جانب الشعب السوري في صراعه الدائر منذ عام 2013، وعاشوا ظروفاً صعبة نصرة للمجاهدين، فضلاً عن تبريرات قانونية بعد تزوجهم بسوريات وإنجاب أبناء، ولعل السلطات الحالية عقدت عزمها على تجنيسهم مع شرط أن يحافظوا على العيش بطريقة لا تؤثر في السوريين، علاوة عن وجود حالات عديدة لتجنيس مهاجرين إلى سوريا.

المزيد من تقارير