ملخص
نشر الرئيس الأميركي شريطاً مصوراً لحظة استهداف ما قال إنه تجمع لجماعة الحوثي في اليمن، معلقاً أن "هؤلاء الحوثيين اجتمعوا لتلقي تعليمات بالهجوم، عفواً، لن يكون هناك هجوم من قبل هؤلاء الحوثيين".
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفاعلاً جماهيرياً محلياً ودولياً واسعاً بنشره مقطع فيديو لحظة استهداف مقاتلة أميركية لتجمع حوثي كان يصطف على شكل دائري في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، مما أسفر عن مقتل عشرات العناصر التابعين لهم بينهم قادة.
ونفذت المقاتلات الأميركية غارة جوية استهدفت عناصر ميليشيا الحوثي خلال اجتماع لهم في محافظة الحديدة ذات الثقل الاستراتيجي للجماعة الطائفية المتشددة.
وتسبب المقطع بحرج بالغ للحوثيين الذين أخفوا الاستهداف تماماً مثلما ظلوا يخفون أعداد ضحاياهم جراء تلك الغارات التي بدأها سلاح الجو والبحرية الأميركية منتصف الشهر الماضي. فعندما نشر الرئيس الأميركي المقطع ليل أمس الجمعة سارعت الجماعة عبر قادتها وإعلامها إلى التقليل من الغارة واعتبرت أنها استهدفت تجمعاً قبلياً للمعايدة، نافية أن يكون الضحايا تابعين لمقاتليها، مما قوبل بسخط آخر من النشطاء والفاعلين على مواقع التواصل الذين اعتبروا السكوت في الحالين إدانة أخلاقية وإنسانية جديدة توجه إلى الجماعة وتؤكد ما ظلت تتهم به من إخفاء الحقائق، خصوصاً ما يتعلق بخسائرها في العدة والعتاد كسلوك عرف عنها منذ حروبها الأولى مع الحكومات اليمنية المتعاقبة.
ونشر الرئيس الأميركي شريطاً مصوراً لحظة استهداف ما قال إنه تجمع لجماعة الحوثي في اليمن، معلقاً أن "هؤلاء الحوثيين اجتمعوا لتلقي تعليمات بالهجوم، عفواً، لن يكون هناك هجوم من قبل هؤلاء الحوثيين"، وأضاف ترمب على منصات التواصل الاجتماعي "لن يغرقوا سفننا مرة أخرى".
ويأتي هذا التصعيد بعيد ساعات على إعلان الحوثيين تنفيذ هجوم بالصواريخ والطائرات المفخخة زعموا فيه استهداف حاملة الطائرات الأميركية "يو أس أس ترومان" في ادعاء متكرر أعلنت عنه الجماعة خلال الأسبوعين الماضيين من دون توضيحات أميركية تفند صحة هذه الادعاءات.
السكوت المريب
ومن خلال سلسلة تغريدات متطابقة تلحظ أسلوب تعميم الخطاب الإعلامي في طريقة تعاطي الحوثيين مع مجمل التطورات وردود الفعل حيالها، سارعت الجماعة عبر ناشطيها وقادتها إلى سوق معلومات تنفي الاستهداف العسكري وقالت إن الغارة قصفت تجمعاً قبلياً لمجاميع من أبناء تهامة وهي السردية التي قوبلت بسخط وسخرية واسعة لأنها أخفت لأيام خبر سقوط ضحايا وإن كانوا مدنيين والادعاء بأنهم مجرد عناصر قبلية لم تكلف نفسها الإعلان عن سقوطهم ومواساة ذويهم. وعلاوة على ذلك أكد عدد من المراقبين أنه من خلال صور الموقع القريب من سواحل الحديدة وهيئة وهوية الملابس يتضح أن التجمع لعناصر حوثية وقفوا بشكل دائري يتوسطه قادة في مناسبة تعبئة أمنية قرب ثكنة عسكرية وتعاملت معه الجماعة بالتكتم الشديد كما جرت العادة.
واستدل المراقبون بسكوت الجماعة عما وصفوه استثمار الواقعة إعلامياً في حال كان الاستهداف طاول تجمعاً مدنياً بينما تكتموا عنه، لذا رجحوا فرضية استهداف حشد لمقاتليهم وعناصرهم القيادية.
معلومات جديدة عن "صيد ثمين"
وتعقيباً على الكم المهول من النفي الحوثي للتقليل من قيمة الغارة إياها، كشف وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني اليوم عن معلومات جديدة حول الضربة التي أعلنها ترمب تعقيباً على ما وصفها "بالمحاولات المكثفة من ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران ومن يدور في فلكها للتشكيك في دقة المعلومات التي نشرناها أمس حول الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت تجمعاً للميليشيات جنوب منطقة الفازة بمحافظة الحديدة".
وأكد الإرياني أن القيادة المركزية الأميركية "نشرت مشاهد واضحة للعملية، مما دفع الميليشيات إلى نشر معلومات مضللة جديدة في محاولة للتغطية على خسائرها".
وتوضيحاً لتلك النتائج قال إن الضربة الجوية التي نفذتها القوات الأميركية "استهدفت تجمعاً عسكرياً للحوثيين عند الخطوط الأمامية في جبهات جنوب محافظة الحديدة وأسفرت عن مقتل عدد من القيادات الحوثية البارزة"، من بينهم ما وصفه بـ"الصيد الثمين"، إلى جانب "خبراء من الحرس الثوري الإيراني ما زالت الميليشيات تتكتم على أسمائهم خشية التأثير في معنويات مقاتليها".
وأوضح أن الموقع المستهدف "يقع جنوب منطقة الفازة الساحلية بمحافظة الحديدة وهي منطقة عسكرية (مغلقة) تقع على بعد أقل من 10 كيلومترات من خطوط التماس".
وأشار الإرياني إلى أنه منذ إعادة التموضع التي نفذتها القوات المشتركة التابعة للحكومة الشرعية قامت الميليشيات الحوثية بإنشاء سياج حاجز لمنع دخول المدنيين إلى المنطقة.
خبراء إيرانيون ولبنانيون
وكشف الوزير اليمني في تغريدة نشرها على موقع "إكس" عن معلومات جديدة تتعلق بإنشاء استحداثات حوثية جرت حول المنطقة المستهدفة لأغراض عسكرية تتعلق بعملياتها في البحر الأحمر والمياه الدولية "بإشراف خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني"، من بينها استحداث "قناتين بحريتين في منطقتي الفازة والمجيلس تمتدان من وسط مزارع النخيل إلى البحر الأحمر بطول 210 أمتار وعرض 20 متراً وعمق 10 أمتار، مما يعكس استخدام المنطقة لأغراض عسكرية استراتيجية".
وأكد أن "الموقع يعد نقطة تمركز رئيسة لتحضير الهجمات الإرهابية الحوثية وإطلاقها ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب، حيث يضم شبكة أنفاق ومخابئ لمنصات الصواريخ والزوارق المفخخة، إضافة إلى حواجز ترابية لتأمين تحركات الميليشيات".
دقة وتفوق عسكري
هذه الاستنتاجات تؤكد أن العملية الأميركية الأخيرة نجحت في إلحاق خسارة استراتيجية فادحة بالجماعة المدعومة من إيران ظلت تراهن عليها كثيراً في الحصول على مزيد من المكاسب السياسية، مما يظهر انكشاف مخططاتها ويعرض قدراتها العسكرية للقصف في أية لحظة من دون غطاء يذكر، خصوصاً أن الوزير اليمني يشدد على أن "المقطع المصور الذي نشرته القيادة الأميركية يثبت دقة الضربة وأهميتها ويؤكد أنها استهدفت تجمعاً عسكرياً يضم قيادات ميدانية ومشغلين للصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يعكس التفوق العسكري والاستخباراتي الأميركي.
ورأى الإرياني أن هذه العمليات تدحض "أية ادعاءات عن استهداف مدنيين كما تظهر أنها ليست عشوائية، بل هي ضربات نوعية تستهدف مواقع تشكل تهديداً مباشراً للملاحة الدولية وأمن واستقرار المنطقة".
وفند المسؤول اليمني ادعاء الحوثيين بأن الغارة استهدفت تجمعاً قبلياً بقوله "إذا كان التجمع قبلياً كما يزعم الحوثيون وسقط فيه ضحايا مدنيون، فكانت الميليشيات سارعت إلى نشر صور وأسماء القتلى كما فعلت في مناسبات سابقة، إلا أن تكتمها حتى الآن على تفاصيل الغارة ونتائجها ونفيها لما نشر عن العملية يؤكد زيف مزاعمها ومحاولاتها تضليل الرأي العام".
صورة قديمة
وفي محاولة للنفي الذي تحول تالياً إلى حرج شديد، نشر قادة ونشطاء حوثيون صوراً لتجمع قبلي مدني في إحدى المناسبات سرعان ما تبين لاحقاً أنها صور قديمة للقاء مشابه حصل قبل أعوام عدة، وعندما فند الناشطون هذا الادعاء في تعليقاتهم على قادة الجماعة، تجاهل هؤلاء الرد في حين سارع بعضهم إلى حذف التغريدات.
وخاطب حميد رزق أحد أبرز قادة الإعلام التابع للميليشيات الرئيس الأميركي ترمب بقوله "تتفاخر بجريمة تؤكد فشلك وعجزك وأنت تحاول التعويض عن ذلك باستهداف تجمع عيدي مدني يضم مواطنين في لقاء علني مكشوف على ساحل البحر"، مضيفاً "أما نحن فلا يضيرنا أو يعيبنا تقديم التضحيات فداء لغزة وأبنائها".
وفي سياق متصل كشف ثلاثة أشخاص على اطلاع بالضربات الأميركية لشبكة "سي أن أن" الأميركية عن أن الكلفة الإجمالية للعملية العسكرية تقارب مليار دولار في أقل من ثلاثة أسابيع، على رغم أن تأثير الهجمات كان محدوداً في تدمير قدرات الجماعة التي تصنفها واشنطن كـ"جماعة إرهابية".
وأفادت المصادر بأن الهجوم العسكري الذي بدأ في الـ15 من مارس (آذار) الماضي استخدم بالفعل ذخائر بمئات ملايين الدولارات لشن ضربات ضد الجماعة، فيما أعلن مسؤولون دفاعيون أميركيون هذا الأسبوع أن قاذفات "بي-2" في قاعدة دييغو غارسيا تستخدم أيضاً ضد الحوثيين، وسيصار قريباً إلى نقل حاملة طائرات إضافية، فضلاً عن كثير من أسراب المقاتلات وأنظمة الدفاع الجوي إلى منطقة القيادة المركزية.
وأعلن المتحدث باسم الحوثيين اليوم أنهم نفذوا هجوماً بطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، وفي المقابل قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة "إكس" إن الدفاعات الجوية اعترضت طائرة مسيّرة في منطقة العرابا قرب مدينة إيلات.