ملخص
تبدو في الفيديو الذي صور من مركبة خلال سيرها، شاحنة إطفاء حمراء وسيارات إسعاف تسير في الظلام. ثم تظهر سيارة متوقفة خارج الطريق، ويشاهد رجلان يخرجان من سيارة إسعاف أخرى توقفت قربها، أحدهما يرتدي زيّ مسعف والآخر سترة إسعاف. ويسمع صوت يقول "يا رب أن يكونوا بخير"، ويقول آخر "يبدو أنها حادثة".
بعد لحظات يسمع إطلاق نار كثيف وتصبح الشاشة سوداء.
نشر الهلال الأحمر الفلسطيني مقطع فيديو عثر عليه على هاتف محمول لمسعف قتل في قطاع غزة مع زملاء له خلال مارس (آذار) الماضي، ويظهر سيارات إسعاف تحمل شارات واضحة وقد أضاءت مصابيحها مع دوي إطلاق نار كثيف.
وفي الـ23 من مارس الماضي قتل 15 مسعفاً وعاملاً إنسانياً بنيران إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة الذي يشهد حرباً منذ نحو 18 شهراً بين حركة "حماس" وإسرائيل، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني والأمم المتحدة التي وصفت العملية بـ"المروعة".
مقبرة جماعية
والضحايا هم ثمانية مسعفين في الهلال الأحمر وستة عناصر في الدفاع المدني في غزة وموظف في وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا). وعثر الأحد الماضي على جثثهم مدفونة في رفح، في ما سمته الأمم المتحدة "مقبرة جماعية".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته أطلقت النار على "إرهابيين" ومركبات اعتبرها "مشبوهة" كانت تتحرك نحوها، من دون أن تخطر السلطات الإسرائيلية مسبقاً، مشيراً إلى أن مصابيحها كانت مطفأة.
ولكن الفيديو الذي وزعه الهلال الأحمر اليوم يظهر سيارات إسعاف تسير بمصابيح مضاءة.
فيديو ودعاء
وتبدو في الفيديو الذي صوّر من مركبة خلال سيرها، شاحنة إطفاء حمراء وسيارات إسعاف تسير في الظلام.
ثم تظهر سيارة متوقفة خارج الطريق ويشاهد رجلان يخرجان من سيارة إسعاف أخرى توقفت قربها، أحدهما يرتدي زيّ مسعف والآخر سترة إسعاف.
ويسمع صوت يقول "يا رب أن يكونوا بخير"، ويقول آخر "يبدو أنها حادثة".
وبعد لحظات يسمع إطلاق نار كثيف وتصبح الشاشة سوداء.
وخلال مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة بنيويورك أمس الجمعة، قال نائب رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني مروان الجيلاني أن الفيديو صوّره رفعت رضوان، أحد المسعفين القتلى بواسطة هاتفه المحمول الذي عثر عليه إلى جانب جثته.
فحص إسرائيلي عميق
وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم إنه يحقق في المسألة وإن "جميع الادعاءات، بما في ذلك التوثيق المتداول حول الحادثة، ستخضع لفحص دقيق وعميق من أجل فهم تسلسل الأحداث وكيفية التعامل مع الموقف".
ونددت حركة "حماس" ضمن بيان بـ"محاولة متعمدة لإخفاء الجريمة عبر دفن الضحايا في مقابر جماعية وتغييب الحقيقة"، معتبرة أن "توثيق المسعف الفلسطيني جريمة إعدام طواقم الإسعاف في رفح يكشف عن الوجه الحقيقي للاحتلال ويفند رواياته المضللة"، وتحدثت عن "جريمة إعدام ميداني بشعة".
وجددت الحركة مطالبة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر "بالتحرك العاجل لتوثيق هذه الجريمة وسائر الجرائم وإحالتها إلى المحاكم الدولية والعمل على محاسبة قادة الاحتلال كمجرمي حرب".
استهداف متعمد
وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني نبال فرسخ اليوم خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في رام الله إن الفيديو "جاء ليفنّد بصورة واضحة وصريحة رواية الاحتلال الذي يستهدف على نحو متعمد مركبات الإسعاف والطواقم الطبية والصحية، ويقوم أيضاً بتسويق رواية كاذبة".
وطالبت "المجتمع الدولي بضرورة إجراء تحقيق مستقل وفوري وعاجل يضمن العدالة للضحايا ويضمن محاسبة كل المتورطين في جريمة استهداف الطواقم التابعة للجمعية"، مشددة على ضرورة "وضع حد لهذا المسلسل المتواصل من الانتهاكات المستمرة والاستهداف المتواصل للعاملين في المجال الطبي والصحي".
وتحدثت فرسخ عن عنصر بين الطواقم "مصيره مجهول"، مرجحة أن "يكون معتقلاً".
وكان مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك قال أمام مجلس الأمن الدولي أول من أمس الخميس "روّعني مقتل 15 من العاملين في المجال الصحي وموظفي الإغاثة، مما يثير مخاوف جديدة حول ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب".
وفي الفيديو ينطق المسعف الذي صوّر الفيديو بالشهادة بصوت مرتجف مكرراً من دون توقف "لا إله الا الله محمد رسول الله".
ويقول "سامحونا يا شباب. يا أمي سامحيني لأنني اخترت هذا الطريق، أن أساعد الناس"، ويضيف، "يا رب تقبلنا، نتوب إليك ونستغفرك. تقبلني شهيداً، الله أكبر".
وفي اللحظات الأخيرة من الفيديو، يسمع وهو يقول "جاء اليهود، جاء اليهود"، ويستخدم الفلسطينيون إجمالاً كلمة اليهود للإشارة الى الجنود الإسرائيليين.
وبينما كان إطلاق النار متواصلاً، يسمع صوت رجل يتحدث باللغة العبرية يقول "انتظروا، نحن آتون. نحن لسنا مسؤولين، أنتم المسؤولون". ولم تعرف هوية المتحدث وإلى من يتوجه بالكلام.
وأثار مقتل المسعفين صدمة حول العالم، وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن "فريقاً أول من المسعفين قتل بنيران القوات الإسرائيلية في الـ23 من مارس الماضي، وإن فرق طوارئ وإسعاف أخرى تعرضت للهجوم الواحدة تلو الأخرى على مدى ساعات أثناء بحثها عن زملائها المفقودين".
وذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أن المسعفين كانوا أصلاً متوجهين لتلبية نداءات مدنيين حاصرهم القصف في رفح.
وروى مدير مكتب "أوتشا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة جوناثان ويتال عبر مداخلة عبر الفيديو من دير البلح، أنه لدى العثور عليهم، كان المسعفون "لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي ويضعون القفازات"، متحدثاً عن "مقبرة جماعية".
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "جرت تغطية الجثث بالرمال وملاءات من القماش من أجل حفظها" حتى تنسيق عملية إجلائها.