Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

إسرائيل تنتهج سياسة "الظمأ" لزيادة الضغط على الغزيين

أوقفت إمدادات المياه إلى القطاع المحاصر والجيش يدمر خطوط الإمداد ويحرق محطات التنقية

خط مياه "ميكروت" الإسرائيلي يوفر 70 في المئة من حاجات غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

فجأة بدأ سكان غزة يعانون أزمة مياه وأخذ العطش يقسو عليهم، حتى أصبح حلق الغزيين جافاً تماماً، وتحولت المياه إلى شيء نادر يصعب الحصول عليه، لتضاف هذه المشكلة إلى رزمة من معضلات الحياة لدى سكان القطاع الذين يعانون محدودية الطعام والوقود والكهرباء والماء.

عندما شقشق ضوء النهار، حمل أكرم غالونات المياه الفارغة وعلى عربة يدوية جرها إلى محطة التحلية القريبة منه، ما إن وصل المكان إلا ووجده حجارة متناثرة ومحروقاً بالكامل إثر قصف إسرائيلي.

"إنها حرب العطش" يقول الأب أكرم الذي يقسم أن أطفاله ناموا ليلتهم الماضية عطشى، وأن حلقه ينتظر شربة ماء ترويه، بسرعة بدأ الرجل يبحث عن أي مصدر آخر للمياه يعبئ منه غالوناته الفارغة تماماً.

لا مياه للاستخدام الآدمي ولا حتى للشرب

 بعد بحث طويل في حارته والحارات المجاورة لم يجد أكرم أي مصدر مياه يروي عطش عائلته التي تضم أطفالاً، وعندما عاد إلى بيته من دون أي قطرة ماء، وجد خزان منزله المخصص للاستخدام المنزلي فارغاً، إذ استهلكت زوجته الكمية القليلة فيه لأغراض المنزل وتنظيف المراحيض.

صرخ الأب بصوت عال "لا يوجد ماء في المنطقة، يبدو أننا ننتظر أياماً صعبة، يجب تقليل استهلاك المياه بأي شكل كان" لكنه سكت فترة قصيرة، وحدث نفسه "كيف نعمل على ترشيد المياه أكثر من ذلك؟ يبدو أنني تحدثت هراء من تعبي وحيرتي".

جال أكرم مرة أخرى شوارع حارته، وسأل جيرانه عن مياه الاستخدام المنزلي، لكن الجميع يعاني أزمة سواء كانت للشرب أو الاستخدامات المختلفة، فمنذ أيام لم تصلهم المياه من البلديات أو أية مصادر أخرى.

كيف بدأت أزمة المياه؟

فجأة بدأ سكان غزة يعانون أزمة مياه وأخذ العطش يقسو عليهم حتى أصبح حلق الغزيين جافاً تماماً، وتحولت المياه إلى شيء نادر يصعب الحصول عليه، وتضاف هذه المشكلة إلى رزمة من معضلات الحياة لدى سكان القطاع الذين يعانون محدودية الطعام والوقود والكهرباء والماء.

في خضم العملية العسكرية الإسرائيلية على شرق غزة، قصفت الطائرات المقاتلة المنطقة بعنف كبير، واستهدفت محطة لتحلية المياه ودمرتها الغارة الجوية بالكامل، ثم بعد ذلك حرقها الجيش وحول جميع معداتها إلى رماد.

 

 

تسبب قصف محطة تحلية المياه في أزمة عطش ونقص حاد في المياه الصالحة للشرب، ولكن ليست هذه أزمة المياه الوحيدة التي يعانيها الغزيون، إذ أيضاً أوقفت أو عطلت إسرائيل خط المياه الذي تُزود به غزة للاستخدام الآدمي، وتسبب ذلك في أزمة مياه إضافية لكن هذه المرة في مياه الاستخدام المنزلي.

وفي التفاصيل، يشرح متحدث بلدية غزة حسني مهنا قائلاً إن "إسرائيل تسببت في انقطاع مياه شركة ’ميكروت‘ العبرية عن الخط الرئيس المغذي لها، إذ ينفذ الجيش عملية عسكرية بدأها في تلك المنطقة، من غير الواضح أسباب انقطاع هذه المياه إذا كانت الأنابيب تعطلت بسبب القصف أو أن تل أبيب أوقفت إمداد غزة بالماء".

إسرائيل ترفض التوضيح

قبل الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة لم يكن لدى القطاع اكتفاء ذاتي في المياه، وكانت إسرائيل تزود غزة بنسبة 20 في المئة من حاجاتها اليومية من المياه، إذ تشتري غزة من شركة "ميكروت" العبرية المياه وتدفع ثمنها.

وما إن بدأت الحرب حتى أوقفت إسرائيل تزويد غزة بالمياه، كذلك منعت إمدادات الغذاء والدواء والوقود والكهرباء، ولكن بعد ضغط أميركي عادت وأوصلت القطاع بخط من مزود المياه نفسه، وأصبحت غزة تعتمد على ذلك الخط بنسبة 70 في المئة.

اقرأ المزيد

بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيادة الضغط على قطاع غزة، إذ أغلق المعابر وفرض حصاراً كاملاً على السكان ومنع عنهم حتى المساعدات الإنسانية، وبعد ذلك أوقف ربط غزة بالكهرباء إذ كان تيار الطاقة الإسرائيلية يغذي محطة تحلية المياه وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، كما هددت تل أبيب بوقف إمدادات المياه عن القطاع.

حتى اللحظة لم تعلن إسرائيل وقف إمدادات المياه عن غزة، ولم يوضح منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان إذا كان المستوى السياسي أو الأمني في تل أبيب قد قرر قطع المياه عن القطاع، بل واعتذر عن الحديث.

أزمة الوقود مشكلة إضافية تحرم السكان من المياه أيضاً

بغض النظر عما إذا كان توقف المياه عن غزة بقرار إسرائيل أو نتيجة العمليات العسكرية، فإن المحصلة واحدة، وهي أن القطاع اليوم من دون أية مياه، وبات السكان عطشى ينتظرون قطرة ماء تبلل عروقهم وتروي ظمأهم.

يوضح متحدث البلدية حسني مهنا أن انقطاع المياه عن غزة يعد أزمة كبيرة، ويقول "كمية المياه المتبقية تقدر بنحو 30 في المئة ومصدرها الآبار الجوفية، ولاستخراج المياه منها نحن في حاجة إلى محروقات، لكن إسرائيل تمنع إدخال الوقود إلى غزة".

 

 

ويضيف مهنا "خلال أيام لن يكون في غزة أي مصدر مياه، بخاصة أن إسرائيل تستهدف منظومة المياه وسبل إمداداتها من خلال تدمير الآبار الجوفية ومحطات التحلية، إذ دمر الجيش 719 بئراً للمياه وأخرجها عن الخدمة".

السكان يفكرون في كيفية تقليل الاستهلاك

مباشرة بدأت أزمة المياه تظهر في غزة، يقول كمال "لا تصل إمدادات بلدية غزة إلى مناطقنا، نحصل على المياه من شاحنات توزيع المياه، وهذه القوافل لم تدخل أحياء سكنية منذ ثلاثة أيام، هذا يعني أننا لن نستطيع غسل وجوهنا ولا الاستحمام ولا حتى شرب المياه".

أما باسم فإن بيته فارغ تماماً من مياه الاستخدام المنزلي، واتصل بالعشرات من بائعي المياه لكن لم يحصل على إجابة من أحد، ويقول "قبلنا قلة الطعام وتأقلمنا مع الجوع، لكن كيف سنتعامل مع أزمة العطش وجفاف الحلق؟".

يستهلك منذر في اليوم الواحد سبعة ليترات من المياه، سواء كان للشرب أو الاستخدامات المختلفة، ويفكر في ترشيد هذا الاستهلاك لكن لا يجد طريقة، ويقول "أريد غسل وجهي وتنظيف حمامي وغسل ملابسي، الإنسان إذا لم يستحم يمرض، أريد أن أشرب، لا أعرف كيف أخطط لترشيد الاستهلاك القليل أساساً".

المزيد من تقارير