ملخص
ساوثهامبتون يهبط من الدوري الإنجليزي الممتاز بأسرع وتيرة في التاريخ، مسجلاً أحد أسوأ المواسم. بين إخفاقات التخطيط واختيار المدربين، يكشف الكرواتي إيفان يوريتش عن "أخطاء متراكمة لأعوام" أدت إلى هذه الكارثة، بينما يبحث الفريق الآن عن بداية جديدة في الدرجة الأولى.
بعد ساعتين فقط من إقرار مصير ساوثهامبتون، تحدث أحد المدربين عن مواجهة "أسوأ موسم في التاريخ".
لم يكن ذلك المدرب هو إيفان يوريتش، بل روبن أموريم بموهبته في المبالغة المبتسمة. وذلك رغم أن الكرواتي الصريح يوريتش كان قد صرح في وقت سابق من الأسبوع، قائلاً "لا أريد أن نذكر كأسوأ فريق في تاريخ البريميرليغ".
إذا كان لكل فريق طموح، فهذا بالتأكيد أكثر الطموحات إهانة للكرامة. هبط ساوثهامبتون بأسرع وتيرة في التاريخ، ومني حسابياً بالهبوط مع بقاء سبع مباريات، وبات التشويق الوحيد في موسمهم يرتكز على محاولة مساواة أو تجاوز الرقم القياسي لأقل عدد نقاط في موسم واحد، المسجل باسم ديربي كاونتي برصيد 11 نقطة.
كل شيء بات يعتمد على مواجهة ليستر سيتي بقيادة رود فان نستلروي، لكن ساوثهامبتون سيخوضون تلك المواجهة من دون يوريتش، الذي تمت إقالته إما بسبب النتائج الكارثية أو بسبب تقييمه الصادق لانهيار الفريق.
إذا كان الهبوط قد أقر بهزيمتهم أمام توتنهام، أول من أمس الأحد، فهذا لم يكن سوى تأكيد للحتمية، فربما، نظراً إلى صعوبة مواسم الفرق الصاعدة، كان ساوثهامبتون محكوماً عليه بالفشل منذ لحظة فوزه على ليدز في نهائي الملحق الموسم الماضي، لكنه أصبح حتمياً بلا شك بعدما جمع نقطة وحيدة فقط في أول تسع مباريات، واللحظة الأكثر تعبيراً عن موسمهم جاءت مبكراً أمام نيوكاسل الذي لعب بـ10 لاعبين، ورغم ذلك سيطر على الكرة، لدرجة دفعت حارس مرمى المنافس أليكس مكارثي، بعد تلقيه تعليمات لفعل أشياء لا يحسنها، لتمرير الكرة إلى إيساك الذي مرر لزميله جويلينتون الذي سجل هدفاً.
خارج هامبشاير قد يذكر موسم ساوثهامبتون بإخفاق فكرة النتيجة الحتمية عندما تصطدم المثالية المضللة بواقع قاس.
في اللحظات الحاسمة، قبل أن ينفصلوا عن المنافسة، وقبل أن يكتشف يوريتش أنهم أصبحوا بعيداً من حد الإنقاذ، كانوا يشبهون نسخة مفرطة من بيرنلي بقيادة فينسنت كومباني.
في 16 مباراة قبل إقالة راسل مارتن، ارتكب ساوثهامبتون 11 خطأً نتج منهم أهداف مباشرة (إضافة إلى أخطاء أخرى لم تسفر عن أهداف).
كان يورغن كلوب قد وصف أسلوب "الغيغنبرسينغ" (الضغط المضاد) بأفضل صانع ألعاب، لكن الخصوم اكتشفوا أن ساوثهامبتون يمكنهم صناعة الفرص لهم، والدوري الإنجليزي صعب بما يكفي على الفرق الضعيفة من دون أن يهدوا للمنافسين هدفاً تلو الآخر.
قبل الصعود، كان راسل مارتن يعتقد أن أسلوبه الإداري سيكون أكثر ملاءمة للبريميرليغ، نظراً إلى قلة عدد المباريات وزيادة وقت التدريب. لكنه استنتج لاحقاً أن لاعبيه ليسوا بمستوى أسلوبه الكروي، وكان كثر قد أدركوا ذلك بالفعل، بل رأى بعضهم أن المدرب نفسه ليس بالمستوى المطلوب.
مع انعكاس عناده عليه، أصبح مارتن من دون قصد دعاية للبراغماتية: فالمثالية من دون الكفاءة الكافية أدت إلى كارثة.
كان على ساوثهامبتون إما أن يقيل مارتن في ذروة نجاحه بعد الصعود، ليظهر واقعية في البحث عن مدرب أكثر كفاءة للمهمة ويسمح له بالمغادرة وسط تعاطف كبير وسمعة في أوجها، أو أن يجبره على الاستمرار طوال الموسم.
لقد كان الصعود إنجازاً رائعاً، وحقوق البث التلفزيوني البالغة 100 مليون جنيه استرليني (127.76 مليون دولار) لا تقدر بثمن، لكنه أصبح مهندساً لموسم كارثي.
عندما تمت إقالة مارتن، كان الفريق قد جمع خمس نقاط فقط من 16 مباراة، وكان الاتجاه واضحاً، وإذا كان إيفان يوريتش قد جمع أربع نقاط من 14 مباراة (أي أداء أسوأ)، وإذا كان هو الآخر يعاني أوهاماً، فإنه دفع ثمن الانضمام من دون إدراك أن الوضع كان ميؤوساً منه بالفعل.
وأصبح موسم ساوثهامبتون المثال الأبرز على تولي ربان زمام سفينة غارقة منذ أن صعد إدوارد سميث إلى "تيتانيك" عام 1912.
لم يلحظ يوريتش حجم الفجوات إلا بعد فوات الأوان، وبعدما قبل سابقاً تدريب روما عقب فصل المدرب صاحب الشعبية دانييلي دي روسي بشكل مفاجئ، يحتاج الكرواتي الآن إلى تعلم كيفية تفادي "المغامرات المستحيلة" في المستقبل.
اتخذ يوريتش قرارات غريبة، مثل استخدام لاعب الوسط جو أريبو في خط الدفاع، لكنه صمم خططاً ممتازة لمواجهتي "أولد ترافورد" و"أنفيلد". لقد تقدم ساوثهامبتون في كلتا المباراتين، وإن كان من دون جدوى، وهو نمط تكرر بخسارتهم 25 نقطة من مراكز تقدم في النتيجة، مما يؤكد مرة أخرى افتقارهم للبراغماتية والثبات النفسي والصلابة الدفاعية والعمق.
إن مغادرة يوريتش، حتى قبل نهاية الموسم، كانت مجرد تسريع للحتمية. لقد كان ضحية ثانوية لكارثة الموسم، بعدما عانى هزائم كثيرة جعلت استمراره مع اللاعبين أو الجماهير مستحيلاً.
ربما أدت صراحته المفرطة إلى إقالته، لكن على ساوثهامبتون استخلاص بعض الدروس من حديثه الجريء إذ تحدث يوريتش، الأحد الماضي، عن "أخطاء ارتكبها النادي خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية". أو بصيغة أخرى، تحت ملكية "سبورت ريبابليك".
وهذه هي الهزيمة الثانية المذلة والباهظة الثمن، وكانت الأولى أسوأ، عندما أنفقوا 160 مليون جنيه استرليني (204.42 مليون دولار).
وقال يوريتش "التعاقدات هي كل شيء في كرة القدم"، وقد أنفق ساوثهامبتون 100 مليون جنيه هذا الموسم مقابل 10 نقاط فقط.
وكانت تشكيلة الفريق غير متوازنة، إذ ضمت عدداً مفرطاً من لاعبي قلب الدفاع، ونقصاً في القوة البدنية في بعض المواقع (خصوصاً خط الوسط)، وضعف في الجودة في مراكز أخرى.
وسيذكر بن بريريتون دياز كصفقة فاشلة، وماكسويل كورنيه كإعارة غريبة، وما كان عليهم التعاقد مع ريان فريزر، كما ما كان على مارتن الإصرار على جاك ستيفنز كقائد.
ورغم أن ترتيب الدوري يشير إلى عكس ذلك، فإنهم قد يمتلكون في الواقع نصف فريق جيد، لكنهم الآن على وشك فقدان هذا النصف الجيد.
كانت أفضل تصديات آرون رامسديل التعيس تأتي في خضم الهزائم، وهو في حاجة إلى ملاذ آمن في منتصف الجدول لتفادي الهبوط مرة أخرى، كذلك لن يجلب لهم تايلر ديبلينغ 100 مليون جنيه استرليني كما يطلبون لبيعه لكنه يمتلك موهبة.
ماتيوس فيرنانديز الموهوب لم يستطع التأقلم حقاً في الفريق، بينما كايل ووكر بيترز أصبح على بعد شهرين من نهاية عقده، ولا يزال ساوثهامبتون عالقاً مع بعض صفقات (2022 - 2023) مثل كمالدين سليمانا على سبيل المثال الذي يبدو مصمماً على الرحيل.
تضمنت كلمات يوريتش الوداعية تحذيراً من وجود "مشكلات ضخمة في عديد من الجوانب"، لكن هناك أيضاً عوامل قد تمهد لتحقيق الانتصارات الموسم المقبل، مثل آدم أرمسترونغ وكاميرون آرشر (المعارين)، كما أن لديهم نوعية اللاعبين المتميزين للدرجة الأولى وغير المؤهلين للبريميرليغ ممن يتم تجاهل مثل تايلور هاروود بيليس (خبير الصعود) مع أندية البريميرليغ، وقد يعود فلين داونز إلى مستواه المعهود.
كل هذا يتطلب مدرباً مناسباً، وإذا أصبح داني رول (مدرب شيفيلد وينزداي السابق والمساعد سابقاً في ساوثهامبتون) متاحاً، فقد يكون الخيار الأمثل.
في الوقت الحالي، يدير الفريق سيمون روسك موقتاً للمرة الثانية. وهذا المدرب الهادئ حقق تعادلاً سلبياً مع فولهام في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ببساطة لأن أحداً لم يرتكب أخطاء كارثية، مما يقدم لمحة عن سيناريو بديل كان ممكناً.
لو اعتمدوا أسلوباً أقل تدميراً للذات، لكانت النتائج أفضل. ولكان ساوثهامبتون هبط على الأرجح، لكن ليس بهذه الصورة المخزية، والهبوط والاتهامات المتبادلة، كان على فريق "القديسين" أن يندم على كارثة بدت للجميع متوقعة ولا داعي لها.
© The Independent