ملخص
يمثل رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، عودة الحكم العسكري للسودان، هذا البلد الذي كثيراً ما ارتبط تاريخه بالعسكر منذ بدايات تأسيسه.
... وتحقق حلم والد عبدالفتاح البرهان برؤية ابنه يصبح ذا شأن عظيم في السودان، فالمنام الذي رآه الوالد منذ سنين طويلة، تحقق عام 2019، حين بات البرهان حاكماً فعلياً للبلاد بعد عزل عمر البشير.
وصار للرجل عدد كبير من المؤيدين والمعجبين أيضاً، وله علاقات محلية ودولية واسعة، حتى إن العقوبات الأميركية طاولته، فبات ضمن لائحة مطلوبين مشهورين ومتهمين بجرائم حرب.
ولم يعُد الحلم حلماً، فأصبح واقعاً مريراً وصعباً بذكريات وتظاهرات أليمة وقتلى. ومن يعرف الرجل يقول إنه لم يسعَ إلى السلطة يوماً وإنه أضعف من أن يطالب بها أو ينتزعها، لكن حين حانت فرصته وأمسك بزمام الأمور، تربع على عرش الدولة مع جنوده وجنرالاته، وتناسى الحكم المدني ووعوده بانتقال سلس للسلطة.
ليس خطيباً بليغاً على المنبر، ولا أقواله باتت شعارات لدى محبيه، بل يتصرف وفق ما تقتضيه المصلحة الآنية ويبدل مواقفه بما يخدم موقعه، ومن أبرز صفاته أنه متمسك بالسلطة وبقوة ومن دون أية نية للتخلي عنها لا قريباً ولا في المستقبل البعيد.
عودة الحكم العسكري
يمثل رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان عودة الحكم العسكري للسودان، هذا البلد الذي لطالما ارتبط تاريخه بالعسكر منذ بدايات تأسيسه، فحلّ المؤسسات الانتقالية بما فيها الحكومة، ويخوض حرباً طاحنة ضد قوات "الدعم السريع" التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي".
نشأ في أسرة دينية تتبع الطريقة الختمية، وهي إحدى الطرق الصوفية الكبرى في السودان التي كان لها دور سياسي بارز ممثل بالحزب الاتحادي الديمقراطي، المنافس التقليدي لحزب الأمة. يوصف البرهان من قبل عدد من زملائه بأنه "شخص يتسم بالاعتدال وظل عسكرياً ملتزماً بعيداً من الانتماء إلى أي تنظيم سياسي"، لكن الحرب الدائرة حالياً بيّنت ارتباطه بجماعة "الإخوان المسلمين".
وتشير تقارير إلى أنه أشرف على مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن ضمن التحالف بقيادة السعودية، بالتنسيق مع قوات "الدعم السريع" بقيادة "حميدتي" قبل اندلاع النزاع المسلح بين الطرفين. يظهر دوماً ببزته العسكرية مع الأوسمة على كتفيه ويحظى بقبول واسع وسط جنود وضباط القوات المسلحة ووسط عامة الشعب.
البداية
في فبراير (شباط) عام 2019 أعلن الرئيس السابق عمر البشير عن تعديلات في قيادات الجيش، شملت ترقية البرهان من رتبة فريق ركن إلى فريق أول وتوليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة.
وفي الـ11 من أبريل (نيسان) 2019 تصدر المشهد السياسي في السودان بعد الإطاحة بالبشير الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً.
وظهر الرجل في ميدان الاعتصام أمام مقر القوات المسلحة، وانتشرت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يتحدث إلى رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ (معارض) الذي كان يهتف مع المعتصمين بسقوط النظام.
ويقال إن البرهان من بين الشخصيات التي أبلغت البشير بعزله من رئاسة البلاد، ومما ساعد في تقبله جماهيرياً، بخاصة في عز التظاهرات التي اجتاحت الخرطوم عام 2019، أنه تميز آنذاك عن بقية رجال البشير بأنه غير مطلوب على ذمة أية قضية من القضايا المرفوعة إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث صدرت في حق كثير من معاوني البشير مذكرات توقيف بسبب اتهامهم بارتكاب جرائم حرب.
رئاسة المجلس العسكري الانتقالي
تولى البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد استقالة الفريق أول وزير الدفاع عوض بن عوف تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، بعد يوم واحد فقط من توليه رئاسة المجلس، وقاد البرهان المجلس خلال فترة انتقالية صعبة ومضطربة تميزت بالاحتجاجات والمطالب الشعبية الملحة.
وفي أغسطس (آب) عام 2019 توصل إلى اتفاق تاريخي بين المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير"، أسفر عن تشكيل مجلس سيادي مكون من أعضاء عسكريين ومدنيين.
يمثل رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان عودة الحكم العسكري للسودان، هذا البلد الذي لطالما ارتبط تاريخه بالعسكر منذ بدايات تأسيسه
كان الهدف من هذا المجلس قيادة السودان نحو مرحلة انتقالية تمتد لثلاثة أعوام تنتهي بإجراء انتخابات ديمقراطية، وتولى البرهان رئاسة مجلس السيادة الذي يعد السلطة العليا في البلاد وأشرف على تنفيذ بنود الاتفاق ومراحل الانتقال السياسي.
في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 حلّ البرهان مجلس السيادة والحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك، معلناً حال الطوارئ في البلاد بعد ساعات من اعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين المدنيين في السودان، من بينهم حمدوك.
وبرر البرهان هذه الخطوة بأنها تهدف إلى "تصحيح مسار الثورة" وتعهد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في يوليو (تموز) عام 2023.
حالياً، يقود البرهان القوات الحكومية في الصراع ضد قوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وبرزت التوترات بينهما حول دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش الوطني وقضايا أخرى تتعلق بالسلطة والنفوذ.
وفي أبريل (نيسان) عام 2023 تصاعدت التوترات إلى مواجهات مفتوحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية.
قوة السلاح المغرية
تولى عبدالفتاح البرهان السلطة العسكرية وسط وعود ومطالبات وتطلعات بأن يفي الجيش بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام المحتجين والشعب، وهو العمل على حماية السودان مع تسليم السلطة إلى المدنيين عقب انتخابات ديمقراطية وشفافة، ولكن بمرور الوقت زادت قوة المجلس العسكري وتطلعاته، وزادت معهما قوة البرهان الذي أضحى الرقم الأصعب في المعادلة السودانية، بخاصة بعد التحالف آنذاك بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بقيادة "حميدتي".
في غضون ذلك، وقع الشرخ الأكبر بين البرهان والثوار إثر واقعة مهاجمة خيم اعتصام السودانيين في الثالث من يونيو (حزيران) عام 2019، مما تسبب في مقتل عشرات المدنيين (قيل إن العدد وصل إلى 128 قتيلاً)، إلى جانب مئات الجرحى والمفقودين. و ووجهت المعارضة المدنية اتهامات خطرة للجيش وقوات "الدعم السريع" حينئذ بمحاولة إخفاء الجريمة عبر رمي الجثث في نهر النيل قبل أن يصار إلى استخراجها، وعلى رغم التحقيق الذي فتح في الواقعة، فإن النتائج لم تفضِ إلى شيء.
علاقات البرهان الخارجية
بعد انهيار المحادثات بين المحتجين والمجلس الانتقالي أجرى البرهان و"حميدتي" زيارات إلى مصر والإمارات والسعودية في مايو (أيار) عام 2019، وقصد البرهان مصر في الـ29 من أغسطس عام 2023، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي بمدينة العلمين.
تولى عبدالفتاح البرهان السلطة العسكرية وسط وعود ومطالبات وتطلعات بأن يفي الجيش بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام المحتجين والشعب، وهو العمل على حماية السودان مع تسليم السلطة إلى المدنيين عقب انتخابات ديمقراطية وشفافة
وتعد دول الخليج من بين الجهات المانحة الرئيسة للسودان، وفور سقوط البشير أودعت 500 مليون دولار في البنك المركزي بالخرطوم. وكانت الوديعة جزءاً من حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار تهدف إلى "الحفاظ على نفوذ دول الخليج في السودان"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
كذلك عزز البرهان علاقات بلاده مع قوى عالمية ولاعبين إقليميين، بما في ذلك واشنطن وإسرائيل. فالتقى في فبراير (شباط) عام 2020 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020 أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب توصل السودان وإسرائيل إلى اتفاق سلام، وأرجع البرهان توقيع الاتفاق مع إسرائيل إلى "اقتناع الحكومة بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب بمختلف أديانهم وأعراقهم".
وعقب إقالة حمدوك، أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن تطورات السودان ستؤثر في دفع عملية السلام مع إسرائيل، وذكرت أن حمدوك والمدنيين لم يكونوا متحمسين لها على عكس العسكريين بقيادة البرهان الذين يدفعون باتجاه تنفيذ الاتفاق.
وفي السياق نفسه نقلت حينها صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصدر إسرائيلي أنه "في الوضع الحالي يفضل دعم البرهان لا حمدوك".
علاقة البرهان بـ"الإخوان المسلمين"
اندلعت حرب كلامية عنيفة بين قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وقيادات في تنظيم "الإخوان" الذي تقاتل كتائب تابعة له مع الجيش في حربه الحالية المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 ضد قوات "الدعم السريع".
وجاءت الحرب الكلامية على خلفية تصريحات أدلى بها عبدالحي يوسف القيادي في "الحركة الإسلامية" السودانية التي تضم تنظيم "الإخوان" الذي كان يعتبر من أكبر داعمي الجيش، تبعتها تغريدة من المصباح طلحة قائد كتيبة البراء التي تقاتل إلى جانب الجيش.
وحمل الهجوم اللاذع إشارات مهمة إلى أبعاد الصراع، بخاصة عندما كشف عن خبايا الحرب وما قبلها، ووصف البرهان بأوصاف شديدة السوء وحمله مسؤولية اشتعال الحرب وتطورها.
ومثّل موقف المفتي عبدالحي يوسف المقيم في تركيا انقلاباً مفاجئاً في موقف "الحركة الإسلامية" من قائد الجيش السوداني الذي كانت تسانده منذ بداية الحرب، ويتبنى مواقفها الرافضة للتفاوض مع قوات "الدعم السريع" من دون الاعتراف بوجودها في المشهد السياسي.
وكان يوسف يتحدث خلال محاضرة نظمها مركز "مقاربات للتنمية السياسية" في مدينة إسطنبول التركية وانتشر حديثه على نطاق واسع داخل السودان.
ووصف قائد الجيش السوداني بأنه "شخص غير محترم ولا دين له، وأن الحركة الإسلامية لا تثق به، لأنه خائن لله ورسوله".
وقال يوسف إن "البرهان أعجز من أن يقضي على الحركة الإسلامية لأن الإسلاميين موجودون حتى داخل مكتبه"، محملاً قائد الجيش السوداني مسؤولية الأزمة السودانية والحرب الدائرة حالياً، وأضاف أن "البرهان يتفق معك على شيء ولا يفي بوعده، بل يفعل نقيضه".
وجرّد عبدالحي يوسف الجيش السوداني من أي انتصار في الحرب الدائرة مع قوات "الدعم السريع"، قائلاً إن "كل الانتصارات يعود فضلها إلى لـ’المجاهدين" الإسلاميين الذين يقاتلون تحت مسمى ’المقاومة الشعبية‘".
ووجد حديث عبدالحي يوسف ردود أفعال واسعة وسط السودانيين الذين اعتبروه "تأكيداً متأخراً على ما ظلت تردده القوى السياسية السودانية بأن الإسلاميين من أنصار نظام البشير السابق هم من أشعلوا هذه الحرب من أجل العودة للسلطة".
لكن البرهان قال خلال مخاطبته لعدد من الضباط والجنود في منطقة أم درمان العسكرية إن الجيش ملك لكل السودانيين وليس لجهة بعينها، ومن أرسل مقاتلين "فليأتي ليأخذهم"، مضيفاً "سمعنا شخصاً ضلالياً وتكفيرياً يقول إنه لا وجود للجيش وهذا كذب".
وبعد دقائق من كلام البرهان، غرد المصباح طلحة قائد كتيبة البراء الداعمة للجيش في صفحته على "فيسبوك"، منتقداً تصريحات قائد الجيش السوداني ومدافعاً عن يوسف.
وأثارت تصريحات يوسف وقائد كتيبة البراء غضباً كبيراً في أوساط كبار ضباط الجيش الذين طالب بعضهم باستبعاد كتيبة البراء والكتائب "الإخوانية" كافة من مراكز القرار في الجيش، مشيرين إلى أخطار كبيرة تحيط بالجيش بسبب علاقته بتلك الكتائب، وتأتي هذه التطورات في ظل اتهامات واسعة لتنظيم "الإخوان" باختطاف الجيش والسيطرة على قراره.
وعلى رغم أن الجيش السوداني كثيراً ما نفى هذه العلاقة، إذ صرح رئيس المجلس السيادي بأن "الجيش خالٍ من الكيزان"، في إشارة إلى أنصار النظام السابق من "الإخوان"، فإن التنظيم "أثبت وجوده" كأحد الداعمين للجيش منذ البداية عند اندلاع الحرب وما تلاها من أحداث.
وتؤكد مصادر سياسية أن الخلافات بين البرهان و"الحركة الإسلامية" التابعة للتنظيم العالمي لـ"الإخوان المسلمين" حول السيطرة على قرار الحرب بدأت بالخروج إلى العلن، مما يفتح الباب حول من ينقلب على الآخر في النهاية.
في المقابل يقول مصدر سياسي سوداني ضمن تصريح صحافي إن البرهان يظهر أنه كان مدركاً بأن الدعم المطلق الذي يقدمه له "الإخوان" ليس من فراغ، وإنما لمآرب تخصهم، وذات يوم سيظهرون له بوجههم الحقيقي.
ويؤكد أن البرهان أحاط نفسه بعدد من الميليشيات التي صنعها على أساس قبلي بينها "درع السودان والأورطة الشرقية"، فضلاً عن المرتزقة الأجانب من مجموعة تيغراي الإثيوبية وآخرين من إريتريا، في موازاة الميليشيات الإسلامية التي كانت تحيط به من كل جانب.
ومعلوم أن البرهان في صراعه مع جماعة "الإخوان" ليس وحده وأن دولاً خارجية من خلفه تريده أن ينفرد بالسلطة، لذلك تدعمه بالخطط والمعلومات والسلاح، في مواجهة "الإخوان" الذين بدورهم يسندون ظهورهم إلى دول تساعدهم وتمدهم بالسلاح والمال كي يعودوا للسلطة مجدداً.
و"الإخوان" من خلال ميليشياتهم المسلحة واختراقهم للجيش كانوا يريدون السيطرة على البرهان ليكون تحت أمرهم كما كانوا يفعلون مع الرئيس السابق عمر البشير.
من جهته جزم المحلل السياسي عمر محمد النور بأن العلاقة بين قائد الجيش السوداني و"الحركة الإسلامية" ستصل إلى نهاياتها قريباً لأن الطرفين يطمعان في الانفراد بحكم السودان، وأكد أن أمام البرهان تجربة الرئيس السابق عمر البشير مع "الحركة الإسلامية" التي نصبته رئيساً صورياً، بينما كانت هي الحاكم الفعلي، مبيناً أن الوقائع تشير إلى أن البرهان سيتعظ من تلك التجربة.
عقوبات على البرهان
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد الجيش السوداني الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي تُتهم قواته بتنفيذ هجمات على مدنيين، في خطوة تأتي بعد أيام من خطوة مماثلة استهدفت قائد قوات "الدعم السريع".
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن "هذا القرار يثبت التزامنا إنهاء هذا النزاع"، المتواصل منذ أبريل عام 2023 بين الجيش بقيادة البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وآنذاك أعلن وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على البرهان إلى جانب شركة واحدة وشخص واحد متورطين في شراء الأسلحة.
وورد ضمن بيان صادر عن بلينكن أنه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2023، "قرر أن أعضاء القوات المسلحة السودانية ارتكبوا جرائم حرب، ومنذ ذلك الحين، واصل أفراد الجيش تحت قيادة البرهان ارتكاب الفظائع بما في ذلك استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية وإعدام المدنيين".
وأشار إلى أن القوات المسلحة السودانية انتهكت القانون الإنساني الدولي وتجاهلت الالتزامات التي تعهدت بها في "إعلان جدة لعام 2023 للتقيد بحماية المدنيين في السودان".
بعد تخرجه في الكلية الحربية عمل بالعاصمة السودانية متنقلاً بين وحدات الجيش السوداني، كما عمل مع قوات حرس الحدود فترة طويلة، ثم ملحقاً عسكرياً في الصين، وعيّن بعد ذلك قائداً لقوات حرس الحدود، ثم تدرج ليصبح نائباً لرئيس أركان عمليات القوات البرية، وأصبح بعدها رئيسها.
وتابع أن "استخدام القوات المسلحة السودانية لحرمان الغذاء كتكتيك حرب وعرقلتها المتعمدة للتدفق الحر للمساعدات الإنسانية الطارئة لملايين السودانيين المحتاجين بشدة أسهما في أكبر أزمة إنسانية في العالم، مما ترك أكثر من 25 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد وأكثر من 600 ألف يعانون المجاعة".
وإضافة إلى ذلك "عرقل البرهان تقدم السلام، بما في ذلك رفض المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار الدولية في سويسرا في أغسطس عام 2024، كما عرقل البرهان مراراً وتكراراً الانتقال السياسي إلى حكومة مدنية"، وفقاً للبيان.
وقال مصدر دبلوماسي لـ"رويترز" إن سبب هذه الخطوة استهداف القوات المسلحة السودانية للمدنيين والبنية المدنية ومنع وصول المساعدات ورفض المشاركة في محادثات السلام عام 2023.
وأوضح نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو أن "الإجراء يؤكد التزامنا برؤية نهاية لهذا النزاع، وستواصل الولايات المتحدة استخدام أدواتها لعرقلة تدفق الأسلحة إلى السودان وتحميل هؤلاء القادة المسؤولية عن تجاهلهم الصارخ لأرواح المدنيين."
وارتكبت القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان هجمات مميتة على المدنيين، بما في ذلك الغارات الجوية ضد البنية التحتية المحمية مثل المدارس والأسواق والمستشفيات. كما أن القوات المسلحة السودانية مسؤولة أيضاً عن الحرمان الروتيني والمتعمد من وصول المساعدات الإنسانية باستخدام الحرمان من الغذاء كتكتيك حربي.
سيرة
ولد عبدالفتاح البرهان عام 1960 في قرية قندتو بولاية نهر النيل شمال العاصمة السودانية الخرطوم، وتبعد القرية التي ينتمي معظم سكانها إلى قبيلة الشايقية من الخرطوم نحو 173 كيلومتراً، وتعد مدينة شندي التاريخية أقرب المدن إليها.
والده هو البرهان عبدالرحمن البرهان ووالدته صفية الصديق يعود نسبها للشيخ علي الحفيان أحد شيوخ الصوفية في السودان، أما جده فهو عبدالرحمن البرهان المدفون في مدينة العيدج وسط السودان، ويعد قبره هو الآخر أحد مزارات الصوفية.
لعبدالفتاح البرهان سبعة إخوة أشقاء وأختان شقيقتان، كما أن له إخوة وأخوات غير أشقاء من زوجة والده الثانية.
تزوج البرهان فاطمة سليمان ولديه ثلاثة أبناء (ولدان وبنت)، وعاش السنوات الأخيرة قبل ثورة 2019 ضد البشير متنقلاً بين اليمن والإمارات.
الدراسة
درس البرهان المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس قريته، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة شندي القريبة من القرية ليكمل دراسته الثانوية، ثم التحق بالكلية الحربية السودانية ضمن ضباط الدفعة الـ31 وتخرج فيها، وانتدب لدورات تدريبية في مصر والأردن حتى عام 2018.
التجربة السياسية والعسكرية
بعد تخرجه في الكلية الحربية عمل بالعاصمة السودانية متنقلاً بين وحدات الجيش السوداني، كما عمل مع قوات حرس الحدود فترة طويلة، ثم ملحقاً عسكرياً في الصين، وعيّن بعد ذلك قائداً لقوات حرس الحدود، ثم تدرج ليصبح نائباً لرئيس أركان عمليات القوات البرية، وأصبح بعدها رئيسها.
خاض معارك عسكرية مع الجيش أيام حرب الجنوب قبيل انفصال جنوب السودان عام 2011، كما خاض عمليات كثيرة خلال عمله ضابطاً في سلاح المشاة، وعمل مدرباً في معاهد عسكرية بمنطقة جبيت شرق البلاد.
رقاه البشير من رتبة فريق ركن إلى فريق أول في الـ26 من فبراير عام 2018، وعيّنه مفتشاً عاماً للجيش، وعرض عليه تولي منصب والي إحدى الولايات السودانية لكنه رفض.
الوظائف والمسؤوليات
تدرج البرهان في المناصب العسكرية وتقلد وظائف عدة، من أهمها:
الإشراف على القوات السودانية في اليمن بالتنسيق مع محمد حمدان حميدتي منذ عام 2015.
قائد القوات البرية السودانية عام 2018.
رئيس أركان القوات في الجيش السوداني.
عينه البشير مفتشاً عاماً للقوات المسلحة في الـ27 من فبراير 2018.
تولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد استقالة وزير الدفاع الفريق عوض بن عوف في أبريل 2019.
ترأس مجلس السيادة السوداني منذ عام 2021.