ملخص
أغلق مؤشر "ستاندرد اند بورز" 500 على ارتفاع 9.5 في المئة، إذ جاءت استجابة ترمب لمطالب المستثمرين بوقف الحرب التجارية بمثابة انفراجة لآلاف المستثمرين الذين اكتووا بنار الرسوم التي طبقها ترمب في الثاني من أبريل (نيسان) الحالي، وأدت إلى حدوث خسائر بتريليونات الدولارات في أسواق المال.
حالة أقرب للجنون حدثت في "وول ستريت" أمس الأربعاء بعد أن قرر الرئيس الأميركي تعليق الرسوم الجمركية على عدد من دول العالم لمدة 90 يوماً، بعد ساعات من بدء تطبيق قرار الرسوم.
فقد قفزت المؤشرات بصورة جنونية، إذ صعد مؤشر الشركات التكنولوجية "ناسداك المجمع" بنسبة تجاوزت ثمانية في المئة على الفور بعد القرار الأميركي، وهي مكاسب لم يبلغها منذ أكثر من 20 عاماً، قبل أن يغلق على ارتفاع تاريخي عند12.16 في المئة، وهي نسبة لم يصل إليها إلا في يناير (كانون الثاني) من عام 2001.
قفزات بالمؤشر
والحال نفسه للمؤشر المعياري لـ"وول ستريت"، إذ أغلق مؤشر "ستاندرد اند بورز" 500 على ارتفاع 9.5 في المئة، إذ جاءت استجابة ترمب لمطالب المستثمرين بوقف الحرب التجارية بمثابة انفراجة لآلاف المستثمرين الذين اكتووا بنار الرسوم التي طبقها ترمب في الثاني من أبريل (نيسان) الحالي، وأدت إلى حدوث خسائر بتريليونات الدولارات في أسواق المال.
كما قفز مؤشر "داو جونز" الصناعي بنحو 2942 نقطة أو 7.82 في المئة متجاوزاً 40 ألف نقطة، إذ تنفس قطاع الصناعة الصعداء بعد تعليق الرسوم التي أصابت صناعات مهمة على رأسها السيارات الأميركية.
تصريح ترمب
وقال ترمب في منشور على حسابه "تروث سوشيال" إنه سيخفض عدداً من الرسوم الجمركية الجديدة موقتاً، وجاء تعليق الرسوم الجمركية على عشرات الشركاء التجاريين بعد أقل من 24 ساعة على دخولها حيز التنفيذ.
وعلى رغم ذلك، رفع ترمب الرسوم على الواردات من الصين إلى 125 في المئة، وجاءت هذه الزيادة رداً على إعلان الصين فرض رسوم بنسبة 84 في المئة على السلع الأميركية بداية من الـ10 من أبريل. وكانت الرسوم الجمركية المعلنة سابقاً، والبالغة 104 في المئة على الصين دخلت فعلياً حيز التنفيذ في وقت سابق من أمس الأربعاء.
لا تغيير في كندا والمكسيك
كما قال مسؤول بالبيت الأبيض إن قرار الرئيس دونالد ترمب لا ينطبق على كندا والمكسيك.
وأضاف أن الرسوم البالغة 25 في المئة على السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من المكسيك وكندا ولا يغطيها اتفاق التجارة الحرة بين الدول الثلاث لا تزال سارية، وأن الرسوم بنسبة 10 في المئة على الطاقة والبوتاس من البلدين ستظل سارية.
وكانت معظم السلع المستوردة من المكسيك وكندا والمدرجة ضمن اتفاق التجارة استثنيت من الرسوم الجمركية الأميركية واسعة النطاق.
وعلى رغم ذلك، رحب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بقرار الرئيس الأميركي، وقال في منشور على إكس "إن تعليق الرسوم الجمركية المضادة الذي أعلنه الرئيس ترمب هي مهلة للاقتصاد العالمي موضع ترحيب".
قفزة للنفط والذهب
وقفزت أسعار النفط بأكثر من أربعة في المئة، لتتعافى من أدنى مستوياتها في أربع سنوات كانت بلغته في وقت مبكر من الجلسة.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.66 دولار أي 4.23 في المئة إلى 65.48 دولار للبرميل عند التسوية، وقفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.77 دولار أو 4.65 في المئة لتبلغ 62.35 دولار.
كما ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من اثنين في المئة أمس الأربعاء وتتجه لتسجيل أفضل أداء لها خلال جلسة واحدة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مدعومة بالتوجه نحو الملاذ الآمن وسط تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 2.6 في المئة إلى 3059 دولار للأونصة، مقلصاً مكاسبه قليلاً من أعلى مستوى له عند 3100 دولار الذي سجله في وقت سابق من الجلسة.
حالة ضبابية
وبسبب حالة الضبابية في الأسواق، عزف المستثمرون عن الأسهم والسلع واتجهوا نحو الذهب خوفاً من أن تفاقم الرسوم الجمركية التضخم وتعرقل النمو الاقتصادي.
وارتفع الذهب بأكثر من 400 دولار منذ بداية العام وبلغ مستوى غير مسبوق عند 3167.57 دولار في الثالث من أبريل (نيسان) بفضل الطلب القوي على الملاذ الآمن وعمليات الشراء من البنوك المركزية.
وتراجعت عوائد السندات عن أعلى مستوياتها السابقة، وارتفع الدولار في مقابل عملات الملاذ الآمن.
نهج مربك
وقال ترمب للصحافيين عقب إعلانه التراجع عن الرسوم "رأيت الليلة الماضية أن الناس يشعرون ببعض القلق، سوق السندات الآن في حالة ممتازة".
ومنذ عودته للبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، هدد ترمب مراراً بفرض مجموعة من الإجراءات العقابية على شركائه التجاريين، ليتراجع عن بعضها في اللحظة الأخيرة. وأربك هذا النهج المتقطع قادة العالم وأثار قلق رجال الأعمال، الذين يقولون إن حالة عدم اليقين جعلت من الصعب التنبؤ بظروف السوق.
وتراجع ترمب عن الرسوم الجمركية المفروضة على كل دولة ليس نهائياً، إذ أعلن البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية الشاملة بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الأميركية تقريباً ستظل سارية، كما لا يبدو أن هذا الإعلان يؤثر في الرسوم المفروضة بالفعل على السيارات والصلب والألمنيوم.
رسوم مضادة
وكان الاتحاد الأوروبي والصين أعلنا أمس الأربعاء فرض رسوم جمركية على السلع الأميركية رداً على رسوم ضخمة فرضها الرئيس دونالد ترمب، مما صعد حرباً تجارية عالمية أثرت في الأسواق وزادت من احتمالات الركود.
ورفعت الصين أمس الرسوم على الواردات من الولايات المتحدة من 34 إلى 84 في المئة، وذلك بعد ساعات من تطبيق ترمب رسوماً جمركية مضادة بلغت 104 في المئة على السلع الصينية في ظل عدم وجود أي مؤشرات على حل للأزمة بين أكبر اقتصادين في العالم.
رسوم إضافية
وفي الجولة الأولى من الإجراءات المضادة أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه فرض رسوم جمركية 25 في المئة على مجموعة من الواردات الأميركية، وكان الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة يواجه رسوماً جمركية أميركية بنسبة 20 في المئة على معظم المنتجات ورسوماً أعلى على السيارات والصلب.
ودخلت إجراءات مضادة في كندا، الحليف القريب من الولايات المتحدة والشريك التجاري الرئيس لها، حيز التنفيذ أمس الأربعاء.
هزة للنظام العالمي
وكان دخول الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على عشرات الدول ودخلت حيز التنفيذ أمس تسببت في هزة للنظام التجاري العالمي القائم منذ عقود، وتشير تقديرات عدة إلى أن متوسط الرسوم الجمركية في أكبر سوق استهلاكية في العالم كان قد تجاوز 20 في المئة ارتفاعاً من 2.5 في المئة قبل تولي ترمب منصبه.
وقال جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي.مورجان (أكبر بنك بالعالم) إن الرسوم الجمركية الأميركية ستؤدي على الأرجح إلى ركود اقتصادي، وتخلف عن سداد الديون.
خسائر تريليونية
وتلقت الأسواق العالمية ضربة قوية، كما خسرت أسواق الأسهم تريليونات الدولارات خلال الأسبوع الماضي، وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، بينما تخارج مستثمرون من سندات الخزانة الأميركية والدولار، وهما من أصول الملاذ الآمن. وطاولت التداعيات أسواق تمويل الشركات، إذ ارتفعت كلفة القروض بما في ذلك للشركات منخفضة الأخطار.
وأعلنت اليابان وكندا أنهما ستتعاونان لتحقيق استقرار النظام المالي العالمي، وهي مهمة تتولى الولايات المتحدة عادة مسؤوليتها في أوقات الأزمات.
تجاهل الأسواق
وتجاهل ترمب تراجع الأسواق وقدم إشارات متباينة في شأن ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستظل قائمة في الأمد البعيد، واصفاً إياها بأنها "دائمة" مع التباهي في الوقت نفسه بالضغط على قادة الدول لطلب التفاوض.
وكتب ترمب على مواقع التواصل قائلاً "اطمئنوا! كل شيء سيسير على ما يرام، ستكون الولايات المتحدة أكبر وأفضل من أي وقت مضى!".
وأكد ترمب في وقت سابق أن الرسوم الجمركية ستساعد في إعادة بناء قاعدة صناعية تضاءلت على مدى عقود في ظل التجارة الحرة، وأبدى استعداده للتفاوض في شأن إزالة تلك الحواجز مع الشركاء التجاريين على أساس كل دولة على حدة. ويقول مسؤولو الإدارة إن تلك المحادثات قد تتناول المساعدات الخارجية والعسكرية، إضافة إلى الحواجز التجارية.
محاثات مع آسيا وكوريا الجنوبية
وتحدث ترمب بالفعل مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية، ومن المقرر أن يلتقي وفداً من فيتنام بمسؤولين أميركيين.
وقال ترمب أمس: "تلك الدول تتصل بنا، وتتملقني".
وأكد ترمب أيضاً عزمه فرض رسوم جمركية "كبيرة" على واردات الأدوية، مما أدى إلى انخفاض حاد في أسهم شركات الصناعات الدوائية العالمية.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم لن يعطوا الأولوية للمحادثات مع الصين.
وقالت بكين إن لديها "العزم والأدوات" لمواصلة المواجهة، إذا استمر ترمب في استهداف السلع الصينية.
الرد الصيني
وفرضت بكين أيضا قيوداً على 18 شركة أميركية، معظمها في القطاعات المرتبطة بالدفاع، لتضاف إلى نحو 60 شركة أميركية عوقبت بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب.
وواجهت العملة الصينية ضغوطاً نزولية شديدة، لكن مصادر قالت لـ"رويترز" إن البنك المركزي طلب من البنوك الكبرى المملوكة للدولة خفض مشترياتها من الدولار، ولن يسمح بانخفاضات حادة في قيمة اليوان.
محضر اجتماع الفيدرالي
وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أن صناع السياسات أجمعوا تقريباً في اجتماعهم الشهر الماضي على أن الاقتصاد الأميركي يواجه أخطار تباطؤ النمو وتسارع التضخم في الوقت نفسه، وأشار بعضهم إلى أن البنك قد يواجه "مفاضلات صعبة" في المستقبل.
وتتوقع الأسواق بنسبة 72 في المئة خفض سعر الفائدة في الولايات المتحدة في يونيو (حزيران).
ويتطلع المستثمرون حالياً إلى بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، المقرر صدورها غداً الخميس.
تقديرات التجارة الصينية - الأميركية
وقدرت منظمة التجارة العالمية أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تقلص تجارة السلع بين الاقتصادين، بما يصل إلى 80 في المئة.
وقالت المنظمة "نهج العين بالعين هذا بين أكبر اقتصادين في العالم اللذين يمثلان معاً نحو ثلاثة في المئة من التجارة العالمية يحمل آثاراً أوسع نطاقاً، قد تلحق ضرراً بالغاً بالتوقعات الاقتصادية العالمية".
وأضاف بيان للمنظمة أن تقسيم الاقتصاد العالمي إلى كتلتين بهذه الطريقة قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي على المدى الطويل سبعة في المئة تقريباً.