Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

هل تحتاج بريطانيا لمراجعة تعاونها الاستخباراتي مع أميركا؟

علاقات أمنية متشابكة لعقود لكن قلقا يسري في لندن من مستقبلها في ظل إدارة ترمب

رئيس وزراء بريطانيا يتحدث إلى الرئيس الأميركي خلال زيارته إلى واشنطن نهاية فبراير الماضي (غيتي) 

ملخص

يدعو ساسة ومراقبين في بريطانيا إلى مراجعة التعاون الاستخباراتي مع أميركا على ضوء جملة معطيات ظهرت بعد وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، ولكن التحالف الأمني بين البلدين يبدو متشابكا جدا ويصعب على أي منهما التخلي عن الآخر.

قبل أيام انضم رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" جيفري غولدبرغ خطأ إلى مراسلات سرية بشأن العمليات العسكرية الأميركية- البريطانية ضد الحوثيين في اليمن، وعند تفجر الفضيحة عقبت حكومة المملكة المتحدة بالقول إن "التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة متين ومستمر ولن يفسد وده خطأ".

اوضحت لندن  بعد "حادثة أتلانتيك" أنها لا تتدخل في آلية تناقل الدول الأعضاء للمعلومات الاستخباراتية داخلياً، لكنها تعتمد من جانبها في هذا الشأن معايير شديدة الحرص وآليات تدقيق تعرض كل مسؤول بريطاني يتجاوزها إلى المساءلة القانونية، وفي الوقت ذاته تضمن سلامة التعاون مع الحلفاء أمنيا.

طمأنة مجلس العموم بشأن سلامة البريطانيين المشاركين في العمليات ضد الحوثيين، ومتانة التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة، جاءت في سياق رد وزير القوات المسلحة لوك بولارد على تساؤلات أعضاء اللجنة الخارجية في البرلمان، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة قلق نواب ودبلوماسيين.

نقلت شبكة "سكاي نيوز" الإنجليزية عن زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين في البرلمان إيد ديفي، أنه يختلف مع الحكومة بشأن ثقتها المطلقة في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين بريطانيا وأميركا، ودعا إلى مراجعة شاملة للآليات المتبعة في هذا الشأن، فلا يمكن "الوثوق بأن البيت الأبيض في عهد ترمب قادر على اتخاذ أبسط الخطوات للحفاظ على أمن معلوماته الاستخباراتي"، على حد تعبيره.

كذلك أعرب أربعة سفراء بريطانيين سابقين للشبكة ذاتها عن مخاوفهم إزاء التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترمب، وفيما قال السفير السابق ديفيد مانينغ إن بعض المعينين في إدارة البيت الأبيض لديهم "سجلات غريبة قد تخلق مشكلة على الصعيد الأمني"، لفتت السفيرة السابقة كارين بيرس إلى أهمية تبادل المعلومات الاستخباراتية على رغم الحاجة إلى مزيد من الحذر في أعلى مستويات العملية".

اقرأ المزيد

الخشية من تسرب المعلومات هو وجه واحد للدعوة إلى إعادة النظر بآلية التعاون الأمني بين بريطانيا وأميركا، أما الوجه الآخر فهو حاجة المملكة المتحدة إلى استقلالية أو اعتماد أكبر على الذات في هذا القطاع، وهو ما يبدو وفق مختصين وخبراء أمر بغاية الصعوبة ويرتبط بعقود طويلة من تحالف متشابك بين البلدين.

حادثة أخرى وقعت قبل فضيحة "ذا أتلانتيك" استدعت قلق بريطانيا إزاء التعاون الأمني مع أميركا، فقد أمر الرئيس دونالد ترمب الشهر الماضي بعدم مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا سواء عبر وكالات الولايات المتحدة المعنية أو بواسطة دول أخرى في تحالف "العيون الخمس" الذي يجمع بلاده مع بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

رد لندن على قرار ترمب حينها كان أيضا التأكيد على "التعاون الأمني الوثيق والقوي مع واشنطن"، ولكن أسئلة عديدة طرحت بشأن من يمتلك اليد الطولى في هذا التعاون، وهل تحتاج لندن إلى البحث عن علاقات أوسع عالميا في هذا الشأن؟ 

أشار خبراء أمنيين لصحيفة "بوليتيكو" إلى تراجع جمع الوكالات الأمنية في أميركا وبريطانيا للمعلومات عبر العامل البشري خلال العقود القليلة الماضية في مقابل الاستخدام الهائل للتقنية، وهو ما زاد من تشابك العلاقات الأمنية بين البلدين ووسع من آفاق تعاونهما على مستويات مختلفة وحقول عدة.  

وربما تكون لأميركا أدوات أكثر فعالية في جمع المعلومات تقنياً، لكن بريطانيا لديها أصول مهمة تُفيد واشنطن في هذا المجال وأهمها مراكز التنصت في الخارج، وقد لفت مدير برنامج الأمن الدولي في معهد (RUSI) نيل ملفين، إلى "آيوس نيكولاوس" في قبرص كمثال على تلك المراكز وشدد في حديث مع "بوليتيكو" على أهميته الشديدة كمصدر للمعلومات بشأن شرق المتوسط وتحديداً في ما يخص إسرائيل.

مسؤول استخباراتي بريطاني سابق رفيع المستوى، أشار للصحيفة ذاتها إلى أن العمل الأمني بين البلدين وبين دول "العيون الخمس" بشكل عام متكامل إلى حد كبير، فتجد مثلاً أميركيين يعملون على معدات بريطانية والعكس صحيح، وعلى رغم ذلك اعتبر المسؤول قرار ترمب تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا أمراً مقلقاً للغاية ويستحق الوقوف عنده، لكن بقية أعضاء "العيون الخمس" تجاهلوا ذلك.

مصادر "بوليتيكو" تقول إن هناك مقاومة كبيرة في الحكومة البريطانية العمالية لمناقشة حقيقة أن الثقة بالولايات المتحدة قد تلاشت، وفيما يأمل البعض باستعادتها يدعو البعض الآخر إلى الاستعداد للأسوأ، فلم يكن أحد يتوقع أن يصوت الأميركيون ضد أوكرانيا بما يتفق مع مواقف كوريا الشمالية والصين وروسيا وإيران.

 

من جهتها، نقلت صحيفة "الغارديان" قبل أيام عن دان لوماس، الأستاذ المساعد في جامعة "نوتنغهام" والمتخصص في مجال الاستخبارات، أن الولايات المتحدة متفوقة عالمياً من حيث قدراتها ونطاقها وموازنتها، والقلق من عدم وجود بدائل على الأقل في المدى المتوسط أمام لندن في العلاقة الاستخباراتية مع أميركا.

وأشار لوماس إلى إمكانية بحث لندن عن خيارات تعاون أوسع عالمياً في المجال الأمني، وقال إن المملكة المتحدة لديها علاقات ثنائية عديدة مع فرنسا ودول أخرى في هذا المجال، لكنه حذر من أن نطاق أي تغطية أو تعويض في هذا السياق لا يكافئ مع ما تقدمه الولايات المتحدة من معلومات استخباراتية هامة.

تشكل بريطانيا ثاني أكبر مساهم بعد أميركا بما تقدمه لـ "العيون الخمس" من نتاج مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية (جي سي أج كيو) والاستخبارات البريطانية الداخلية (أم أي 5) والخارجية (أم أي 6)، ثم تأتي بنسبة أقل بكثير كل من كندا وأستراليا، أما نيوزلندا فهي تقدم وفق تقارير مختصة معلومة واحدة مقابل 99 تحصل عليها.

بعد أقل من شهرين من تنصيب ترمب اقترح مسؤول كبير في البيت الأبيض طرد كندا من "العيون الخمس" بسبب الخلافات بين واشنطن وأتاوا، لم يجد المقترح آذانا أميركية صاغية حتى الآن ولكن هل يلغي ذلك إمكانية وقوعه غدا، وربما تأتي بعد كندا نيوزلندا التي اعترضت على خطط التحالف ضد الصين في عام 2021؟ 

المزيد من تقارير