ملخص
بعد مقتل يحيى السنوار شكلت "حماس" مجلساً قيادياً خماسياً لإدارة الحركة برئاسة رئيس مجلس الشورى العام في الحركة محمد درويش، ويضم المجلس مسؤولي حركة "حماس" في قطاع غزة خليل الحية وداخل الضفة الغربية زاهر جبارين وفي الخارج خالد مشعل، وأمين سر الحركة نزار عوض الله.
بعد أن قتلت إسرائيل عدداً من قيادييها، وأنهكتها الحرب، وضعت "حماس" تركيبة جديدة لكنها أخفت هويات قادتها الجدد لحمايتهم من التعرض للاغتيال، وسط تساؤلات كثيرة حول مستقبل الحركة داخل قطاع غزة.
بعد هجوم "حماس" غير المسبوق على إسرائيل خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تعهدت الدولة العبرية القضاء على الحركة، وشنت هجوماً عنيفاً على غزة أدى على مدى 18 شهراً إلى مقتل عشرات الآلاف، وإضعاف الحركة وتحويل أجزاء واسعة من القطاع الفلسطيني إلى أنقاض.
وقتلت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وقائدها العسكري محمد الضيف، والعقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر يحيى السنوار، إلى جانب عدد كبير آخر من القياديين الآخرين.
وتواصل الحركة نشاطها العسكري والسياسي لكنها متكتمة على أسماء كبار قادتها، لا سيما في كتائب "عز الدين القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس"، إذ قال مصدر مقرب من القسام لوكالة الصحافة الفرنسية "اسم قائد كتائب ’عز الدين القسام‘ سيبقى سرياً".
ويقول باحثون إن هذا الدور رسى على الأرجح على محمد السنوار الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، والذي أوكلته "حماس" مسؤولية الرهائن الذين اقتيدوا إلى قطاع غزة خلال الهجوم على إسرائيل.
وتقول الخبيرة المستقلة إيفا كولوريوتيس إن محمد السنوار له كلمة "في كل شيء، بما في ذلك المفاوضات وقضية الرهائن الإسرائيليين وإدارة الجناح العسكري".
من جهتها، تقول أستاذة علم الاجتماع السياسي في معهد "إنالكو" لدراسات الشرق الأوسط في باريس ليتيسيا بوكاي إن "شخصية يحيى السنوار كانت فريدة"، وكان المقاتلون يعدونه "بطلاً". وتضيف أن "كون محمد السنوار شقيقه يعطيه هالة من الشرعية".
وعلى رغم تعهد إسرائيل القضاء على "حماس" وعلى رغم تكبد الحركة خسائر فادحة، فإنها لا تزال موجودة تقاتل وتفاوض.
ويقول مؤسس وكالة "صفا" للأنباء في غزة ياسر أبو هين إن خسارة هذا العدد الكبير من قادة الحركة أثرت في "حماس"، "لكن بصورة موقتة فقط"، مضيفاً "هذه الضربات لا تشكل أزمة وجودية، فـ’حماس‘ لديها طريقتها الخاصة في إدارة مؤسساتها ولن تتمكن إسرائيل من القضاء عليها".
ويقول عضو في مكتب الحركة السياسي "امتصت ’حماس‘ الضربات وأعادت صفوفها القيادية، ولديها قدرة على الاستمرار".
وبعد مقتل السنوار شكلت "حماس" مجلساً قيادياً خماسياً لإدارة الحركة برئاسة رئيس مجلس الشورى العام في الحركة محمد درويش، ويضم المجلس مسؤول حركة "حماس" في قطاع غزة خليل الحية، ومسؤول الحركة في الضفة الغربية زاهر جبارين، ومسؤول "حماس" في الخارج خالد مشعل، وأمين سر الحركة نزار عوض الله.
ويضيف القيادي في "حماس" أن تعيين أعضاء المكتب السياسي الجدد "يتم من خلال مجلس الشورى، بناءً على النظام الأساس، ويُعين العضو الذي يلي بعدد الأصوات في آخر انتخابات بديلاً للعضو أو المسؤول" الذي قتلته إسرائيل.
ويتابع أن القرارات "تتخذ بغالبية الأصوات"، لافتاً إلى أن هناك اجتماعات للمكتب السياسي حسب الضرورة، وأُقرت آليات للتواصل والعمل بين المجالس القيادية". ويقول "آلية العمل معقدة وتدمج بين السرية والعلنية".
ويشبه مراقبون آليات العمل في "حماس" بعمل أجهزة الاستخبارات، إذ تقول الباحثة في المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية في باريس ليلى سورا "لن نعرف من هم القادة الجدد، هناك إرادة بالإبقاء على الأسماء سرية والإبقاء على أسلوب القيادة الجماعية"، مضيفة "ليست حركة قائمة على زعامة قائد كاريزماتي".
ويرى المتخصص في شؤون "حماس" ياسر أبو هين أن الحركة مرت بأزمات "وجودية"، مشيراً إلى أن الحركة "تجاوزت تهديداً وجودياً" بعد أن اغتالت إسرائيل مؤسس "حماس" والأب الروحي لها الشيخ أحمد ياسين، ومعظم قادة الصف الأول والقيادات العسكرية والدعوية والتنظيمية خلال عام 2000.
وأضاف أبو هين أن "حماس تجاوزت الأزمة" حينها، مشيراً إلى أن الحرب الحالية ألحقت ضرراً كبيراً في البنية التنظيمية والعسكرية للحركة، لكن "القادة الجدد أكثر تصميماً وتشدداً لمواصلة طريق التحرير".
وعلى رغم ذلك تواجه "حماس" للمرة الأولى منذ عام 2007، تاريخ سيطرتها على قطاع غزة، أسئلة حول استمراريتها في إدارة القطاع.
فإسرائيل ترفض رفضاً باتاً أي دور لها بعد الحرب، وهناك اتجاه عربي واضح يلتقي عليه أيضاً بعض الأوروبيين لتمكين السلطة الفلسطينية وطلب إشرافها على قطاع غزة.
ومطلع مارس (آذار) الماضي، جاء في بحث لمركز "صوفان" داخل نيويورك أن "النقاش الداخلي اشتد إلى حد دفع بعض القادة السياسيين إلى التفكير في الانفصال عن القيادة العسكرية للحركة في غزة".
وقال القيادي في "حماس" موسى أبو مرزوق لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه لو توقعت الحركة "ما حدث، لما كان هناك السابع من أكتوبر 2023".
وتشير الباحثة سورا إلى أن "حماس" غالباً ما شهدت خلافات خلال الـ15 عاماً الماضية في الأقل، خصوصاً بين أولئك الموجودين داخل قطاع غزة وأولئك المقيمين في الخارج، حول "الرؤية الاستراتيجية والربيع العربي والتحالف مع إيران".
وخلال الأسابيع الماضية، عبر عدد من سكان غزة بصورة علنية عن استيائهم الشديد من الحركة بعد حرب حولت القطاع إلى كومة من ركام وأنقاض وغبار.
وفي نهاية مارس الماضي شارك مئات الأشخاص في تظاهرات نادرة بدت عفوية ضد "حماس"، ورددوا هتافات ضد الحركة ومنها "’حماس‘ بره بره"، و"’حماس‘ إرهابية".