ملخص
قررت محكمة الاستئناف في بريطانيا التروي قبل إصدار الحكم في طعن الأمير هاري على قرار القضاء بتجريده من الحماية الشخصية بعد تخليه عن واجباته الملكية، وفيما تقول محامية الأمير إن حياته باتت على المحك، تصر وزارة الداخلية على موقفها في توفير الحماية لدوق وندسور بما يتناسب مع معطيات كل زيارة يقوم بها إلى المملكة المتحدة.
عاد الأمير هاري ليطالب مجدداً بالحماية له ولعائلته عندما يزور بريطانيا، وقف أمام محكمة الاستئناف في لندن معترضاً على حكم قضائي بفقدانه الحق بحراسة مشابهة لبقية أفراد أسرته عندما تنازل عن واجباته الملكية، وراح يشكو خشيته على حياته وحياة عائلته من تهديدات تزايدت منذ أن أصدر مذكراته تحت عنوان "سبير" أو "الاحتياط".
محامية الأمير شهيد فاطمة، تقول إن حياة دوق وندسور تقف على المحك، وحضوره إلى المحكمة ليومين متتالين عكس أهمية المطلب الذي ينادي به، وحقيقة خشيته على حياته وحياة عائلته عند القدوم إلى المملكة المتحدة، لكن خصومها من محامي وزارة الداخلية لم يكترثوا كثيراً لمخاوف هاري.
ملخص دفاع "الداخلية" البريطانية هو أن واقع الحال لن يتغير طالما بقي هاري متنازلاً عن واجباته الملكية، والمعاملة الخاصة التي يطالب بها الأمير خشية مخاوفه الكثيرة هي تماماً ما فعلته الوزارة عندما قررت التعامل مع كل زيارة له إلى المملكة المتحدة وفقاً لظروفها، بمعنى أنه لا يوجد ما يبرر لإثارة القضية مجدداً.
محكمة الاستئناف قالت إنها ستدرس مطالب هاري واعتراضات خصومه بروية قبل أن تتخذ قراراً بشأنها، ومصادر مطلعة لا تتوقع حكماً قبل عيد الفصح، بخاصة وأن القضية تحظى باهتمام إعلامي ومتابعة كبيرة من الشارع ليس فقط لأنها تخص فرداً من أفراد الأسرة الملكية وإنما لأنها تمس أموال البريطانيين ومعيشتهم أيضاً.
كلفة الحماية التي توفرها الدولة للعائلة الملكية يتحملها دافعو الضرائب في المملكة المتحدة، وإن كان الأمر مبرراً ومقبولاً بالنسبة لأفراد الأسرة الذين يؤدون خدمات متعددة للبلاد فإنه يصبح غير واقعي وغير مقبول عندما تصبح الحماية للشخص وليس لدوره وعمله، من وجهة نظر الوزير والنائب المحافظ السابق جاكوب ريس موغ.
المؤرخ المختص بالشؤون الملكية ريتشارد فيتزويليام، يقول إن رأي ريس موغ يعبر عن فئة كبيرة في الشارع البريطاني، لكن ذلك لا ينفي وجود بعض التعاطف الشعبي مع هاري بسبب إرث والدته الأميرة ديانا التي قضت في حادثة سير بباريس عام 1997 عندما كان السائق يحاول التخلص من مصوري الصحف الصفراء.
ويلفت فيتزويليام في حديث مع إذاعة "أل بي سي" إلى أن مخاوف الأمير مستمدة من قصة والدته إلى حد بعيد، فهو متأثر بها جداً ولا يزال يعيش في هواجسها، ومن يقرأ مذكرات هاري التي أصدرها في يناير (كانون الثاني) 2023، يجد نفسه أمام شخص يعاني صدمة حقيقية نتيجة فقدان والدته، على حد تعبير المؤرخ الملكي.
من وجهة نظر فيتزويليام المشكلة الكبيرة في مطالب هاري الأمنية تكمن في زوجته ميغان ميركل التي تحب الشهرة، كما أن دوق وندسور أُبلغ قبل تخليه عن واجباته الملكية بأن عدة مسائل في حياته من ضمنها حراسته الشخصية سوف تتغير، ولا يمكن للبريطانيين دفع كلفة حماية شخص لم يعد يعيش أصلاً في المملكة المتحدة.
في مذكراته قال هاري إنه شعر وزوجته أنهما مجبران على التخلي عن واجباتهما بعد أن فقدا إحساسهما بالأمن وسط العائلة الملكية، وعلى رغم ذلك كانا على استعداد لمساعدة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية في الواجبات الملكية على نفقتهم الخاصة، لكن يبدو أن الأمور سارت بعكس التوقعات مع أفراد عائلة الدوق قبل وبعد وفاة الملكة.
بعد جلسة الاستئناف في قضية حمايته الشخصية نشرت صحيفة "التلغراف" تقريراً تحت عنوان "ربما حان الوقت قريباً للترحيب بالأمير هاري وسط العائلة الملكية مجدداً"، ونقلت الصحيفة عن المؤرخ الملكي آلان كوكراين قوله إن "هاري تصرف بشكل سيئ جداً، ولكن ألم يحن الوقت بعد لإظهار الملك بعض التعاطف معه".
لم يلتق الملك تشارلز الثالث بابنه الأصغر عندما جاء إلى العاصمة البريطانية لندن قبل أيام من أجل حضور جلسات المحاكمة، والسبب وفقاً لكاتب مختص بالشؤون الملكية لم تسمه صحيفة "ديلي إكسبرس"، هو أن الملك لم يضع هذا اللقاء في أولوياته، وسافر مع زوجته الملكة كاميلا إلى إيطاليا في زيارة دولة امتدت لعدة أيام.
قبل نحو 5 سنوات قرر هاري وزوجته التخلي عن واجباتهما الملكية والانتقال إلى أميركا، وفي فبراير (شباط) 2024 صادقت المحكمة العليا البريطانية على تجريد الأمير من الحماية الشخصية المشابهة لبقية أفراد عائلته، واعتبرت أن قرار "الداخلية" في التعامل مع زياراته إلى البلاد وفق مقتضياتها هو عقلاني ومنطقي وغير ظالم.
في الولايات المتحدة واجه أيضاً الأمير هاري مشكلات تتعلق بحمايته وحتى إقامته في ولاية كاليفورنيا، وحتى الأمس القريب كان يخشى ترحليه من قبل دونالد ترمب عندما يصل إلى البيت الأبيض، لكن ترمب قال إنه سيتركه وشأنه لأنه مشفق عليه وهو يعيش صعوبات كثيرة مع "زوجته الفظيعة"، على حد تعبير الرئيس الأميركي.