ملخص
سعى الادعاء العام إلى استصدار حكم بالسجن على رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تصل مدته إلى سبعة أعوام وأربعة أشهر بسبب تعليقات أدلى بها في وقت سابق من هذا العام، انتقد فيها المدعي العام الرئيس في إسطنبول أكين جورليك.
مثل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أهم منافس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمام محكمة اليوم الجمعة لأول مرة منذ اعتقاله الذي أثار ضجة كبيرة الشهر الماضي، وذلك على خلفية اتهامات سابقة بإهانة مدع عام.
وعُقدت الجلسة داخل مجمع محاكم وسجون في منطقة سيليفري بإسطنبول، حيث يُحتجز إمام أوغلو حالياً، وركزت الجلسة على اتهامه بإهانة وتهديد المدعي العام الرئيس في إسطنبول.
"رئيس في القلوب"
ونفى إمام أوغلو الاتهامات في المحكمة، وقال "أنا هنا لأنني فزت بثلاثة انتخابات في إسطنبول، المدينة التي أطلق عليها أحدهم ذات مرة 'إسطنبول التي أحبها'، المدينة التي قالوا عنها ’من يفُز بإسطنبول يفُز بتركيا‘ والمدينة التي ظنوا أنهم يملكونها"، في تلميح واضح لتعليقات سابقة لأردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" الحاكم، وأضاف "أنا هنا لأنني الرئيس في قلوب 86 مليون نسمة"، في إشارة إلى عدد سكان البلاد.
واعتُقل رئيس البلدية في مارس (آذار) الماضي على ذمة المحاكمة بتهم منفصلة تتعلق بالفساد ومساعدة جماعة إرهابية، وهي خطوة أثارت احتجاجات حاشدة وعمليات بيع كبيرة للأصول التركية واتهامات واسعة النطاق بتسييس القضاء.
وسعى الادعاء العام إلى استصدار حكم بالسجن على إمام أوغلو لمدة تصل إلى سبعة أعوام وأربعة أشهر بسبب تعليقات أدلى بها في وقت سابق من هذا العام، انتقد فيها المدعي العام الرئيس في إسطنبول أكين جورليك.
انتقاد المدعي العام
تتضمن لائحة الاتهام، التي قدمتها وحدة جرائم الإرهاب التابعة لمكتب المدعي العام الرئيس، اتهاماً بمحاولة ترهيب جورليك، وحددت المحكمة موعد الجلسة التالية للقضية في الـ16 من يونيو (حزيران) المقبل.
وينفي إمام أوغلو، الذي اختاره حزب الشعب الجمهوري المعارض مرشحاً لانتخابات الرئاسة المقبلة جميع التهم في القضايا الأخرى، قائلاً إن لها دوافع سياسية.
ويتهم حزب الشعب الجمهوري النظام القضائي بتنفيذ أوامر أردوغان، قائلاً إن اعتقال كثير من رؤساء البلديات التابعين له جزء من حملة أوسع لتحييد مسؤولي المعارضة المنتخبين قبل أية انتخابات وطنية مستقبلية، وترفض الحكومة هذه التهم، مؤكدة استقلال القضاء.
اضطهاد سياسي
وقال مساعد مدير أبحاث الشرق الأوسط في مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، ناصر خضور، إن ما يقرب من 220 تظاهرة نُظمت في أنحاء تركيا خلال الأيام الـ10 التي تلت إلقاء القبض على إمام أوغلو وتدخلت الشرطة لتفريق العشرات منها.
وأوضح لـ"رويترز"، "نفت الحكومة مزاعم الاضطهاد السياسي، لكن حظر التجمعات في المدن الكبرى واعتقال ما يقرب من 1900 شخص، منهم صحافيون وشخصيات معارضة، يسلط الضوء على تزايد الاضطراب وتنامي الاستياء من إدارة أردوغان".
الإفراج عن صحافيين استقصائيين
في المقابل أفرجت السلطات التركية الجمعة عن صحافيين استقصائيين تركيين معروفين بكفالة غداة توقيفهما في قضية بيع محطة تلفزيونية، إضافة إلى عشرات الموقوفين في احتجاجات أعقبت توقيف إمام أوغلو.
وكان الصحافيان تيمور سويكان ومراد أغيريل أوقفا في وقت سابق هذا الأسبوع في إطار تحقيق في بيع قناة "فلاش هابر" التلفزيونية لرجل أعمال تركي، إلا أن صحيفتي "بيرغون" وجمهورييت" المعارضتين اللتين يعملان لصالحهما أعربتا عن اعتقادهما بأن الصحافيين أوقفا بسبب تحقيقهما باعتقال أكرم إمام أوغلو.
وصرح سويكان لوسائل إعلام لدى مغادرته المحكمة في إسطنبول، "تعرضنا لظلم كبير... لكننا سعداء لأننا لم نودع السجن"، مشدداً على أنه وأغيريل كانا يقومان بعملهما الصحافي.
أوقف الصحافيان، وهما من أشهر الصحافيين الاستقصائيين في تركيا، صباح أمس الخميس بتهمة توجيه "تهديدات" والابتزاز" أثناء إعداد تقاريرهما عن قناة "فلاش هابر" االتلفزيونة، وصادر مسؤولون معدات إلكترونية من منزليهما.
محاولة إسكات الصحافة
قال رئيس مجلس إدارة "بيرغون" إبراهيم أيدين إن السلطات تحاول إسكات الصحافة، معتبراً أن "هدف الحكومة ليس الجريمة والمجرمين، بل الصحافيون الحقيقيون الذين يكافحون لنقل الحقيقة".
وأثار سويكان وأغيريل أخيراً مخاوف في شأن اعتقال إمام أوغلو.
وبحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" المعنية بحقوق الإعلام، فقد تحدثا أخيراً في مقطع فيديو على "يوتيوب" عن وجود مخالفات في التحقيق مع إمام أوغلو وعدد من رؤساء البلديات الآخرين المنتمين إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة.
وقال سويكان الجمعة إن "على الصحافيين أن يعتادوا على تفتيش منازلهم والاعتقال عند إجراء تحقيقاتهم"، بينما نقلت صحيفة "جمهورييت" عن أغيريل قوله "لن نتوقف عن كتابة ما نعرف أنه صحيح".
وأثار اعتقال إمام أوغلو في الـ19 من مارس الماضي أكبر موجة احتجاجات في تركيا منذ أكثر من عقد، واعتُقل في المجمل 13 صحافياً تركياً في الأقل منذ بدء الاحتجاجات.
ويُتهم الصحافيون بالمشاركة في تجمعات غير قانونية يقولون إنهم كانوا يغطونها في إطار عملهم الصحافي، كذلك اعتُقل صحافي سويدي واحتُجز في أواخر مارس الماضي في إسطنبول، واتهم بـ"الإرهاب" و"إهانة" أردوغان.
الإفراج عن متظاهرين
إلى ذلك، أمرت محكمة في إسطنبول اليوم الجمعة بالإفراج عن 59 شاباً اعتُقلوا لمشاركتهم في تظاهرات مؤيدة لإمام أوغلو، بعد الإفراج عن أكثر من 100 متظاهر الخميس.
وبررت المحكمة قرارها بمراعاة كون البعض منهم "طلاباً" و"احتمال وقف دراستهم" بحسب القرار الذي نشره محامو عدد من المعتقلين الشباب.
وأمرت محكمتان في إسطنبول الخميس بالإفراج عن 107 طلاب في الأقل اعتُقلوا خلال احتجاجات حاشدة إثر توقيف رئيس بلدية إسطنبول المعارض، وفق ما أفاد محاميهم وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت السلطات التركية في الـ27 من مارس الماضي أنها اعتقلت 1879 شخصاً في مدن عدة في جميع أنحاء البلاد، ولم يُعلن عن أية أرقام أخرى مذاك.