توقع البنك الدولي، في تقرير حديث هذا الأسبوع، أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 0.6% خلال 2019، مقابل 1.2% العام الماضي. التوقعات التي ضمّنها البنك الدولي التقرير السنوي تمثل الفترة من الأول من يوليو (تموز) وحتى 30 يونيو (حزيران) الماضي.
التقرير الجديد شهد تراجعا في توقعات النمو لعام 2019 إلى 0.8% مقارنة بتوقعات شهر أبريل (نيسان) 2019، مرجعاً ذلك إلى هبوط أسعار النفط منذ أبريل (نيسان)، والانكماش الأكبر من المتوقع في إيران خلال الفترة الحالية.
وأكد التقرير أن إجمالي الناتج المحلي في مصر سيستمر في قيادة النمو بالمنطقة، وقال إن البيئة العامة للاقتصاد الكلي المصري تحسنت في أعقاب إصلاح سعر الصرف والإصلاحات الأخرى في مجالي المالية العامة والطاقة، ونتيجة لذلك سجّل الاقتصاد المصري معدل نمو قدره 5.4% في النصف الأول من عام 2019، مقابل 5.2% عام 2018.
وعربياً، أشار التقرير إلى أن الآفاق الاقتصادية للمنطقة عرضة لمخاطر سلبية ملموسة، وعلى الأخص منها تفاقم المصاعب الاقتصادية العالمية وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
ويرى التقرير أن زيادة الأنشطة غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات)، وبخاصة في مجال الإنشاءات، قد عوّضت جزئياً الأثر السلبي للانكماش الاقتصادي في إيران على متوسط معدلات النمو بالمنطقة.
فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال إن "بلدان المنطقة نفّذت إصلاحات جريئة لاستعادة الاستقرار في الاقتصاد الكلي، لكن معدل النمو المتوقع أقل من المطلوب وغير كافٍ لخلق فرص عمل للسكان ممن هم في سن العمل والذين تزداد أعدادهم بشكل سريع".
وأضاف "لقد حان الوقت للقيام بإجراءات قياديّة شجاعة وبعيدة النظر لتعميق الإصلاحات، وإزالة العوائق أمام المنافسة، وإطلاق العنان للإمكانات الهائلة التي يتمتع بها 400 مليون شخص في المنطقة، بوصفهم مصدراً للطلب الجماعي الذي يمكن أن يحرك النمو والوظائف".
ويتوقع البنك الدولي أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بالمنطقة على المدى المتوسط بنسبة 2.6% عام 2020، و2.9% عام 2021، مرتكزا في توقعاته على محرك الارتفاع المتوقع في معدل النمو في المقام الأول في زيادة الاستثمارات في البنية التحتية بدول مجلس التعاون الخليجي، وانتعاش الاقتصاد الإيراني مع تلاشي آثار العقوبات الأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد التقرير على أن المنافسة غير العادلة تنتج عن الأسواق التي تهيمن عليها الشركات المملوكة للدولة والشركات ذات العلاقات السياسية، مما يثبّط الاستثمار الخاص ويحدّ من فرص العمل ويمنع عدداً لا يُحصى من الشباب الموهوبين من الازدهار.
وأشار التقرير إلى أنه رغم أن النمو الاقتصادي قد كان المحرك الرئيس للحد من الفقر حول العالم، لكن مع تباطؤ النمو فإن تآكل مستويات معيشة الطبقة الوسطى قد يضيف الكثيرين لصفوف الفقراء، وهو ما يزيد من التحديات التي تواجه الأهداف الإنمائية المستدامة لعام 2030، والهدف الرئيس للحد من الفقر.
في سياق ذي صلة، تقدمت مصر في تقرير التنافسية العالمية لعام 2019 إلى المركز 93 عالمياً من بين 141 دولة شملها تقرير التنافسية العالمية، الصادر الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عن المنتدى الاقتصادي العالمي، متقدمة مركزا واحدا عن العام الماضي.
وبحسب وزارة الاستثمار والتعاون الدولي كان التحسن الأهم في مؤشري كفاءة سوق السلع وكفاءة المؤسسات، حيث تقدمت مصر 21 مركزاً في مؤشر كفاءة سوق السلع، لتحتل المرتبة 100 مقارنة بالمرتبة 121 في العام الماضي، نتيجة الجهود التي بذلتها الحكومة فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات المرتبطة بالعملية الاستثمارية، وإصلاح منظومة الضرائب والدعم، وحماية المنافسة، كما تقدمت مصر 20 مركزاً في المؤشر الفرعي لكفاءة المؤسسات، من المركز 102 إلى المركز 82 عالمياً، استفادةً بجهود الحكومة لاستعادة ثقة المستثمرين في المؤسسات الاقتصادية، وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية، والحوكمة، وكفاءة الإطار القانوني، وحل النزاعات الاستثمارية وتعارض المصالح، ومكافحة الفساد، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والإدارة العادلة للأراضي، ووضوح الرؤية الحكومية.
وبالمقابل لم تحقق بعض المؤشرات تقدما خلال العام الحالي، في مطلعها مؤشر الاقتصاد الكلي الذي واصل التراجع هذا العام، وكذلك مؤشر اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو أدنى بكثير من متوسط السوق. واحتلت مصر المركز 124 بمؤشر تكلفة تأسيس الشركات، كما تراجع ترتيب مصر بمؤشر الانفتاح التجاري.
وعلى الرغم من أن التقرير يشير إلى أن مستوى مهارة سوق العمل قد تحسن مقارنة بالعام الماضي، فإن مصر لم تقفز بدرجة عالية على الإطلاق في التفكير النقدي في التدريس.
وتعليقا على التقرير، قالت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، لـ"اندبندنت عربية"، إنه منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي تحسن ترتيب مصر 26 مركزاً، مقارنة بالمركز 119 في تقرير التنافسية لعام 2014- 2015، ما يُعد شهادة ثقة في الاقتصاد المصري.
وأكدت نصر أنه رغم التحسن المستمر في ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية، لكن التقرير لم يأخذ في الاعتبار الكثير من الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الحكومة المصرية، ومن المتوقع أن يتم الأخذ بها في تقارير لاحقة.