ملخص
تجد المساعدات التي يجري إنزالها جواً نفسها في خانة متفردة من الشد والجذب، ولأنه لا يكاد يسمع صوت أهل غزة أنفسهم في هذا الشأن أو غيره، وإن سمع، فهو إما غاضب غضباً مفهوماً ومقبولاً تحت وطأة كارثة الأوضاع، أو يبدو أنه مدفوع بأيديولوجيا تيارات كانت حاكمة سواء عن قناعة أو اضطرار، أو مثنياً على أي مساعدات تصل إلى الداخل ولو كانت بالنيات، فإن المسموع هو أصوات من يتحدثون نيابة عنهم.
يتعثر دخول المساعدات إلى غزة براً أو تتأخر أو تتأجل فيُتفق على إسقاط ما تيسر جواً. مشهد نهب شاحنات المساعدات مريع، ومنظر هرب الشاحنات فيما يبدو أنه إما طلباً للنجاة، وإما تهريباً للبضائع بسرعة تكاد تدهس من في الطريق مفجع. ولأن الوضع في غزة تعدى مرحلة "الكارثي"، فإن الجميع، أو في الأقل الراغبين في تقديم ما من شأنه أن ينقذ من تيسر من أهل القطاع من جوع ينهش أجساد أنهكتها الحرب يسلك مسلك الجو.
وكأن المشهد لم يكن فوضوياً بالقدر الكافي، حيث حرب ضروس أتت على الأخضر واليابس، ومخططات إسرائيلية أنهكت أهل القطاع بين مطالبات بالنزوح شمالاً، ثم أوامر بالإخلاء، وبعدها تحذيرات من الوجود في منطقة البحر، ليصبح الجميع في حال نزوح وإنهاك مستمرين، واستهداف من "جهات غير معلومة" لموجودين في محيط شاحنات المساعدات، أملاً في التقاط عبوة طحين هنا أو قدر من الحليب المجفف هناك، فإذ بفكرة المساعدات نفسها تتحول إلى حلبة جدال.
هذا يقول إنه تضليل، وذاك يؤكد أنه الطريق الأسلم. هؤلاء يقولون إن كل قليل يساعد، وأولئك يقولون إن القليل قلته أحسن. فريق يشكر ويثمّن، وآخر يشجب ويندد، فريق إعلامي يوثق عملية الشحن البري أو الإنزال الجوي لكشف كم الخطر وحجم التحدي، وفريق تقصي حقائق يبذل الجهد الجهيد، لإثبات أن المساعدات والعدم سواء.
شد وجذب حول الإنزال
مشهد الحرب عبثي، ومشهد المساعدات أكثر عبثية، وإذا كانت الحرب التقليدية مفهومة، طرفان أو أكثر يتقاتلان، ويقول كل منهما إنه صاحب الحق والمستحق للنصر، ويظلان يصوبان النار على بعضهما بعضاً، ويقتلان العدد الأكبر من الطرف الآخر، ويلحقان الكم الأكبر من الخراب والدمار بما يملك، وهو الفهم المنتفي في حال حرب القطاع حيث طرف واحد يحارب من دون انقطاع مما يجعلها عبثية، فإن ما يجري على صعيد المساعدات أكثر عبثية، إذ لا مقدم المساعدات على علم بجدوى ما يفعل، ولا متلقي المساعدات مدرك لأبعاد ما يجري عمله من أجله، ولا المتابعون والمراقبون والمحللون يعون حقاً ما يجري.
ما يجري لم يعد مجرد شاحنات محملة بمواد غذائية تحاول أن تعبر من رفح إلى كرم أبو سالم، فإما تتكدس انتظاراً لاستكمال إجراءات السماح لها بالدخول إلى القطاع، أو تحصل على الموافقة لتواجه أحد مصيرين: إما الوصول إلى نقاط التفريغ والتوزيع التابعة لمنظمات دولية، أو تتعرض للنهب على الطريق. أما من ينهب فهذا فريق يقول إنها عصابات تخصصت في الاستيلاء على الطعام، لبيعها بأسعار خيالية للجوعى، وآخر يؤكد أنه الجيش الإسرائيلي أو أشخاص تابعون أو متواطئون معه، وثالث يجزم أنهم مواطنون دفعهم الجوع إلى محاولة الحصول على الطعام بأي شكل حتى لو كان في صورة نهب، والقصص المتضاربة تتوالى.
صحافي فلسطيني من أهل غزة نزح مع أسرته إلى خان يونس كتب على "فيسبوك" مفنداً أعداد الشاحنات وحمولتها التي دخلت غزة اعتباراً من الـ27 من يوليو (تموز) الماضي، وذلك نقلاً عن المكتب الإعلامي الحكومي. يقول إن إجمال عدد الشاحنات التي دخلت القطاع على مدى ثمانية أيام بلغ 674 شاحنة، من أصل نحو 4800 شاحنة كان ينبغي أن تدخل في هذه الفترة، علماً أن قطاع غزة يحتاج إلى 600 شاحنة يومياً من المساعدات والوقود وغاز الطهي.
ويشير إلى أنه لا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد الطائرات التي تلقي المساعدات جواً، أو الكميات التي تلقيها، لافتاً إلى أن حمولة الطائرة لا تزيد على ربع الشاحنة، ويؤكد أنه تجري سرقة حمولة الشاحنات والطائرات من قبل "مجرمين وبلطجية ومدمنين وبعض الجائعين".
في الوقت نفسه تجد المساعدات التي يجري إنزالها جواً نفسها في خانة متفردة من الشد والجذب، ولأنه لا يكاد يسمع صوت أهل غزة أنفسهم في هذا الشأن أو غيره، وإن سمع، فهو إما غاضب غضباً مفهوماً ومقبولاً تحت وطأة كارثة الأوضاع، أو يبدو أنه مدفوع بأيديولوجيا تيارات كانت حاكمة سواء عن قناعة أو اضطرار، أو مثنياً على أي مساعدات تصل إلى الداخل ولو كانت بالنيات، فإن المسموع هو أصوات من يتحدثون نيابة عنهم.
الخلاف والاختلاف حول: هل المساعدات تكفي أو لا تكفي؟ أو هل المساعدات تأخرت بعض الشيء أم كل الشيء؟ أو هل نوعية المساعدات تحوي كل المكونات الغذائية المطلوبة؟ أو حتى حول هوية من ينهب المساعدات، ومن يطلق النار على "المجوعين"، واردان ومتوقعان.
ورغم التوقعات تبقى ردود فعل وآراء ومواقف صادمة أو مفاجئة أو تصيب بالدوار. كتب أكاديمي وناشط وأسير فلسطيني سابق السطور التالية على منصة "إكس": "لا نريد رؤية طائرات المساعدات الغادرة التي ألقت اليوم علينا في غزة معلبات الفاصوليا والبازلاء والفول الناشف والعدس والأرز، فليس هذا ما يحتاج إليه الناس في غزة. وليس هذا طعام الشرفاء الذين رفعوا رأس الأمة إلى السماء الأعلى من سماء طائرات المساعدات في غزة. نحتاج إلى الخضراوات والفاكهة واللحوم والبيض والألبان والتمور والسكر والزيت في غزة. نحتاج إلى الدواء والماء والكهرباء وغاز الطهي والوقود. في غزة نحتاج إلى شوارع غير مدمرة، وإلى بيوت موقتة، وإلى معدات ترفع الردم المتراكم غيظاً وحقداً في صدور أهل غزة!".
أثارت الأسطر التي جرى تشاركها وتداولها من قبل كثر تعجبوا من الهجوم على طائرات المساعدات، ونعوت الغدر والخيانة الموجهة لمن أرسلها، والخروج بقوائم وأصناف أخرى للمساعدات غضباً كبيراً ممن اعتبروها خسفاً للجهود، وإجحافاً للمعاناة، وإنكاراً للمشقة التي تكبدها راغبون في المساعدة، فما كان من صاحب الكلمات الغاضبة إلا أن علق على الغضب والغاضبين بتغريدة أخرى كتب فيها أن "أذلاء الأنظمة المتخاذلة" و"عاشقي الخنوع" و"أذناب الصهاينة" يهاجمونه ويتداولون منشوره الرافض لـ"صناديق المذلة والعار" و"فتح المقابر الجوية للطائرات الذليلة"، ويتجاهلون فكرته المطالبة بفتح المعابر، ورفع الحصار عن غزة، وإدخال الوقود والغاز والكهرباء والماء والمعدات التي تفتح الشوارع وترفع الردم.
خطر وحرام شرعاً
اللافت أن نبرة "رفض" المساعدات، لا سيما التي يجري إنزالها جواً، يتم رفعها والدق عليها بشكل بدا منظماً ومتزامناً من قبل أكثر من جهة. في التوقيت نفسه، طالب القيادي في حركة "حماس" باسم نعيم بوقف المساعدات التي يتم إنزالها جواً، "لأنها خطر على سكان غزة". مضيفاً أنه لا يعرف السبب في إصرار البعض على إنزال المساعدات الإنسانية عبر الجو، على رغم علمهم بأخطارها المباشرة على المواطنين، وأنها لا تغطي شيئاً ذا بال من احتياج الناس. وقال إن "الإنزال الجوي يتم بالتنسيق مع إسرائيل، فلماذا لا يتم الضغط عليها لفتح المعابر فوراً وإدخال المساعدات الإنسانية؟".
وعلى رغم أن آخرين، مثل المفوض العام لـ"الأونروا" لازاريني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصفا المساعدات التي يتم إسقاطها جواً بـ"غير الكافية"، وطالبا بأن تفتح إسرائيل المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية بصورة كاملة، فإنهما لم يتحدثا عن "خطورة الإنزال الجوي على أهل غزة" أو "عدم مناسبة محتوى المساعدات"، بل إن فرنسا شاركت في عمليات إنزال جوي للمساعدات.
كل ما سبق في كفة، والرأي "الديني" القائل بأن "إنزال المساعدات جواً على غزة حرام شرعاً". القائل هو "الشيخ" الإخواني محمد الصغير. حرمانية الإنزال الجوي فتحت أبواباً تعدت مرحلة الجدل، وصل بعضها إلى السخرية في موقف لا يحتمل الابتسام، فما بالك بالضحك.
انتشرت فتوى "الشيخ" انتشاراً فيروسياً، بين داعمين ومتعاطفين ومؤيدين للجماعة وأبناء عمومها من تيارات شبيهة نصبوا أنفسهم مدافعين عن الفتوى، وملايين المتعجبين المدهوشين مما قال. المدافعون قالوا إنه يقصد الضغط من أجل فتح المعابر، أما المدهوشون المنددون الساخرون فانهالوا تعليقاً وتبكيتاً. "لو جرى إنزالها في مستودعات الإخوان، تكون حلالاً؟"، "مشايخ تل أبيب"، "أفتنا يا أمير المؤمنين، كيف ننزلها إذاً؟"، "ما نوع الحشيش (المخدر) الذي يجعل فضيلتك ترى إنزال المساعدات جواً حراماً، والزج بشعب في حرب محتومة ومحسومة نتائجها منذ 21 شهراً حلال؟"، "طيب لو بحراً حلال أم مختلف عليه؟"، "احترنا واحتار دليلنا، المعبر يفتح وإسرائيل تتعنت في إدخال المساعدات، تتظاهروا ضد مصر. مصر ودول عربية تضغط من أجل إدخال المساعدات، تتظاهروا ضد مصر. يجري العمل على جبهتين: الضغط لإدخال المساعدات براً، وإنزال ما يمكن إنزاله جواً، تتظاهروا ضد مصر". أما التعليق الأكثر تداولاً فكان: "حرمت عليك عيشتك".
يشار إلى أن "الشيخ" محمد الصغير يعرّف نفسه بأنه "إمام مصري من رواد مدرسة الأزهري الثائر. ويقول إنها المدرسة التي تتصدى للظلم، وتناصر الثائرين على الاستبداد. مشايخه كثر أبرزهم القرضاوي وعبدالحميد كشك وحازم صلاح أبو إسماعيل وعمر عبدالرحمن. وبحسب سيرته الذاتية، فقد انتخب عضواً في البرلمان المصري عام 2012، عام حكم الإخوان في مصر. وكان وكيلاً للجنة الدينية في البرلمان، ومستشاراً لوزير الأوقاف الإخواني، واختاره الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي عضواً معيناً في مجلس الشورى المنحل.
من جهة أخرى وبينما تتوالى تدوينات وتغريدات فلسطينيين مقيمين في مشارق الأرض ومغاربها تضامناً مع أهل غزة، ومطالبة بتقديم مزيد لإنقاذ أهلها، فإن بعض هذه الأصوات يمطر الأثير العنكبوتي اتهامات، يصل بعضها إلى درجة السباب للدول الضالعة في تقديم المساعدات، مطالبين إياها إما بإدخال مساعدات تضمن إنقاذ أهل غزة من الجوع، لا اليوم وغداً فحسب، لكن حتى الوصول إلى نهاية للحرب الدائرة، أو بالتوقف عن إرسال المساعدات كلية. واصفين إياها بنعوت مثل "التمثيلية" أو "المسرحية" أو نقطة في محيط". واللافت أن كثراً من أصدقائهم ومعارفهم وأقاربهم من المقيمين في غزة أو الضفة يطالبونهم في التعليقات بالتوقف عن مثل هذه الاتهامات العابرة للبحار والحدود، لأن "من يده في الماء ليس كمن يده في النار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
روايتان متناقضتان
كل ما سبق يبدو متوقعاً في مشهد فوضوي كمشهد غزة بعد 21 شهراً من حرب ضروس، ونهاية لا تبدو سوداوية فحسب، بل لا تلوح في الأفق أصلاً. غير المتوقع أن تقدم منصات إعلامية "رصينة" ومنظمات دولية معروفة روايتين متناقضتين عن المساعدات، وكل منهما معضد بصورة وخبر وتحليل ومتخصص.
المنصات والقنوات الإعلامية الداعمة تاريخياً أو أيديولوجياً أو مالياً أو كل ما سبق لتيارات سياسية فلسطينية بعينها تتعامل مع مشهد المساعدات بناءً على ثلاث مسلمات لا رابع لها: المساعدات غير كافية، الإنزال الجوي لا جدوى منه، محتوى المساعدات لا يلزم. ويضاف إلى ذلك عنصر تحريري، يحول المساعدات من عديمة الجدوى إلى مجدية بحسب جنسية البضائع، ومقدميها من "خونة" و"عملاء" و"مشاركين في التجويع" إلى "شرفاء" و"عظماء" و"منقذين لغزة من الجوع". ويجري دعم كل ما سبق بالصوت والصورة والخبر والتحليل وجيوش المتخصصين المفوهين.
وعلى العكس من ذلك، تعرض المنصات والقنوات الأخرى، سواء غير الداعمة لتيارات فلسطينية بعينها، أو تلك التي تجتهد لتغطية ما يجري بالقدر الأوفر من الموضوعية، مشهد المساعدات، حلوه بمره. المساعدات غير كافية، لكن أفضل من لا شيء، وجهود تجري لإدخال مزيد. الأوضاع الأمنية المصاحبة في القطاع تجعل من تحرك الشاحنات مسألة محفوفة بالأخطار، لكن ما باليد حيلة. ومحتوى المساعدات والقيمة الغذائية للبضائع ربما ليست مثالية، لكن فرقاً كبيراً بين الموت جوعاً ونقص فيتامينات ومعادن ما بسبب نقص الطعام أو عدم احتوائه على التوليفة المطلوبة. ويجري دعم كل ما سبق بالصوت والصورة والخبر والتحليل وجيوش المتخصصين المفوهين أيضاً.
الصورة "ثنائية البؤرة" تطل برأسها كذلك منذ استئناف دخول المساعدات أو إسقاطها قبل أيام، لكن هذه المرة من خلال تعامل مراكز ومنظمات دولية مع المشهد الحالي. "اللجنة اليهودية الأميركية"، التي تعمل على تعزيز رفاهية اليهود وإسرائيل وتعزيز حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية بحسب تعريفها لنفسها، أصدرت بياناً قبل أيام لـ"شرح ما يجري في شأن المساعدات لغزة". جاء في البيان أنه "كما هي الحال في كثير من جوانب الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فقد تعرضت حقيقة وضع المساعدات الإنسانية للتقويض من قبل أصحاب الأجندات السياسية. ويشمل ذلك التصريحات التحريضية والتقارير المتحيزة والكاذبة".
وبعد استعراض ما قالت إنها تسلسل دخول المساعدات غزة، والدول القادمة منها، أشارت إلى أنه منذ بدأ عمل "مؤسسة غزة الإنسانية في مايو (أيار) الماضي، والإعلام الدولي يستشهد غالباً بأرقام من الوزارات التي تديرها ’حماس‘ في غزة، التي تتحدث عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا في مواقع توزيع المساعدات، وذلك في غزة التي تديرها ’حماس‘". ونقل البيان عن المدير التنفيذي للمؤسسة جوني مور قوله إن الحديث عن خسائر بشرية "مزاعم وجزء من حملة تضليل إعلامي تهدف إلى عرقلة الجهود"، وأن "’حماس‘ تتعمد إيذاء الناس لتشويه سمعته المؤسسة"، وأشار البيان إلى "أدلة جديدة تؤكد أن حماس تنهب المساعدات الإنسانية".
في المقابل، تتهم تقارير منظمات أممية وحقوقية فوضوية المشهد الحالي للمساعدات، الذي وصل لدرجة تحول محيطه إلى ساحة قتل واستهداف لطالبي المساعدات، خليطاً من الأطراف يشمل إسرائيل ومتضامنين معها من أفراد ينتمون لـ"عشائر فلسطينية". المفوض العام لـ"وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" "الأونروا" فيليب لازاريني اعتبر "نظام المساعدات الحالي" مسؤولاً عن المشهد.
قال لازاريني قبل أيام إن "المجاعة المتعمدة في غزة جاءت نتيجة لمحاولات مدروسة لاستبدال النظام الإنساني المنسق من قبل الأمم المتحدة، عبر ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" ذات الدوافع السياسية، وهو المسؤول عن مقتل نحو 1400 شخص جائع". وأضاف أن الأمر زاد سوءاً بمنع "الأونروا"، الذي وصفها بـ"العمود الفقري للاستجابة الإنسانية" من تقديم أي مساعدة إلى غزة منذ خمسة أشهر. مضيفاً "تهميش وإضعاف الأونروا لا علاقة له بادعاءات تحويل المساعدات إلى جماعات مسلحة، بل هو إجراء متعمد لممارسة ضغط جماعي ومعاقبة الفلسطينيين فقط لأنهم يعيشون في غزة".
الموقف نفسه من مشهد المساعدات اتخذه "صندوق الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسيف) مطالباً السلطات الإسرائيلية بمراجعة قواعد الاشتباك العسكرية بهدف حماية المدنيين والأطفال. كما دعا إسرائيل إلى السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية والتجارية، للوصول إلى ما يقارب 500 شاحنة يومياً إلى غزة. وقال نائب المديرة التنفيذية المعني بالعمليات الإنسانية والإمداد في "اليونيسيف" تيد شيبان في تصريحات صحافية عقب عودته من زيارة استغرقت خمسة أيام إلى إسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية إنه من الضروري "ألا يقتل الأطفال وهم ينتظرون في طابور في مركز للتغذية أو يجمعون الماء، ويجب ألا يكون الناس في حال من اليأس تدفعهم إلى اقتحام قوافل المساعدات للحصول على الطعام".
وأخيراً، حلبة الملاكمة حول المساعدات وكميتها، ووصولها براً أم جواً، وكفايتها من عدمها، وتعرضها للنهب من قبل هؤلاء أم أولئك، وأيها حلال وأيها حرام، مشتعلة، لكن الأكثر اشتعالاً هو حال أهل غزة المنهكين المحاولين درء كارثة الجوع.