Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جوائز" الفنانين السوريين... تضييق وتخوين وفصل من النقابة

النبش في سيرهم يعرضهم للطرد من الأماكن العامة والاعتداء والتخوين

يواجه الفنانون ممن التزموا مواقف رمادية حالاً من التهجم المعنوي (اندبندنت عربية)

ملخص

ويواجه الفنانون السوريون ممن التزم مواقف رمادية (غير واضحة) أثناء الثورة، حالاً من التهجم المعنوي لعدم اصطفافهم منذ بداية الحراك الشعبي إلى جانب الناس واختاروا الصمت، في مقارنة واضحة مع عدد من الفنانين الذين هجروا بسبب وقوفهم إلى جانب الشعب.

في بيتها بحي المالكي الشهير، أحد أكثر الأحياء رقياً داخل العاصمة دمشق، فارقت الفنانة السورية ديالا الوادي الحياة بعد خنقها بهدف سلبها مالها ومصاغها، في حادثة مروعة استهجنها الشارع السوري وطالب بالقصاص العاجل من منفذها.
ولم تمض 24 ساعة على حدوث جريمة القتل المروعة حتى اكتشفت الشرطة في دمشق من قتل ديالا ابنة صلحي الوادي الموسيقار العراقي المعروف، مؤسس المعهد العالي للموسيقى والدراما في دمشق ومدير المعهد الموسيقي العربي الذي حمل اسم الوادي لاحقاً. وأعلنت وزارة الداخلية اعتقال قاتل الفنانة السورية داخل منزلها على يد زوج خادمتها.

جريمة جنائية

ومع انكشاف ملابسات الحادثة، وضعت الجهات الأمنية بسرعة حداً لأحاديث متداولة حول ما يحدث مع الفنانين وما يتعرضون له من مضايقات وتضييق، لا سيما وجود مجموعات ذات أفكار متطرفة لا تقبل الفن ولا تتقبل أهله. وكان قائد الأمن الداخلي داخل محافظة دمشق العميد أسامة محمد خير عاتكة تحدث عن تمكن فرع المباحث الجنائية من الكشف عن القاتل، مضيفاً "فور وصول خبر وقوع الحادثة تحركت الدوريات والفرق المتخصصة إلى الموقع، وباشرت بجمع الأدلة ومراجعة كاميرات المراقبة ومقاطعة المعلومات، حيث بينت التحقيقات الأولية أن المغدورة كانت تستعين بعاملة لأعمال التنظيف، والتي اعترفت لاحقاً بتنسيقها مع شخص آخر لقتل الضحية بدافع السرقة".
وتعد ديالا الوادي من الوجوه الفنية المعروفة في الوسط الفني والثقافي السوري، وشاركت في عدد من العروض المسرحية والأعمال التلفزيونية خلال الأعوام الأخيرة. وفي أعقاب مقتل الفنانة خلال الرابع من أغسطس (آب) الحالي أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، مصرع ديالا الوادي التي تحمل أيضاً الجنسية البريطانية، إثر تعرضها لعملية سطو مسلح بعد مطاردة الجاني للضحية حتى مدخل منزلها قبل أن يقتحم المكان وينفذ جريمته ويلوذ بالفرار.


الغناء تحت الضرب

وإذا ما كانت حادثة ديالا الوادي جنائية بالمطلق لكنها نكأت جراح غائرة في أجساد الفنانين السوريين المثقلين بالإهمال وعدم التكريم، علاوة على تهميش بعضهم خلال عقود طويلة من الزمن، في حين تعرضت شخصيات ممن بقي داخل البلاد إلى الإهانة اللفظية والجسدية والضرب المبرح.
الفنان عمر خيري وأثناء إحياء حفلة وأداء عمله كمطرب شعبي في مدينة الباب داخل ريف حلب، ظهر برفقة شبان يجبرونه على التوقف عن الغناء ويقتادونه خارج مكان الحفل، ويعتدون عليه بالضرب وحلقوا شعره، وكتبوا على وجهه وجسده عبارات مهينة بعدما ربطوه على أحد الأعمدة. وتجمهر الناس حوله، وكيلت له الشتائم ونعت بـ"الشبيح" مع إرغامه على الغناء وترديد شعارات مؤيدة للحكومة وللرئيس أحمد الشرع.
في الأثناء، لقي مشهد الإذلال الذي تعرض له الفنان خيري استنكاراً واسعاً من الشارع السوري، وعزا متابعون ما حدث إما إلى عملية انتقامية، كون الفنان كان قبل التحرير يؤيد النظام السابق، أو لرفض المعتدين الحفل الموسيقي وعدم تقبلهم فكرة الغناء من الأساس باعتباره يتعارض مع معتقداتهم الدينية، في حين اتهم ناشطون قوة من عناصر الأمن بهذه الحادثة.
في المقابل، ظهر المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا ونفى بصورة قاطعة ما يتداول حول ضلوع أية جهة أمنية في الاعتداء على عمر خيري، وسط دعوات من قبل ناشطين وفنانين سوريين بعدم الاكتفاء بالتفرج، وإجراء تحقيقات عاجلة وفورية عن الأشخاص الذين تصرفوا بهذه الصورة المريعة، وتطبيق القانون حفاظاً على كرامات الناس وحقوقهم. واعتبر ناشطون أن "ما حدث يعكس حالاً خطرة من التطرف والتعدي على الحريات الشخصية والفنية".
إزاء ذلك ظهر الفنان خيري في تسجيل مصور يعرب فيه عن مسامحته أولئك الشبان، وصفح عنهم. وقال إن "الشبان ادعوا أنهم من الأمن العام، ولكن لاحقاً تبين أنهم مدنيون، من قلبي أسامحهم، لقد أرسلت الدولة السورية واستقبلتني استقبال عز، وتكرمت به".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تأييد الأسد

وفي ظل ما يدور من تهميش واضح للفن والفنانين، بل والإساءة لهم لأسباب مختلفة، استذكر السوريون أول حادثة ضج بها الشارع بعد سقوط النظام السابق خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، حين تعرض الفنان عبدالمنعم عمايري للضرب والإساءة.
وبثت وقتها الفنانة السورية أمل عرفة مقطعاً مصوراً نشرته لعمايري وهو زوجها السابق، يتجادل ويتشاجر مع عدد من المسلحين. وأكدت بعد دخول عمايري المستشفى في حال حرجة بغرفة العناية المشددة أن "الفيديو المنتشر للمشاجرة سُجل من أيام عدة قبل أن يتعرض عمايري لحادثة ثانية، إذ تهجم عليه أشخاص بالضرب والعنف والركل ولم يصوره أحد".

أثارت هذه الحادثة جدلاً في الأوساط الفنية والشعبية خاصة بعد شهر من سقوط النظام السابق، فيما وصف ناشطون الفنان السوري من أصول فلسطينية عبدالمنعم عمايري بـ"الشبيح" لتأييده الأسد، على رغم ظهوره في مقطع مصور قبل ضربه داخل أحد المقاهي الشعبية يرقص فرحاً إلى جانب الفنان أيمن رضا لسقوط بشار الأسد على أغنية "ارفع راسك فوق أنت سوري حر".

وسارع الفنان مكسيم خليل لنشر "قسم" بعد حادثة عمايري يقضي باحترام حرية الآخر، ودفن الطائفية والبقاء موحدين جاء فيه، "نقسم بالله العظيم، نحن السوريين، من مسلمين ومسيحيين وكرد وأرمن، وأي مكون نكون، من سنة وشيعة ودروز وعلويين، أن نحترم حرية الآخر ونصون كرامة الآخر ونحفظ حقوق الآخر، وأن ندفن الطائفية ونبقى موحدين إلى أبد الآبدين لأجل سوريا عظيمة لا تتبع لأي بلد، ولا تكنى بأي أحد".
ومع هذا تصدر الفنان أيمن رضا وهو سوري من أصول عراقية، الترند، بعد سفوط النظام السوري السابق خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 بأيام، حينما استوقفه في أحد شوارع دمشق القديمة شبان بسبب موالاة الأسد. وقال رضا وفق فيديو انتشر في وسائل التواصل إنه لم يخذل الثورة، وأنه كان معها منذ بدايتها.
وزاد الجدل حينما اعترض أحد الشباب على كلام الفنان السوري متسائلاً، كيف كنت مع الثورة؟ فرد عليه رضا "لم يكن باستطاعتنا التكلم، إلق نظرة على فروع الأمن لتعرف السبب".

ويواجه الفنانون ممن التزموا مواقف رمادية (غير واضحة) أثناء الثورة السورية، حالاً من التهجم المعنوي لعدم اصطفافهم منذ بداية الحراك الشعبي إلى جانب الناس واختاروا الصمت، في مقارنة واضحة مع عدد من الفنانين الذين هجروا بسبب وقوفهم إلى جانب الشعب، مثل أصالة نصري وعبدالحكيم قطيفان ومازن الناطور وغيرهم، أو حتى من دفع حياته ثمناً لدعم الثورة مثل خالد تاجا الذي تفيد روايات عن موته عقب الإفراج عنه من مكان احتجازه في أحد مقار الأمن، بسبب دعمه للتظاهرات السلمية في دمشق قبل أكثر من عقد من الزمن.

في المقابل، ما زال فنانون سوريون يقفون إلى جانب الأسد مثل الفنانة سلاف فواخرجي التي فصلت من نقابة الفنانين بعد انكارها جرائم الأسد في إطلالة تلفزيونية لها أثارت الجدل، ودفعت نقيب الفنانين مازن الناطور إلى شطب أعضاء من سجلات النقابة ومنهم فواخرجي، قال بيان خاص عن سبب الفصل يتعلق بـ"إنكار الجرائم الأسدية والتنكر لآلام الشعب السوري".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات