ملخص
انسحب وزراء "حزب الله" و"أمل" من اجتماع الحكومة اللبنانية رفضاً لمناقشة مقترح أميركي لنزع السلاح غير الشرعي، يشمل سلاح "حزب الله". الحكومة وافقت على أهداف المقترح الأميركي وكلفت الجيش وضع خطة لجمع السلاح بحلول نهاية العام، وسط تصعيد سياسي وتحذيرات الحزب من القرار يمسّ السيادة ويخدم إسرائيل.
هنأ المبعوث الأميركي توم براك اليوم الخميس السلطات اللبنانية بقرارها "التاريخي" حول نزع سلاح "حزب الله"، بعد تكليفها الجيش إعداد خطة لذلك، على أن تطبق قبل نهاية العام، في خطوة رفضها الحزب بالمطلق.
وعبر منشور على منصة "إكس"، أثنى براك على "القرار الجريء والتاريخي والصائب" الذي اتخذته السلطات هذا الأسبوع، لناحية "البدء بالتنفيذ الكامل لاتفاق وقف الأعمال العدائية" الذي أنهى الخريف الماضي الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل بوساطة أميركية، ونص على حصر حمل السلاح بستة أجهزة أمنية وعسكرية رسمية.
ورأى أن قرارات الحكومة "وضعت أخيراً حل ’وطن واحد وجيش واحد‘ للبنان قيد التنفيذ"، مضيفاً "نقف إلى جانب الشعب اللبناني".
وانسحب الوزراء الشيعة التابعون لـ"حزب الله" و"حركة أمل" في الحكومة اللبنانية من اجتماع وزاري عقد اليوم الخميس وانتهى بموافقة الحكومة على الأهداف التي نص عليها مقترح الموفد الأميركي توم براك لتسليم السلاح غير الشرعي.
وقد أعلن رئيس الحكومة بعد الجلسة ما أقرته الحكومة في جلسة، وفي تغريدة على منصة "إكس" كتب "أقرت الحكومة اليوم الأهداف الواردة في مقدمة الورقة الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار التي استلمناها من السفير توم باراك، والتي تتضمن أولاً تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ"اتفاق الطائف" والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمها القرار 1701 واتخاذ الخطوات الضرورية لبسط سيادته بالكامل على جميع أراضيه، بهدف تعزيز دور المؤسسات الشرعية، وتكريس السلطة الحصرية للدولة في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها في جميع أنحاء لبنان.
وثانياً ضمان ديمومة وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك جميع الانتهاكات البرية والجوية والبحرية، وثالثاً الانهاء التدريجي للوجود المسلح الجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها "حزب الله"، في كافة الأراضي اللبنانية، جنوب الليطاني وشماله، مع تقديم الدعم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي".
وفي نقاط أخرى انسحاب إسرائيل من "النقاط الخمس"، وتسوية قضايا الحدود والأسرى بالوسائل الدبلوماسية، من خلال مفاوضات غير مباشرة، وعودة المدنيين في القرى والبلدات الحدودية إلى منازلهم وممتلكاتهم وغيرها.
إضافة إلى عقد مؤتمر اقتصادي تشارك فيه الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وغيرهم من أصدقاء لبنان لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار ليعود لبنان بلداً مزدهراً وقابلاً للحياة، وفق ما دعا اليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
أقرّت الحكومة اليوم "الأهداف" الواردة في مقدمة الورقة الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار التي استلمناها من السفير توم باراك، وهي:
1- تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ"اتفاق الطائف" والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمها القرار 1701 واتخاذ الخطوات الضرورية لبسط…
— Nawaf Salam نواف سلام (@nawafsalam) August 7, 2025
انسحاب الوزراء الشيعة
في ختام الجلسة، قال بدوره وزير الإعلام بول مرقص عن انسحاب الوزراء الشيعة، "حاولنا ثني الزملاء عن الخروج من الجلسة عبر صيغ تقدم بها (رئيس الحكومة نواف) سلام وأنا و(وزير العدل عادل) نصار، لكنهم رفضوا وخرجوا من الجلسة ولم يخرجوا من الحكومة".
وأفادت نسخة من جدول أعمال مجلس الوزراء اللبناني اطلعت عليها وكالة "رويترز"، بأن الولايات المتحدة قدمت إلى لبنان اقتراحاً لنزع سلاح "حزب الله" بحلول نهاية العام، فضلاً عن إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية وانسحاب قواتها من خمسة مواقع في جنوب لبنان.
وتحدد الخطة التي قدمها توم براك والتي تجري مناقشتها خلال اجتماع الحكومة اليوم، أكثر الخطوات تفصيلاً حتى الآن لنزع سلاح "حزب الله" المدعوم من إيران والذي يرفض الدعوات المتزايدة إلى تسليم سلاحه منذ حرب العام الماضي مع إسرائيل.
ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية بعد على طلب للتعليق، ولم يتسنَّ الوصول إلى وزراء من الحكومة اللبنانية بعد للتعليق.
وانطلقت الجلسة الحكومية اليوم برئاسة الرئيس جوزاف عون وبحضور وزراء "الثنائي الشيعي"، وغياب وزير المال ياسين جابر الموجود خارج البلاد. وجاءت الجلسة بعدما كلفت الحكومة أول من أمس الثلاثاء الجيش إعداد خطة لجمع السلاح غير الشرعي قبل نهاية العام، في خطوة لقيت رفضاً مطلقاً من "حزب الله".
وقبيل ساعات قليلة من الجلسة، دعت كتلة "حزب الله" البرلمانية إثر اجتماع الحكومة إلى "تصحيح ما أوقعت نفسها ولبنان فيه من الانزلاق إلى تلبية الطلبات الأميركية التي تصب حكماً في مصلحة العدو الصهيوني".
انسحاب وزراء "حزب الله – أمل"
وزير التنمية الإدارية فادي مكي الذي غادر الجلسة بعد انسحاب الوزراء الشيعة الآخرين، قال في تصريح صحافي، "شعرت بأنني لا يمكن أن أحمل عبء القرار الشيعي في الحكومة وحيداً وبقيت في الجلسة لأفسّر موقفي هذا لباقي الوزراء، والرئيسان عون وسلام تفهّماني".
وأضاف، "سأعود وأحضر جلسة مقبلة للحكومة ولن أقاطع الجلسات حتى لو قاطعها وزراء ’حزب الله – أمل‘، ولن أكون أبداً وسيلة للمقاطعة والعرقلة لكنني خرجت لأعطي فرصة لزملائي بإعادة النظر".
وأفادت وسائل إعلام حكومية بأن وزراء "حزب الله – أمل" طلبوا خلال الجلسة تأجيل البحث في مقترح براك إلى حين أن يقدم الجيش اللبناني خطته لجمع السلاح غير الشرعي بحلول نهاية أغسطس (آب) الجاري، لكن طلبهم جوبه برفض من سلام ووزراء "حزب القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" وآخرين.
من جهتها قالت وزيرة البيئة تمارا الزين المنتمية لحركة "أمل"، "كان التوجه العام للجلسة تبني المبادئ العامة لورقة براك وتمنينا أولاً تثبيت وقف إطلاق النار".
أما وزير العمل محمد حيدر، فأوضح "انسحبنا من جلسة الحكومة بعد رفض تأجيل المناقشة بورقة توم براك حتى تقديم الجيش خطته في الـ31 من آب".
عون: ماضون في حصر السلاح
من جانبه، أكد الرئيس عون في تصريح لقناة "الحدث" اليوم أنهم بانتظار خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح لمناقشتها وإقرارها، وأن هذا الأمر سيتحقق على رغم الصعوبات والعوائق، مؤكداً أن تحقيق حصرية السلاح بيد الدولة لا يخل بحقوق لبنان وسيادته.
وأضاف عون أنهم ماضون على قدم وساق نحو تنفيذ مندرجات خطاب القسم والبيان الوزاري، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن تنفيذ الورقة الأميركية يتطلب موافقة سوريا وإسرائيل من جهة وضمانات أميركية وفرنسية من جهة أخرى.
واعتبر كثيرون أن كلام الرئيس جاء رداً غير مباشر على البيان الذي صدر عن "حزب الله" قبل ساعات، واعتبره كثيرون تصعيداً غير مسبوق.
وأصدر "حزب الله" أمس الأربعاء بياناً عبر فيه عن رفضه قرار الحكومة بحصر السلاح، واصفاً إياه بـ"الخطيئة الكبرى". وجاء في البيان "هذا القرار فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة. جاء هذا القرار نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي براك، هذا القرار يسقط سيادة لبنان، ويطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود".
وفي نهاية جلسة الثلاثاء، انسحب وزير الصحة ركان نصر الدين المنتمي لـ"حزب الله" والبيئة تمارا الزين المنتمية لحركة "أمل"، اعتراضاً على قرار تكليف الجيش بوضع خطة لحصرية السلاح قبل نهاية العام الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورقة براك تتضمن أربع مراحل
تهدف الولايات المتحدة من اقتراحها إلى "تمديد وتثبيت" اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه لبنان وإسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024.
وجاء في الاقتراح وفق "رويترز"، "الحاجة الملحة إلى هذا الاقتراح يبرزها تزايد عدد الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار الحالي، بما في ذلك الغارات الجوية والعمليات عبر الحدود، مما ينذر بانهيار الوضع الراهن الهش".
وتقضي المرحلة الأولى من الخطة بأن تصدر الحكومة اللبنانية في غضون 15 يوماً مرسوماً تلتزم ضمنه نزع سلاح "حزب الله" تماماً بحلول الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وستتوقف إسرائيل خلال هذه المرحلة أيضاً عن العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية.
وتتطلب المرحلة الثانية أن يبدأ لبنان بتنفيذ خطة نزع السلاح في غضون 60 يوماً على أن توافق الحكومة على "خطة مفصلة لنشر (الجيش اللبناني) لدعم خطة وضع كل الأسلحة تحت سلطة الدولة". وستحدد هذه الخطة الأهداف حول نزع السلاح.
وستبدأ إسرائيل خلال المرحلة الثانية بالانسحاب من المواقع التي تسيطر عليها في جنوب لبنان والإفراج عن المحتجزين اللبنانيين بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي المرحلة الثالثة، تنسحب إسرائيل في غضون 90 يوماً من آخر نقطتين من النقاط الخمس التي تسيطر عليها، وسيتم تأمين تمويل للبدء بإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية تمهيداً لإعادة الإعمار في لبنان.
وخلال المرحلة الرابعة وفي غضون 120 يوماً، يجب تفكيك ما بقي لدى "حزب الله" من أسلحة ثقيلة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة.
وستنظم الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا وقطر ودول صديقة أخرى في هذه المرحلة مؤتمراً لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار و"تنفيذ رؤية الرئيس ترمب كي يعود لبنان بلداً مزدهراً قادراً على النمو".
إيران تدخل على خط القرار اللبناني
في السياق نفسه، أدلى وزير خارجية إيران عباس عراقجي بتصريحات اعتبرت مستفزة من جزء كبير من اللبنانيين، إذ قال في مقابلة إعلامية إن خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله" ستفشل، وإن المحاولات لنزع سلاح "حزب الله" ليست أمراً جديداً، وأضاف أن الحزب أعاد تنظيم صفوفه ونشر قواته، معتبراً أن القرار النهائي في شأن الخطوات المقبلة يعود للحزب نفسه.
موقف عراقجي دفع كثيرين لمطالبة وزارة الخارجية اللبنانية باتخاذ موقف حازم، ومن ضمنهم رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل، الذي طالب وزير خارجية لبنان باستدعاء سفير إيران وطرده.
ورداً على كلام وزير خارجية إيران، أصدرت الخارجية اللبنانية بياناً جاء فيه "التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الخارجية الايراني السيد عباس عراقجي، التي تناول فيها مسائل لبنانية داخلية لا تعني الجمهورية الإسلامية بأية صورة من الصور، هي مرفوضة ومدانة وتشكل مساساً بسيادة لبنان ووحدته واستقراره، وتعد تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته السيادية".