Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمكن الوثوق بمارك زوكربيرغ للإشراف على ثورة الذكاء الاصطناعي؟

فيما تجني "ميتا" أرباحاً طائلة يبدو أن "فيسبوك" سيتصدر المشهد بمجالات جديدة ومثيرة لكن على السياسيين توخي الحذر من تقديس أصحاب شركات التكنولوجيا

مؤسس "ميتا" ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ أدمج روبوتات دردشة قائمة على الذكاء الاصطناعي في المنصات كافة التابعة للشركة بما فيها "واتساب" (أ ف ب عبر غيتي)

 

ملخص

على رغم نجاح "ميتا" المالي في الذكاء الاصطناعي، تثير سياساتها وممارساتها السابقة مخاوف جدية في شأن أخلاقيات استخدامها، مما يستدعي من السياسيين الحذر من تمجيد أصحاب شركات التكنولوجيا الذين قد يفتقرون إلى المسؤولية في توجيه هذه الثورة التقنية.

تألقت "ميتا" لصاحبها مارك زوكربيرغ في "وول ستريت" بعد صدور آخر نتائجها التي بينت أنها حققت مكاسب مفاجئة بفضل استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، وكان الرهان على الذكاء الاصطناعي من أفضل رهانات ملك التواصل الاجتماعي، وهو يؤتي ثماره إلى أقصى حد ممكن، ومن الأرجح أن يستمر الوضع على هذا المنوال لأعوام مقبلة.

وحققت الإيرادات لثلاثة أشهر حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي قفزة بنسبة 22 في المئة لتبلغ 47.5 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي، وارتفعت الأرباح بأكثر من الثلث (36 في المئة) لتحقق 18.3 مليار دولار.

وإن كانت طموحات زوكربيرغ في الذكاء الاصطناعي مكلفة إلى حد الثمالة أيضاً، إذ ارتفع إجمال الكُلف بنسبة 12 في المئة ليبلغ 27.5 مليار دولار، فيما تعهد بإنفاق المزيد، فمن يبالي؟ هذا استثمار ذكي وخطوة تجارية جيدة.

وفي ظل ضخامة مواردها فلا بد من أن "ميتا" ستحتل موقع الصدارة في هذه التكنولوجيا المثيرة والتي يحتمل أن تكون خطرة لأعوام طويلة مقبلة، وهذا الأمر مقلق ولا سيما لمن قرأ كتاب المسؤولة السابقة في "فيسبوك" سارة وين-ويليامز الذي تصدر قائمة المبيعات وفضح الأسرار، وقد تناولت فيه فترة عملها في الشركة وعنونته بـ "أشخاص لا مبالين: قصة تحذيرية عن السلطة والجشع والمثالية المفقودة"، ولو كان لكم أن تقرؤوا كتاباً واحداً حول عالم الأعمال هذا العام، ولو قرأتم كتاباً واحداً فقط حول عالم الأعمال في كل حياتكم، فليكن هذا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تخف وين-ويليامز من طرح الادعاءات البشعة في شأن سلوك الكوادر العليا في الشركة، إذ يمثل كتابها تحقيقاً فاضحاً في خبايا الشركة، وهو يحسن الكشف عن الأسرار، كما أن قراءته ممتعة وإن كانت صادمة بعض الأحيان.

لكن الجزء الأهم فيه هو ما تقوله عن استعداد "ميتا" لتسخير تقنياتها الرائدة بصورة طائشة، فتزعم وين-ويليامز مثلاً أن الشركة وجهت عمداً إعلانات إلى المراهقين استناداً إلى حالهم النفسية، بما في ذلك مراحل الاكتئاب.

والآن يأتي الذكاء الاصطناعي ليًضاف إلى هذا الخليط لتبعث تبعات هذا الأمر على الخوف، كما أن محاولات الشركة مغازلة الصين وكل ما قدمته للنظام هناك أثارت تساؤلات كثيرة، وذكرت وين-ويليامز هذه الادعاءات نفسها أمام أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي، وعلينا ألا ننسى أنها كانت تحت القسم عندها.

فلنضع هذه الأمور في نصابها الصحيح الآن حيث يعيش عالمنا سباقاً محموماً في مجال الذكاء الاصطناعي، ويزعم دونالد ترمب أن الولايات المتحدة قد كسبت هذا السباق بالفعل، وقد يكون محقاً في زعمه، فيما السير كير ستارمر عازم على أن تحتل بريطانيا موقعاً لها في الأقل داخل هذا المشهد، مع أن مسؤولي الإعلام والتواصل في الحكومة لا بد من أنهم يفضلون أن أستخدم عبارات مثل "دور طليعي" أو "ريادي" أو ما شابه.

وكانت أحدث أفكاره النيرة التقرب إلى المؤثرين [على مواقع التواصل الاجتماعي] (هل أنا الوحيد الذي يكره كلمة "مؤثر"؟). يوم الخميس الـ 31 من يوليو (تموز) الماضي، عقد رئيس الوزراء جلسة استمرت نصف يوم جمع فيها نحو 100 مؤثر داخل مقره في "داونينغ ستريت" للبحث في سبل عملهم بصورة أوثق مع الحكومة، والعكس صحيح، نظراً إلى الزيادة الهائلة في استهلاك الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي.

تلمع عيون الحكومة أمام الذكاء الاصطناعي وهي محقة في ذلك، فالدولة البريطانية غارقة في حال من الفوضى ومكبلة بقلة مواردها وضعف قيادتها التي يبدو في معظم الأحيان أنها أكثر اهتماماً بمشاريعها الخاصة على حساب حل المشكلات، وقد يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على تغيير هذا الواقع.

تعتقد وزيرة العدل البريطانية شابانا محمود أنه سيكون قادراً على "التنبؤ بالخطر الذي قد يشكله أحد المجرمين"، وإرشاد عملية "اتخاذ قرارات وضع المساجين الخطرين تحت رقابة أكثر تشدداً"، مما يقلص نسبة العنف في السجون، وأحد المستفيدين المحتملين هو جهاز المراقبة المتعثر، إذ أظهر الاستخدام الأول للذكاء الاصطناعي "انخفاضاً بـ 50 في المئة خلال مدة تدوين الملاحظات، مما سمح لعناصر الشرطة أن يركزوا على إدارة الأخطار والمراقبة والاجتماعات المباشرة مع المجرمين".

وفي "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" البريطانية أخبرونا بوجود تطبيق يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوفير تقييم متخصص في العلاج الفيزيائي لأشخاص يعانون آلاماً في الظهر، أفضى إلى تقليص قوائم الانتظار لتلقي العلاج بنسبة 55 في المئة، ولست متأكداً من رغبتي في أن يتولى برنامج آلي مشكلات ظهري، لكن هذا قد يعود لقراءتي كتباً كثيرة من نوع الـ "دستوبيا" المخيفة.

نشهد بالفعل على بعض الآثار السلبية لهذه التكنولوجيا من خلال إلغاء وظائف المبتدئين في قطاع التكنولوجيا وفي العاصمة، مما فاقم وضع سوق العمل الضعيفة أساساً في المملكة المتحدة، لكن الحكومة تتجنب الحديث عن هذه النقطة، وكل هذا يوصلنا إلى سؤال: هل هذا نوع التكنولوجيا التي نريد أن يسيطر عليها "الأشخاص غير المبالين" كما وصفتهم وين-ويليامز، المهووسين بالنتائج لدرجة أنهم لا يتمهلون أبداً للتفكير في ما يفعلونه؟

هذا ليس انتقاداً لـ "ميتا" وحسب، فالساسة في بريطانيا يتحرقون حالياً لتقديس أصحاب شركات التكنولوجيا، ويعتقدون بأن هذا هو المستقبل، وقد يكونون على حق، وربما تصلح هذه التكنولوجيا "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، وتنجح في جعل دولة متصلبة تخذل الشعب البريطاني بصورة لا لبس فيها، تعمل بصورة جيدة مرة أخرى، ولا بد من أن حياة الناس ستتحسن نتيجة لذلك، لكن إن أضفنا أشخاصاً لا مبالين إلى هذا الخليط فمن السهل كذلك أن ينتج منه مزيج سام.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل