Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طهران بين جولة سادسة للمفاوضات أو جولة ثانية من الحرب

تعي إيران أن أحد أهداف إسرائيل هو جر أميركا إلى صراع عسكري معها وشل نظامها السياسي

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي خلال "اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية" في طهران، 9 أبريل 2025 (أ ف ب)

ملخص

إجمالاً نحن أمام تطورات قد تؤدي إلى جولة سادسة من المفاوضات مع إيران أو جولة ثانية من المواجهة العسكرية معها. ويبدو أن إيران اعتادت دائماً أن يفرض عليها السير في مسار والتحسب للمسار الآخر، فلا يعني استئناف المفاوضات مع واشنطن أو التوصل إلى اتفاق مع دونالد ترمب في أحسن الظروف غياب الجولات العسكرية بين إيران وإسرائيل مرة أخرى.

تزامنت تطورات عدة على مستوى التفاعلات الإيرانية- الأوروبية والإيرانية- الأميركية، في وقت تتزايد التهديدات من قبل الجانبين الإسرائيلي والإيراني في مواجهة بعضهما بعضاً وتصاعد التكهنات بقرب الجولة الثانية من المواجهة العسكرية المباشرة بينهما.

صرح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان باستعداد بلاده للتفاوض مع واشنطن شرط الاحتفاظ بحق طهران في تخصيب اليورانيوم، كذلك صرح النائب الأول للرئيس محمد رضا عارف بأن إيران قد تجري محادثات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة إذا توافرت الظروف المناسبة.

وأدت تصريحات بزشكيان إلى انتقادات داخل إيران وجهت له من قبل مسؤولي الحرس الثوري، فقال القائد في الحرس الثوري عزيز غضنفري، رداً على تصريحات الرئيس إن السياسة الخارجية تتطلب التروي وإن التصريحات المتهورة من السلطات قد تكون لها عواقب وخيمة على البلاد.

ويضاف إلى تلك السجالات الداخلية الحديث حول ما إذا كان الملف النووي سينقل من صلاحيات وزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، بخاصة بعد تسمية علي لاريجاني ممثلاً للمرشد الإيراني داخل أعلى جهات صنع القرار في إيران.

من جهة أخرى، تعمل "الترويكا" الأوروبية على دفع إيران إلى استئناف المفاوضات مع واشنطن قريباً، وفي إطار ذلك عرضت الدول الأوروبية الثلاث على طهران إمكان تأجيل تفعيل آلية "سناب باك" أو العودة السريعة للعقوبات الأممية، وأخيراً أعلنت "الترويكا" أنها أخبرت الأمم المتحدة بنيتها تحريك الآلية آخر أغسطس (آب) الجاري، حال لم ترد إيران بالموافقة على استئناف المحادثات، مما دفع إيران إلى التلويح مرة أخرى بورقة الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا جرى تفعيل الآلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبينما تسعى تلك التطورات إلى دفع إيران لإظهار مرونة أكثر واستئناف المفاوضات، تتزايد سيناريوهات اندلاع جولة ثانية من المواجهة العسكرية الإسرائيلية تجاه إيران. وتتوقع طهران أن تشن إسرائيل حرباً أخرى قبل ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بل قبل ذلك، قبل نهاية أغسطس الجاري.

لذا عملت إيران على إرسال إشارات إلى تغيير في استراتيجيتها مقارنة بالمواجهة السابقة. إذا اندلعت الجولة التالية من الحرب، فتوحي بأنها ستشن هجوماً أكبر من هجوم صاروخي تدريجي لتظهر أنها لا تتأثر بالهيمنة العسكرية الإسرائيلية، وأنه لا يمكن قصفها من دون رد.

وتعي إيران أن حرب إسرائيل ضدها التي جاءت نتيجة عملية "طوفان الأقصى"، أعطت تل أبيب ذريعة لرسم ملامح شرق أوسط جديد، وتدرك طهران أن هدف الحرب عليها كان ليس فقط القضاء على البرنامج النووي الإيراني، بل كان الهدف الرئيس منها تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط. فلأكثر من عقدين، دأبت إسرائيل على الضغط على الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد إيران وإضعافها من أجل ترجيح كفة الميزان لمصلحتها، مما لا تستطيع إسرائيل القيام به بمفردها.

كما تعي أن أحد أهداف إسرائيل هو جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري مع إيران وشل نظامها، فكان الهدف النهائي هو تدخل أميركي شامل يستهدف القوات التقليدية الإيرانية وبنيتها التحتية الاقتصادية، لكن ترمب، مع حرصه على اتخاذ إجراء حاسم، كان لا يرغب في حرب شاملة.

وإذا استمر تعنت إيران في شأن استئناف المفاوضات مع واشنطن، وإذا حاولت من جهة أخرى إعادة بناء قدراتها العسكرية، فستعمل إسرائيل على ضربها مرة أخرى، لذا ستحاول طهران خلق ردع من خلال إظهار أن لهذا الهجوم كلفاً مرتفعة، لذا ربما يمكن تفسير زيارة علي لاريجاني للبنان وحديثه عن أن بلاده الركيزة الأساسية لجبهة المقاومة، الهدف منها إظهار إمكان أن تشهد الجولة الثانية من المواجهة رد إيران إلى جانب "حزب الله"، وأنها ما زالت تتابع من كثب التطورات في المنطقة وأنها ما زالت لديها قدرة على القيام بدور في مستقبل المعادلات السياسية والأمنية في المنطقة.

لكن إجمالاً نحن أمام تطورات قد تؤدي إلى جولة سادسة من المفاوضات مع إيران أو جولة ثانية من المواجهة العسكرية معها. ويبدو أن إيران اعتادت دائماً أن يفرض عليها السير في مسار والتحسب للمسار الآخر، فلا يعني استئناف المحادثات مع واشنطن أو التوصل إلى اتفاق مع دونالد ترمب في أحسن الظروف غياب الجولات العسكرية بين إيران وإسرائيل مرة أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء