Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ألاعيب نتنياهو... لم يرسل وفدا للتفاوض ويهدد غزة بجهنم

خطة الجيش الإسرائيلي: تدمير ما تبقى من مبان وأبراج بكميات هائلة من المتفجرات

اعتبر أفيغدور ليبرمان تصريحات نتنياهو عن احتلال غزة بمثابة تضحية بالأسرى (رويترز)

ملخص

نُقل عن مصدر سياسي إسرائيلي، اتضح في ما بعد أنه مقرب من رئيس الحكومة، أكثر من رسالة مختلفة وإلى حد ما متناقضة، وجميعها لا تحسم في أي اتجاه ينوي نتنياهو أن يتقدم في ملف غزة، لكن ما بات مفهوماً لدى الإسرائيليين، وأيضاً منتدى عائلات الأسرى هو أن ما ذكره نتنياهو عن مفاوضات فورية مجرد تمويه.

استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أي تسريب من اجتماع الكابينت، الذي انتهى في ساعة متاخرة من مساء أمس الخميس، في شأن غزة، وخرج بتصريح مقتضب تضمن تناقضات وتمويهاً لما يريده من العملية العسكرية وصفقة تبادل الأسرى.

أعلن نتنياهو أن إسرائيل في مرحلة الحسم وبأنه صادق على الخطة الحربية التي عرضها الجيش لاستكمال القتال في غزة، وقد أوعز ببدء مفاوضات فورية لإبرام صفقة تبادل أسرى شاملة وإنهاء الحرب، لكنه حرص على إضافة الجملة التي تقف عقبة أساسية أمام أي تقدم في الملفين: "بشروط مقبولة على إسرائيل". وشروط إسرائيل هذه يرفض نتنياهو التنازل عن أي منها، وبعضها القضاء على "حماس"، ونزع سلاح القطاع، وضمان عدم وجود تهديد أمني من غزة على سكان الجنوب وإسرائيل.

لم يذكر نتنياهو أنه لن يرسل الوفد إلى الدوحة أو القاهرة للمفاوضات حول صفقة الأسرى أو تحديد موعد لإرساله كذلك لم يظهر أيضاً موقفاً واضحاً لرد "حماس"، لكنه أبقى الإسرائيليين والوسطاء وحتى "حماس" أمام صورة ضبابية وغير محسومة. "هزيمة حماس والإفراج عن مختطفينا، يسيران جنباً إلى جنب"، قال نتنياهو وهو ما أثار ردوداً من سياسيين وعسكريين.

 مسؤول سياسي إسرائيلي أوضح أن نتنياهو لن يرسل الوفد قبل الاتفاق على صفقة تشمل إعادة جميع الأسرى والجثث دفعة واحدة، عندها فقط سيبحث في شأن إنهاء الحرب وفق الشروط التي وضعتها إسرائيل وترفض التنازل عنها.

رسائل متناقضة وإرباك

بعد حديث نتنياهو، نُقل عن مصدر سياسي إسرائيلي، اتضح في ما بعد أنه مقرب من رئيس الحكومة، أكثر من رسالة مختلفة وإلى حد ما متناقضة، وجميعها لا تحسم في أي اتجاه ينوي نتنياهو أن يتقدم في ملف غزة، لكن ما بات مفهوماً لدى الإسرائيليين، وأيضاً منتدى عائلات الأسرى هو أن ما ذكره نتنياهو عن مفاوضات فورية مجرد تمويه، وفق ما قال مسؤول أمني يرافق منتدى عائلات الأسرى في معركتهم لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى. وأضاف أن "الأجواء التي تسود إسرائيل اليوم الجمعة، بعد سلسلة تصريحات تؤكد أننا باتجاه مفاوضات طويلة تريد الحكومة استغلال أطول وقت فيها لحربها في غزة، وربما انتظار (رئيس حزب أزرق أبيض) بيني غانتس للانضمام إليها لضمان تماسكها واستمراريتها".

الرسائل التي أعقبت حديث نتنياهو جاءت بدايةً من قبل مسؤول سياسي قال للمراسلين الإسرائيليين إنه في هذه المرحلة لن تُرسل بعثة إلى الدوحة أو القاهرة. ثم أُعلن أن نتنياهو خرج بعد اجتماع مساء الخميس بانطباع إيجابي بل أعرب عن رضاه الكامل عن خطط الجيش لاحتلال مدينة غزة. وفي الرسالة الثالثة، وفي محاولة لتصحيح الانطباع بأن إسرائيل تتهرّب من الاتصالات، قيل إنه "مع تحديد مكان إدارة المفاوضات، سيوجّه رئيس الحكومة تعليمات لإرسال الوفد الإسرائيلي لإدارة مفاوضات حول جميع المخطوفين – الأحياء والقتلى معاً – وإنهاء الحرب بشروط إسرائيل"، وفق تعبير المسؤول السياسي ذاته.

 لكن تساؤلات كثيرة طُرحت، في مركزها ما إذا كان نتنياهو سيعلن حقاً عن إرسال وفد المفاوضات وما المقصود بإجراء مفاوضات فورية، ما دامت أنها تجري بين "حماس" والوسطاء وقد تمت الموافقة من قبل الحركة على الصيغة المطروحة؟

والسؤال الذي هيمن على أجندة الإسرائيليين، اليوم الجمعة هو: كيف ستسيطر إسرائيل على مدينة غزة إذا أوقفت القتال؟ وماذا ستفعل بها إذا تحقق اتفاق بعد ذلك؟

لم يوفر نتنياهو رداً على هذه الأسئلة لكن مسؤولين عسكريين وسياسيين طرحوا جوانب عدة مما هو متوقع، خصوصاً خطة الحرب في غزة وما تم تسريبه من تفاصيل لها، وهي تشير بصورة لا تقبل التأويل إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يتقدم نحو صفقة أسرى ولا إنهاء حرب قريبة. ولخص أكثر من مسؤول في حوار حول الموضوع أن نتنياهو يراوغ ويكسب الوقت مع مصادقته على بدء العملية العسكرية في غزة، التي يقدّر الجيش أنها ستستمر حتى مطلع العام المقبل.

رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، اعتبر تصريحات نتنياهو بمثابة تضحية بالأسرى وأن "كذبه ليس الأول ولن يكون الأخير"، وأضاف، "نتنياهو يضحّي بجميع مخطوفينا على مذبح الحفاظ على الائتلاف، هذا نمط سلوكه. هناك كثير من المبادرات، فقط دولة إسرائيل لا تبادر إلى شيء. بين سلامة الائتلاف وسلامة المخطوفين، بالنسبة إليه الائتلاف أهم بكثير وهذا صحيح أيضاً بخصوص احتلال غزة فهو في نهاية المطاف لا يريد الانتصار على ’حماس‘، لا يريد حسم المعركة مع ’حماس‘، إنه لا يريد ولا يستطيع أن يقود الجيش إلى أي حسم أو نصر. لا نية له للحسم، لقد كنا بالفعل في مدينة غزة، كنا في مستشفى الشفاء وفي حي الرمال، كنا في البرلمان الفلسطيني، في مقر حكومتهم، كنا هناك. المشكلة أن نتنياهو غير قادر على نطق عبارة ’وقف الحرب‘ لأنها عنصر مركزي لائتلافه ولوزيريه سموتريتش وبن غفير اللذين يريدان حرباً لا نهاية لها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تسوية ما تبقى من أبراج ومبان وتفجير أنفاق

وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي اعتدنا على تهديداته بعد تصريحات لنتنياهو، فتكون بمثابة توضيح لحقيقة الأهداف الإسرائيلية، أعلن صباح الجمعة، ما لم يقله نتنياهو وهو ما يبعد احتمال إنهاء الحرب، فقال "قريباً ستُفتح أبواب الجحيم حتى توافق ’حماس‘ على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وعلى رأسها إطلاق جميع الرهائن والتخلي عن السلاح. وإذا لم توافق فإن غزة، عاصمة ’حماس‘، ستتحول إلى رفح وبيت حانون".

وماذا يقصد كاتس بأن تتحول مدينة غزة إلى رفح وبيت حانون؟

في خطة الجيش "مركبات جدعون – ب"، هدف مركزي بتسوية كل منطقة سيدخلها الجيش بالأرض، وسيستهدف ما تبقى من أبراج ومبان سكانية باستخدام كميات غير مسبوقة من المتفجرات التي جهّزها وحصل على كمية كبيرة منها من الولايات المتحدة قبل نحو شهرين.

وادعى تقرير استخباراتي إسرائيلي أن "حماس" عادت لترميم الأنفاق – حتى في مناطق سبق ونُفّذت فيها مناورات عسكرية، إضافة إلى ذلك، يقدّر الجيش وجود منظومات كبيرة ومهمة لـ"حماس"، تحت الأرض في مدينة غزة، بعضها لم يُكشف في المناورة الأولى التي أجراها الجيش هناك قبل نحو عام ونصف العام، والتي هي اليوم في مركز العمليات العسكرية.

وبحسب مطلعين على عملية "مركبات جدعون ب"، هناك عمليات مشابهة تماماً للعملية السابقة، ليس فقط في محاور الاختراق الجديدة التي ستُفتح حول مدينة غزة، إنما أيضاً، في كل ما يخطط له الجيش في تسوية المباني الصناعية والسكنية، كما جرى على نطاق هائل في الأشهر الأخيرة في رفح وخان يونس جنوب القطاع.

ويتفاخر الجيش بأن قوات لواء المظليين سبق وسوت بالأرض أكثر من 2000 مبنى خلال الأشهر الأخيرة، بعضها مكوّن من ثلاثة أو أربعة طوابق.

صعوبات عملية في غزة

ونُقل عن ضابط مسؤول في غزة ان الصعوبة التي سيواجهها الجيش في مدينة غزة، على عكس البناء المنخفض نسبياً في مدن مثل خان يونس أو في بلدة بيت حانون شمال القطاع، تكمن في طابعها الحضري. وبحسبه فإن مدينة غزة "ليست كبيرة نسبياً في مساحتها، لكنها مليئة بالأبراج السكنية التي أصيب كثير منها في الماضي لكنها لا تزال قائمة، ويمكن أن تُستخدم ليس فقط لفرق مضادة للدبابات، وقناصة، ومراقبين من 'حماس' في الأشهر المقبلة، إنما أيضاً، كغطاء لشبكة أنفاق معقدة تحتها".

وأكد الجيش أنه في خطته التي صودق عليها مساء الخميس، يجب استخدام كميات هائلة من المتفجرات. وبحسب الضابط المسؤول "لكي يُسوّي الجيش مباني شاهقة من 10 إلى 15 طابقاً، التي تتركز خصوصاً في غرب مدينة غزة في أحياء مثل صبرا، سيستخدم كميات هائلة من المتفجرات، إضافة إلى معدات هندسية ثقيلة، بعضها تآكل ميكانيكياً بسبب القتال الطويل الذي بدأ مع هجوم ’حماس‘ في السابع من أكتوبر (تشرين) الأول 2023".

ذروة عملية "مركبات جدعون ب"، كما تبين لن تبدأ قبل سبتمبر (أيلول) المقبل، وهي مرهونة بمدى قدرة الجيش على إخلاء مليون غزي من مدينة غزة إلى الجنوب، إزاء الصعوبات المتوقعة.

وتشمل المرحلة الحالية للجيش الاستعداد والتدريب لترجمة الفكرة العملياتية إلى خطط تنفيذية ستضعها قيادة الجنوب: الفرق التي ستعمل ستكون أول من تحاصر مدينة غزة من جميع الجهات، وتتقدم تدرجاً أيضاً إلى أحيائها الغربية حيث الأبراج المتبقية. بعد ذلك ستجري محادثات معمقة حول الخطوات العسكرية وتوقيتات العمل والحالات والردود والاستعدادات اللوجستية والتدريبات النهائية وحشد قوات في منطقة الحدود وعلى محور نتساريم، إضافة إلى الضربات الجوية التي ستكون أولى الخطوات في كل مرحلة من مراحل العملية.

من جهته أعلن المتحدث باسم الجيش أنه بدأ بخطوات تمهيدية استعداداً لـ"مركبات جدعون ب"، وأن هناك قوات تسيطر على أطراف مدينة غزة.
بعد التمركز في أطراف المدينة، بحسبه، ستشمل المراحل التالية لتحقيق السيطرة العملياتية على غزة: إخلاء السكانو إقامة مراكز مساعدة إنسانية وإقامة مستشفيات ميدانية وتطويق المدينة. ويُتوقع أن تنطلق العملية مع استدعاء 60 ألف جندي احتياط، لكنها ستُستكمل فقط بعدما يقرر الكابينت ما إذا كان سيقبل الصفقة أم سيرفضها، وفق مسؤول عسكري مطلع على تفاصيل الخطة.

في المرحلة الأخيرة من العملية، التي ستبدأ بعد إخلاء المنطقة من الغزيين وتطويقها، ووصفها الإسرائيليون بالأقسى والأخطر، سيمشط الجيش المنطقة فوق الأرض وتحتها. ووفق التقديرات، إذا لم يطرأ تقدم في مفاوضات صفقة الأسرى، فإن احتلال غزة سيستمر حتى مطلع العام المقبل 2026.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير