وسط تحفظ دولي كبير ومخاوف من إطلاق سراح عناصر "داعش"، فضلاً عن مأساة إنسانيَّة يعيشها أكراد سوريا، واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجومه العسكري على شمال شرقي سوريا، بما سمَّاه عمليَّة "نبع السلام"، لليوم الخامس على التوالي.
الهجوم التركي أثار موجة من ردود الفعل على المستويين الرسمي والشعبي، إذ اتخذ عدد من الغربيَّة قرارات تجاه العمليَّة العسكريَّة، منها تعليق التسليح من قبل بعض البلدان التي أبدت انزعاجها ومخاوفها مما يحدث، وطالبت الجامعة العربية في اجتماعها الطارئ، أمس، تركيا بالانسحاب غير المشروط، واصفة وما يحدث بأنه "عدوان وغزو"، ومهددة باتخاذ قرارات سياسية واقتصادية وعسكرية تجاه تركيا، وعلى الصعيد الشعبي خرجت تظاهرات منددة بما يحدث في سوريا، ومتهمة أردوغان بأنه "راعي الإرهاب".
وفي المقابل وعلى خلفيَّة اجتماع وزراء الخارجيَّة العرب، زار وفد كردي رسمي القاهرة بهدف البحث عن دعم عربي للمقاومة الكرديَّة، والتقت "اندبندنت عربيَّة" الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة رياض درار، الذي جاء إلى القاهرة قادماً من النمسا، بعد تلقيه دعوة من وزارة الخارجيَّة المصريَّة.
درار أجاب عن عدة تساؤلات عالقة، منها كيف يرى الهجوم التركي؟ وما رؤيته للموقفين العربي والأوروبي؟ وما السر وراء الالتقاء الأميركي والروسي مع أنقرة؟ ولماذا تحفّظت قطر على قرار إدانة تركيا؟
تحالف تركي داعشي
في البدايَّة قال الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة، "تركيا شديدة التحالف مع (داعش)، تكاد تكون بانيَّة له. "داعش" على الحدود التركيَّة يتعاون معها ويتاجر معها منذ ثلاث سنوات، ويُدخل عن طريقها السلاح والإرهابيين الذين يتدربون في أراضيها، ثم يدخلون إلى سوريا"، مضيفاً "أردوغان يريد أن يبتز العالم، ويهددهم بأن بين يديه ورقة تحرقهم جميعاً".
وتابع، "المشروع التركي هدفه السيطرة على مناطق الميثاق الملي (من حلب إلى الموصل والمنطقة بينهما)، وبالتالي تسعى أنقرة إلى تغيير ديموغرافي لأبناء المنطقة الأصليين بجلب عناصر درَّبتهم ووظفتهم، وكما تقوم في عفرين بتخريب وتغيير ديموغرافي ومحاربة من يقف بوجه المشروع التركي ستفعل ذلك في المناطق ذاتها لو أحكمت سيطرتها عليها".
استقطاب أميركي روسي
وعن الموقف الأميركي والروسي ووقوفهما ضد البيان الصادر عن مجلس الأمن، قال درار "في الصراع الدولي توجد (كيديَّة) بين أميركا وروسيا، وجزءٌ من هذه الكيديَّة ينطبق على تركيا. موسكو وواشنطن يحاولان استقطاب تركيا على حساب مقايضة الأرض السوريَّة. ولا شكّ أن أميركا أعطت الضوء الأخضر لتركيا للهجوم، لكنها (أميركا) لن تتحمل الصدمة".
وأكد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة، "إذا خسرت أميركا أمام المشروع الثلاثي لأستانة يمكن أن تخرج بلا رجعة من المنطقة، وهذا أمر يسيء إلى الموقف والرؤيَّة الأميركيَّة ومستقبل وجودها بالمنطقة. وأتوقع أن يستعيد الأميركان الموقف وتمنع الولايات المتحدة استمرار هذا الهجوم، وتحجّم روسيا عن السيطرة على الموقف بتحالفها الثلاثي مع إيران وتركيا".
ووصف درار الموقف الأوروبي بـ"الجيد"، قائلاً "الدول الأوروبيَّة أعلنت رفضها وإدانتها الهجوم، وهو ما يؤسس إلى قرار جديد ينتج عن لقاء عالي المستوى نحن بانتظاره، ويعطى تأثيراً أقوى من الضغط الاقتصادي، ويهدد توازناتها بالداخل".
الحكومة السوريَّة وتلقي الأوامر
ورأى الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة، أن موقف الحكومة السوريَّة لا يسمن ولا يغني من جوع، مؤكداً أن "ممثليها يتحدثون بما لا يستطيعون، فعندما يعدون بأنهم يحمون الحدود ويدافعون عنها، لا يستطيعون أن يتقدموا شبرا باتجاه أي منطقة إلا إذا تلقوا الأوامر من روسيا وإيران، وقد فعلوا ذلك في عفرين، عندما تخلوا عنها وقد وعدوا بحمايَّة جويَّة وبمنع الطيران من الاعتداء على المناطق السوريَّة"، مؤكداً أن "الحكومة السوريَّة لا تستطيع أن تأخذ قراراً إلا إذا جاءتها الأوامر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن إمكانيَّة عودتهم تحت حكم سوريا يقول درار "الدولة السوريَّة ليست ملكاً لأشخاص، هي مؤسسات، ويفترض الجميع أن يعمل ضمن هذه المؤسسات، ومن أجل فاعليَّة هذه المؤسسات نحن في مناطقنا حافظاً على مؤسسات الدولة لم نهدمها، وهي موجودة وتقوم بدورها، إذن كلمة الدولة السوريَّة موجودة عندنا، لكن المشكلة في النظام العنجهي الذي يمارس استبداده، ولا يستمع إلى شعبه، وهذا الاستبداد وهذه العنجهيَّة هما ما يجعلان الطريق مسدوداً أمام أي حل سياسي".
ويرى درار أن عودة دمشق إلى الجامعة العربيَّة "أمرٌ يدين الجامعة نفسها"، موضحاً "نحن من يعيد سوريا إلى الجامعة، أبناء وممثلو الشعب عندما يتم التفاهم على شكل الدولة السوريَّة والنظام السوري الجديد الذي يُمكن أن يُبنى بشكل مختلف عن نظام الاستبداد، وقتها ستعود سوريا وبأسهل ما يمكن إلى أحضان الجامعة العربيَّة، وإلى فاعليتها على مستوى كل المناطق والمواقع".
فشل المعارضة السوريَّة
وأضاف الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة، "مسار الأحداث كشف أنه ليس لدينا معارضة سوريَّة. المعارضة التي ظهرت في البدايات فشلت فشلاً ذريعاً، ثم ارتهنت للآخر، وبالتالي النظام السوري الآن في أفضل حالاته. هو يستعيد الأراضي، ويجعل المعارضة في فشل مستمر، حتى وصلنا إلى اللجنة الدستوريَّة، وستكون محاولة جديدة لإفشال هذه المعارضة أو إخضاعها لشكل من أشكال الدستور، بالشكل هذا لا يمكن أن تصل النتائج إلى حل".
وتابع "تأسيس اللجنة الدستوريَّة به عوار، فلم تمثل كل المناطق والطوائف والمجموعات، والتمثيل الشكلي مدانٌ، لأن الممثلين لا يمثلون أنفسهم، فليس لديهم قرار بأيديهم حتى يتحدثوا عن السوريين".
حظر جوي
وطالب درار الدول بمواجهة الهجوم التركي، قائلاً "نتحدث عن إمكانيَّة حظر جوي"، موضحاً "الطائرات الدرون موجودة تراقب من كثب، وقصفت سيارات مدنيَّة قُتِل فيها الأمين العام لحزب سوريا المستقبل المهندسة هيفين، وهى امرأة مدنيَّة وقائد سياسي لا علاقات لها بالعسكريَّة، وهذا يدل على أن الاستهداف شمل النساء والرجال المدنيين والعسكريين والأطفال والشيوخ، هذه مسألة أيضاً تحتاج إلى معالجة إذن حظر الطيران مهم جداً، وإذا تمكنّا من جلب أسلحة دفاعيَّة قادرة على استمرار المقاومة فلن نقصر في ذلك".
قطر تدين نفسها
وعن المخاوف من فرار عناصر داعش الموجودين بالسجون قال الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيَّة، "هم موجودون في سجون الإدارة الذاتيَّة، ووارد أن تقع السجون تحت قصف النيران، ومن ثمّ تتأثر القوات التي تحمي هذه المناطق، وهم في حدود 12 ألف عسكري، ومن الممكن أن يضطروا للتوجه إلى مناطق المقاومة والقتال، وهذا ما يضعف الحمايَّة للمناطق، والدواعش مشهورون ومعروفون بخطورتهم وتمردهم في كل المواقع، ويمكن أن يشكّلوا تأثيراً ضاغطاً على المنطقة، وهذا ما تريده تركيا".
وعلق درار على تحفّظ قطر على بيان وزراء الخارجيَّة العرب، قائلاً "قطر تدينُ نفسها، لا يوجد مبرر أو حجة لديها للوقوف إلى جانب الاعتداءات التركيَّة على أرض سوريَّة، الدوحة تعمل بكيديَّة، وبالتالي هذه الكيديَّة ستؤثر عليها وعلى مواقفها، خصوصاً عندما يفتضح الموقف التركي وتتبين الحقائق لاحقاً".