للمرة الأولى في المملكة المتحدة، تُولِّد مصادر الطاقة المتجدِّدة كمية كهرباء تفوق تلك الناتجة من الوقود الأحفوريّ، وفقاً لدراسة تحليليَّة تناولت استخدام الطاقة في بريطانيا في الربع الثالث من العام الحاليّ.
بحسب الأرقام التي بيّنتها الدراسة، ولَّدت مزارع الرياح، والألواح الشمسيَّة، والكتلة الحيويَّة، والطاقة الكهرومائيَّة 29.5 تيراواط/ ساعة من الطاقة في أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) 2019، مقارنة مع 29.1 تيراواط/ ساعة من الوقود الأحفوريّ، وفقاً لـلموقع الإلكتروني "كربون بريف" Carbon Brief.
بالعودة إلى الوراء، نجد أنّ في عام 2010 كانت كمية الطاقة الناتجة من حرق الوقود الأحفوريّ أكبر بعشر مرات من كمية الطاقة المتولِّدة من مصادر الطاقة المتجدِّدة. لكنّ تراجعت تكلفة الأخيرة، إذ أصبحت طاقة الرياح الساحلية والطاقة الشمسيّة أقل سعراً في أغلب الأوقات.
في الواقع، تمثِّل هذه الخطوة أحدث إنجاز في مسار المملكة المتحدة المتسارع في إزالة الكربون كمصدر طاقة في نظامها الكهربائيّ. وليس ذلك بعيداً عن رأي الدكتور سيمون إيفانز نائب رئيس تحرير موقع "كربون بريف"، الذي أخبر صحيفة "الاندبندنت" أنّ "المملكة المتحدة أحرزت تقدّماً ملحوظاً في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال العقد الماضي".
بحسب قوله، "تعود غالبية ذلك التقدّم إلى قطاع الكهرباء، فقد أظهر تحليلنا أنّ توليد الطاقة من الوقود الأحفوريّ انخفض إلى النصف منذ عام 2010، فيما ازداد استخدام مصادر الطاقة المتجدِّدة أكثر من أربعة أضعاف".
ولكنّه يضيف، أنّ "قطاعات أخرى من الاقتصاد في المملكة المتحدة حقَّقت تقدماً ضئيلاً جداً في هذا الشأن. وفي الحقيقة، لن تكون المملكة المتحدة قادرة على الوصول إلى أهداف الكربون الملزمة قانوناً في المستقبل من دون خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مجالات أخرى، من بينها قطاعا التدفئة والنقل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هكذا، من إجمالي 29.1 تيراواط/ ساعة من الوقود الأحفوري، بلغت حصة الغاز 28.4 تيراواط/ ساعة، والفحم 0.4 تيراواط/ ساعة، والنفط 0.3 تيراواط/ ساعة، ذلك وفقاً لتحليل الإحصاءات الوطنيّة الذي قامت به وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجيّة الصناعيَّة (بي. إي. أي. أس). في بريطانيا.
وفي الوقت الحاضر، ثمة فقط سبع محطات لتوليد الطاقة تعمل بالفحم في المملكة المتحدة، علماً أنّ من المقرر أن تُغلق آخر محطة في حلول عام 2025.
أمّا بالنسبة إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة، فمن إجمالي 29.5 تيراواط /ساعة من مصادر الطاقة المتجددة، بلغت نسبة الرياح 14.6 تيراواط /ساعة، والكتلة الحيويّة 8.8 تيراواط /ساعة، والطاقة الشمسيّة 4.7 تيراواط /ساعة، والطاقة الكهرومائيّة 1.4 تيراواط /ساعة.
يشكِّل ذلك جزءاً من اتجاه متنام في البلاد، وفي الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحاليّ، تفوّقت مصادر الطاقة المتجدِّدة على الوقود الأحفوريّ في 103 أيام من أصل 273 يوماً.
ولكن على الرغم من النجاح الهائل في قطاع الكهرباء، جاء التقدّم الذي أحرزته قطاعات اقتصادية أخرى في الحدّ من الانبعاثات ضئيلاً.
على سبيل المثال، بلغ معدل غازات الدفيئة للفرد في بريطانيا في العام الماضي 6.8 أطنان، علماً أنّ من المطلوب تصفير الانبعاثات في حلول عام 2050.
وبحسب تقرير "لجنة تغيّر المناخ" البريطانية "سي. سي. سي" السنويّ الذي تقدّمه للبرلمان، ما زالت إجراءات المملكة المتحدة من أجل خفض انبعاثات الغازات التي تسهم كثيراً في تغيّر المناخ متأخّرة أشواطاً عن المطلوب.
جدير بالذكر أنّ "لجنة تغيّر المناخ" حصلت على 30 مليون جنيه إسترلينيّ إضافيّ في أحدث خطة إنفاق سنويّ في المملكة من أجل "تسريع التقدّم" في مشاريع إزالة الكربون في العام المقبل.
ولكن لم يتخطَّ المبلغ 0.1 في المئة من المطلوب، وفقاً لأكبر الجمعيات البيئيّة في بريطانيا، من بينها منظمتا "غرينبيس" (السلام الأخضر) و"فريندز أوف إيرث (أصدقاء الأرض).
© The Independent