يدور جدل في الأردن منذ أيام حول منهاج جديد أقرته وزارة التربية والتعليم لتلاميذ الصفين الأول والرابع الابتدائي، وسط حملة شعبية لإعادة كتب العلوم والرياضيات مثار الجدل والاحتجاج إلى المدارس.
ويرى أهالي التلاميذ ومتخصّصون وتربويون أن المنهاج الجديد المترجم عن منهاج بريطاني أعلى من قدرات التلاميذ، الذين لم يحظوا بفرصة التعليم المبكر، ولا يناسب مستوياتهم.
ويدور حديث عن نحو 400 ألف تلميذ سيتأثرون سلباً بالمناهج الجديدة، فيما تصر وزارة التربية والتعليم على أن المنتقدين يستبقون الأمور، بينما يرد منتقدون أن ثمة توجهاً منذ عام 2016 لتعديل المناهج على نحو يستهدف الثقافة العربية والإسلامية في الأردن.
منهاج كولينز
المنهاج الجديد مثار الاستياء يدعى منهاج "كولينز" البريطاني، تحول إلى وسم على تويتر بعنوان #لا_لمنهاج_كولينز، وطالته انتقادات كثيرة من بينها الحاجة إلى الاستعانة بمناهج بريطانية مع وجود المركز الوطني للمناهج.
ويرى مراقبون أن المنهاج البريطاني لا يناسب البيئة الأردنية مطلقاً ولا الصف المدرسي الذي يحوي أكثر من 40 إلى 50 تلميذاً في المرحلة الابتدائية، خصوصاً في القرى والبادية والمناطق النائية.
بينما يذهب آخرون بعيداً بالقول إن ما يحدث مؤشر إلى خصخصة التعليم وتفكيك مؤسسات التربية التقليدية في البلد.
ويقول معلمون أردنيون إن المنهاج الجديد صعب على تلميذ الصف الأول الابتدائي ويحتاج إلى تأسيس سنة على أقل تقدير، فضلاً عن عدم احتوائه على تدرج في المعلومات.
ويحتوي المنهاج الجديد على تغيير مربك. فعلى سبيل المثال، تم تحويل الأرقام العربية إلى الأرقام الإنجليزية.
نظام تعليم بريطاني
تقول النائب هدى العتوم، التي فتحت الملف أمام الإعلام، إن الكتب الجديدة هي من تأليف شركة بريطانية ولا يوجد فيها أي إشارة إلى مراجعة وطنية أردنية بأي شكل من الأشكال، سواء من حيث تدقيق المحتوى أو المراجعة أو التحرير، إلا قرارُ الوزارة باعتماد قرارَي المركز الوطني للمناهج ومجلس التربية والتعليم لتدريس هذه الكتب.
وتضيف العتوم "نُظمت الكتب الجديدة التجريبية كما يبدو على أساس نظام التعليم البريطاني، حيث أن التلميذ ينتسب إلى سنتين دراسيتين قبل الصف الأول، ويُبنى كتاب الصف الأول على المعارف السابقة".
ووصفت الكتب الجديدة بأنها معزولة عن محتوى الكتب الأخرى التي تدرّس للصف نفسه، بعيداً من سياسة الإحلال أولاً بأول المعمول بها في التعليم.
بينما يتحدث الدكتور محمود المساد، المدير السابق للمركز الوطني للمناهج، عن ملاحظات جوهرية وشكلية مهمة في المنهاج الجديد، فضلاً عن ضعف الترجمة والأخطاء اللغوية الواردة فيها، وعدم ترابط المحتوى بين فقرة وأخرى.
ويضيف "يخلو محتوى المنهاج من المفاهيم المرتبطة بالبيئة والإنسان والمفاهيم السياسية التي أقرّت سابقاً، إضافة إلى اعتماد الأرقام التي لم يعتد عليها التلميذ".
حملة لإعادة الكتب
يسعى ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إنجاح حملة تهدف إلى إعادة كتب المنهاج الجديد إلى وزارة التربية والتعليم احتجاجاً، تحت عنوان حملة إسقاط "نظام كولينز".
لكن الرئيسة التنفيذية للمركز الوطني للمناهج الدكتورة ربا البطاينة تقول إن الرفض الذي قوبل به المنهاج الجديد هو من باب المعارضة لكل ما هو جديد، داعية المعترضين إلى التروي.
تضيف البطاينة "منهاج كولينز هو نظام كامبردج الذي يحظى بقيمة مجتمعية وفكرية عالية ومحتوى عال من الجودة والذي تم قياسه على مخرجات تعليمية دولية".
تؤكد البطاينة أن الكتب الجديدة تركز على إستراتيجيات التعلم الحديثة وتراعي تمايز التلاميذ في القدرات، وبناء المعرفة بشكل تدريجي تمهيداً للصفوف اللاحقة، فيما تستخدم هذه الكتب أساليب تعليمية متنوعة لترسيخ المفاهيم وربط العلم بالحياة العملية وبيئة الطالب، وتتميز بحداثة وثراء المحتوى والمعلومات وزيادة الإثراء اللغوي للتلاميذ.
وتشير إلى أنه في الكتب الجديدة، وللمرة الأولى، تم اعتماد الأرقام العربية بدلاً من الهندية التي كانت تستخدم في الكتب السابقة، تمهيداً لمرحلة التعليم الجامعي حيث تستخدم الأرقام العربية في التدريس.
يقول نور الدين نديم، الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين، إن الحكومة وضعت قيوداً على تدخّل المعلمين في تعديل المناهج.
ويضيف نديم أن النقابة حذّرت الوزارة من الأخطاء والمغالطات الموجودة في الكتب الجديدة ومنها الأخطاء العلمية، مع وجود ترجمة ركيكة وعدم ربط المناهج بالبيئة المحيطة.
دعوات إلى الردة عن التطوير
يقول الكاتب فهد الخيطان إن الجدل حول المناهج الدراسية ليس بلا معنى، لكن المهم ألا يكون مقدمة لوأد مشروع تطوير المناهج.
ويضيف "البعض يحتج بدعوى عدم ملاءمتها للثقافة السائدة، واغترابها عن البيئة الأردنية، والمأخذ الرئيس عليها بهذا الصدد إعدادها من قبل شركة أجنبية وترجمتها إلى اللغة العربية".
يعتقد الخيطان أن على الحكومة الأردنية ألا تخشى من الجدل الدائر وما سمّاها دعوات الردة عن مبدأ تطوير المناهج، خصوصاً أن الاتجاه العام في الأردن كان يطالب دائماً بتطوير المناهج ويلح في الضغط على الحكومات لإصلاح التعليم، وينظر على نطاق واسع إلى البرنامج الأجنبي في المدارس الخاصة الأردنية باعتباره ميزة يتفوق فيها خريجو هذه المدارس على أقرانهم من تلاميذ المدارس الحكومية.