كعادة لبنان في تقديم الحلول المعقدة، المؤثرة وغير الناجزة في الوقت نفسه، حقق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع نصره الذي لم يلحق هزيمةً بأحد، بعدما وجه ضربته التي لم تكن تنتظرها الحكومة الحالية بالدفع نحو استقالة وزرائه من مجلسها، الذي لم يؤمن به من اليوم الأول لتشكيله.
إذ أعلن جعجع عند منتصف ليل السبت 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بعد اجتماعٍ في معراب لتكتل "الجمهورية القوية"، أن التكتل "قرر الطلب من وزرائه التقدم باستقالتهم من الحكومة وتشكيل حكومة جديدة بعيدة كل البعد عن الحكومة الحالية"، مؤكداً أن الوزراء الحاليين عاجزون عن اتخاذ الإجراءات المطلوبة لإنقاذ البلاد من الأوضاع الاقتصادية التي تتخبط بها.
حزب القوات الذي يمثله في الحكومة كلٌ من: غسان حاصباني نائب رئيس الحكومة، وكميل أبو سليمان وزير العمل، وريشار قيومجيان وزير الشؤون الاجتماعية، ومي شدياق وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، ينوي تسليم مقاعده الأربعة في خطوةٍ يدفع فيها "الحكيم" العربة نحو مطلب إسقاط الحكومة التي وصلت علاقته بها للمرحلة التي "لا يزيح فيها شعرة"، بحد وصفه في مناسبة ماضية.
فما مدى تأثير الخطوة التي أقدم عليها سمير جعجع وحزب القوات اللبنانية في طريق تحقيق مطلب إزاحة الحكومة الحالية؟
ماذا يقول الدستور؟
تنص المادة 69 من الباب الثاني - الفصل الرابع في الدستور اللبناني، على اعتبار الحكومة مستقيلة في الحالات التالية: استقالة الرئيس أو وفاته، عند بدء ولاية رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، أو في حالة نزع الثقة عن الحكومة من قبل المجلس النيابي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأخيراً عند استقالة ثلث أعضائها، وهي الحصة التي لا يملكها حزب القوات في مجلس الوزراء، إذ يشكل ثلث مجلس الوزراء اللبناني المكون من 30 وزيراً ما نصابه "10 وزراء" في حين لا يمتلك القوات سوى أربعة مقاعد في المجلس، الأمر الذي يحتم عليه بناء موقف مشترك مع كتل "صديقة" أخرى داخل المجلس.
الخطوة التي تبرأ منها أقرب الحلفاء، الحزب التقدمي الاشتراكي بعد تغريدة لرئيسه وليد جنبلاط نفى فيها نيته الطلب من وزرائه الاستقالة، على الرغم من عدم تأثير الخطوة في احتمالات تحقيق نصاب حل المجلس. وأكد جنبلاط معارضته أي خطوة تنتهي بخلق "فراغ"، بحسب تصريحه إلى قناة الجديد "أعلم أن ما أقوله صعب وغير شعبي لكن الذهاب إلى الفراغ المطلق أصعب وعلينا تفادي الفراغ والانهيار المالي".
بانتظار انقضاء "الوقت القصير جداً"
مطلب سمير جعجع بتشكيل حكومة جديدة كلياً بعيداً عن الأكثريّة الحكوميّة الحاليّة، مرتبط بما سيترتب على انقضاء "المهلة القصيرة جداً"، التي أعطاها رئيس الحكومة سعد الحريري لشركائه في الحكومة لدعم الإصلاحات التي يسعى إلى تطبيقها.
إذ يملك رئيس الحكومة القدرة على تحقيق رغبة "الحكيم" في حال جاء رده المنتظر بعد الـ"72 ساعة" على عجز شركائه على دعمه متناغماً مع موقف القوات. إذ يملك رئيس الحكومة القدرة على حل المجلس بمجرد تقديمه استقالته، على الرغم من نفي جعجع وجود أي تنسيق مع الحريري حول موضوع الاستقالة، مغرداً "ما يتم تداوله عن اتفاق بيني وبين الحريري غير صحيح على الإطلاق، وهذا الكلام من نسج خيال أصحابه فقط لا غير مثلما عوّدونا تباعاً".
وقال الحريري في وقت سابق من يوم الجمعة 18 أكتوبر، في كلمة متلفزة أعلن عنها مسبقاً بعد إلغاء اجتماع كان مقرراً لمجلس الوزراء في اليوم نفسه، "أنا شخصياً منحت نفسي وقتاً قصيراً جداً، إما أن يعطينا شركاؤنا في التسوية والحكومة جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً يقنعني ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي، بأن هناك رغبة لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد أو أن يكون لدي كلام آخر".
وهي المهلة المقرر انتهاؤها غداً الاثنين 21 أكتوبر ليكشف بعدها الحريري عن "كلامه الآخر".