حالة من الغبن والخديعة، أصابت المتظاهرين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، بعد انتهاء كلمة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري اليوم الاثنين، إذ لم تعبّر عمّا هدفوا إليه، مبتعدة من الهدف الرئيس للتظاهر... استقالة الحكومة.
ومع انتهاء الكلمة، تدفقت الحشود مجدداً إلى الساحتين للتعبير عن الغضب ورفض المقررات التي تكلم عنها الحريري، فرفعت شعارات ضده شخصياً، متهمة إياه بـ "التخاذل والتبعيّة".
طلب الحريري مهلة 72 ساعة لتقديم إصلاحات جديدة بداية الحراك اللبناني، وعمل خلال أيام ثلاثة، على ترتيب ورقته وتنظيمها بالتشاور مع بقية القوى السياسية، لكن ما قدمه عصر اليوم، أتى بعيداً تماماً من المطالب التي يريدها المحتجون.
وفي حديث مع بعض المتظاهرين، ندرك أن سقف المطالب عالٍ جداً، إذ يريدون تغيير النظام الطائفي، ووقف المحاصصة والتقسيمات الإدارية، والاتجاه صوب دولة مدنية علمانية، يحكمها الأفضل ومن يكون صاحب رؤية مستقبلية، ويدعم قطاعي الزراعة والصناعة، وتأمين فرص عمل جديدة.
مطالب الحراك
ومن أبرز مطالب الشبان: تحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة، استقالة الحكومة، إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة بشكل جدي حقيقي وقبل خروج المتظاهرين من الشارع، حكومة مصغرة تتكون من أخصائيين لإدارة الانتخابات النيابية وأخذ التدابير المالية العاجلة، إلى حين استلام حكومة جديدة منبثقة من مجلس نيابي جديد، إضافة إلى قانون استعادة الأملاك البحرية والنهرية وإزالة التعديات، ووقف التراخيص للكسارات والمرامل التي "تأكل" جبال لبنان.
الحريري
يبدو أن الحريري مربك في قراراته، وحتى في الإصلاحات التي قدمها، ولأن الثوار يعرفون أن لا ثقة بالطبقة الحاكمة، ولا ثقة في قراراتها التي نهبت أموال الشعب طوال 30 سنة، رفضوا ما تقدم به نجل الشهيد رفيق الحريري.
إلا أن تباين وجهات النظر إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات حالا دون وفاء الحكومة، التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، بالتزاماتها.
كلام قد يبدو رومنسياً، من رئيس حكومة إلى متظاهرين يطالبون باستقالته، لكن المطلع على خفايا الأمور، يعرف تماماً أن قرار الاستقالة لا يملكه الحريري، وهو في قبضة التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر. من هنا المنطلق، حاول الرجل إجراء بعض الإصلاحات، لكنها غير كافية لوقف نبض الناس.
إصلاحات لا تحصى
قد يكون ما طرحه الحريري جيداً، في حالة استقرار مادي أو اقتصادي، لكن حين يكون البلد في الحضيض، فهي غير كافية وثانوية، ولا تعالج لب المشكلة.
مطالب المحتجين تتخطى إصلاحات بسيطة، وتصل إلى البحث في الحسابات المصرفية لكل من حكموا منذ 30 سنة، واستعادة هذه الأموال إلى الشعب، إضافة إلى وقف الصفقات المشبوهة في ملفات الكهرباء والخليوي والتهريب، وخصخصة قطاع الطاقة لما سببه من هدر خصوصاً في السنوات الأخيرة.
لكن هل تقف المطالب على الأداء السياسي للدولة؟ مخطئ من يعتقد ذلك، إذ تتخطاها إلى الحياة الاجتماعية والقانونية والرياضية أيضاً. من أبرز المطالب في الساحات، وقف ذكورية المحاكم الجعفرية وظلمها، وإجراء تعديلات ضرورية على قوانينها، وحق منح المرأة اللبنانية الجنسية لأطفالها، والبحث والتحقيق في آلاف الوظائف الوهمية في الدولة، وإقفال مصلحة سكك الحديد في لبنان، والهيئة الوطنية للطاقة الذرية، وتحسين أوضاع السجون وتوسيعها، ووقف التدخلات السياسية في السلك القضائي.
مطالب تتخطى بمراحل ما تكلم عنه الحريري، ومن أطرف ما قيل من متظاهر في الساحة "الورقة البيضاء كانت أفضل بكثير مما قدمه، على الأقل كنا فهمنا أنه لا حول ولا قوة لك، وعرفنا أن لا أمل في التغيير".
الإنترنت
ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر عن تدخل سفارات في الثورة الشبابية اللبنانية، إذ عمدت إحدى السفارات إلى تقوية إشارة الإنترنت، لكن عند البحث عن الحقيقة يتبّن لنا الآتي، أنه وبسبب كثافة المشاركين في تظاهرات وسط بيروت، واستعمالهم للداتا والإنترنت بشكل متواصل على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، لم تتحمل الشبكات الخلوية ذلك في المنطقة بسبب تركيبها لاستيعاب عدد معين من المشتركين في الأيام الطبيعية،
والشركة التي ركبت هذه المكينات والتي انتشرت صورها بكثافة، لا علاقة لها بأي حزب ولا تقف خلفها أي سفارة، بل هي شركة متعاقدة مع شركة "ألفا"، وطلب منها تركيب cabinet on wheel وهي عبارة عن محطة نقالة على إطارات يمكن نقلها من مكان إلى آخر بسهولة وكل ما تصدره من خدمات مدفوع، لذلك ليس هناك "واي فاي" مجاني ولا مؤامرات أو تهم حزبية.