عشرون سنة مرت مذ أن أصبح هوغو تشافيز رئيساً لفنزويلا.
بعدما انتُخب بالأصل على خلفية حراك شعبي بفضل شخصيته الكارزميّة، كان إرثه بعد 14 عاماً في الحكم في انه أوصل البلاد إلى الهاوية.
ففي سبعينات القرن الماضي، كانت فنزويلا دولة غنية. ومع وجود احتياط نفطي هائل، كان في العاصمة كاراكاس، في وقت ما، مطاعم فرنسية أكثرَ مما كان في نيويورك.
"تشافيز" المولود في عائلة فقيرة، أصبح ضابطاً عسكرياً قبل أن يؤسّس "الحركة البوليفارية الثورية." وتم سَجْنه عام 1992 بسبب قيادته لانقلاب. وبعد العفو عنه بعد سنتين، قام بتشكيل "حركة الجمهورية الخامسة" وفاز في الانتخابات الرئاسية أربع مرات.
وكعادة الاشتراكيين المُتْرَفين، عندما كان "تشافيز" يصارع مرض السرطان، سافر إلى كوبا لتلقي العلاج الطبي قبل وفاته عام 2013.
انطوت سياساته الاقتصادية على تأميم شامل، واستخدم أسعار النفط المرتفعة جداً في الألفية الجديدة لتعزيز الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والغذاء والسكن. في البداية، كانت النتائج إيجابية حيث انخفض التفاوت في الدخل، لكن بعد ذلك خرجت الحافلة عن مسارها.
وأدت محاولات تشافيز للخروج من العجز والتحكم في الأسعار عن طريق الإنفاق إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم. وكان من أنصاره في الخارج كين ليفينغستون وفيدل كاسترو. حتى أن ليفينغستون عقد صفقة مع تشافيز لشراء النفط الفنزويلي لتشغيل الباصات في لندن عندما كان عمدة للمدينة.
كان الفساد منتشراً خلال حكمه، حيث يقدِّر البعض أنه جمع ثروة تبلغ مليار دولار أميركي من نهب احتياطي البلاد من النفط.
ومنذ وفاة تشافيز، حوّل خلفه نيكولاس مادورو الحالة السيئة أساساً إلى أسوأ. وارتفع التضخم إلى 80 ألف في المئة، فيما ُيقّدر أن 90 في المئة من الفنزويليين يعيشون في فقر. كما أن النساء يتخلّين عن أطفالهن للتبنّي بسبب نقص الغذاء والدواء. ويشتري الناس الطعام الفاسد في الأسواق من أجل البقاء على قيد الحياة. وُيقدّر أن ثلاثة ملايين فنزويلي تقريباً قد فروا كلاجئين.
وما يزال مادورو يحظى بدعم من إيران وروسيا لكنه أصبح منبوذاً دولياً، فيما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صادرات بلاده من النفط. وقام بتهميش الجمعية الوطنية المُنتخبة من خلال تشكيل نسخته الخاصة به التي وضع فيها أنصاره وأقاربه. كما تم اعتقال زعماء المعارضة وشراء الجيش من خلال الترقيات.
من دولة مزدهرة ذات يوم، أصبحت فنزويلا الآن دولة عاجزة اقتصادياً يقودها مُستبد.
ولم يعد أصدقائي الفنزويليون يشعرون بالأمان الكافي للعودة إلى زيارة أهاليهم المتقدمين في السن - والذين يعانون من أجل الحصول على جواز سفر ،لأن مادورو يريد أن يجعل مغادرتهم البلاد أصعبَ ما يمكن.
لقد كان تشافيز في وقت ما محبوب اليسار. لكنه بات اليوم مصدر إحراج.
إن إرث تشافيز بمثابه إنذار بما قد يحدث عندما يتحول الحلم الاشتراكي، لا محالة ، إلى كابوس ذي أبعاد ملحمية. لذلك دعونا نأمل ألا تكون فنزويلا كالأميرة في حكاية الجميلة النائمة التي عليها أن تنتظر 100 عام حتى تصحو.
© The Independent