كشفت دراسة جديدة أنّ التغيير المناخي قد يتسبّب في تحوّل "حديقة انجلترا" أراضٍ عشبيّة غير قابلة لدعم المحاصيل. وفي الوقت الحالي، ترعى الأبقار والخراف عموماً في شمال وغرب بريطانيا، وفي 2100 من المحتمل أن يؤدّي ارتفاع درجات الحرارة إلى إجبار المزارعين على الانتقال إلى العمل في مساحاتٍ قابلة للزراعة تكون أكثر ربحية.
وبحسب الدراسة الجديدة، في ظلّ غياب الريّ المناسب، قد تصبح المساحات الشاسعة في جنوب البلاد وشرقها جافة للغاية بالنسبة إلى المحاصيل، وآنذاك تصبح أكثر تلاؤماً مع تربية المواشي بالطرق المنخفضة الكثافة.
وكشفت الدراسة التي نُشرت في مجلّة "انفايرنمنتال ريسرش ليترز" Environmental Research Letters، أنّه في حال استمرّت الانبعاثات على وتيرتها الحالية، سترتفع الحرارة في بريطانيا خمس درجات بحلول نهاية القرن، وستختبر تراجعاً نسبته 140 ملليمتراً في كميات هطول الأمطار خلال موسم النموّ الزراعي بين أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول).
وفي هذا الإطار، اعتبر البروفسور تيم لينتون قائد البحث من "جامعة إكستر" بأنّ هذه الدرجة من التغيير المناخي سيؤدّي إلى تبدّل المشهدية الطبيعية في البلاد.
ووفق كلماته، "نحن نتّجه إلى مناخٍ صيفي شبيه بفرنسا وإسبانيا. سيتحوّل الشرق والجنوب الشرقي إلى أراضٍ عشبيّة في الصيف، وإذا وُجِدَتْ ماشية عليها فسينخفض مستوى المخزون. وستصبح سهول المروج المنخفضة أكثر جفافاً ممّا اعتدنا عليه، وكذلك يرجّح ألاّ تتحمّل إنتاج القمح لأنّها ستكون في غاية الجفاف. ولا يشبه ذلك المراعي الخصبة التي بوسعها دعم كثافات التخزين العالية في المملكة المتحدة في الوقت الحالي." وتشكّل الزراعة 72% من استخدام الأراضي في المملكة المتحدة وتشغّل حوالي مليون شخص. وتُعتبر زراعة الأراضي الصالحة أكثر ربحيّة من تربية المواشي ولكن التربة الفقيرة والمنحدرات الحادة في الشمال تعني أنّها ليست خياراً قابلاً للتطبيق في كثيرٍ من الأحيان.
وعلى الرغم من أنّ الصورة بشكلٍ عام سيئة للزراعة، باستطاعة مربّي المواشي أن يستفيدوا أكثر لأنه بوسعهم التحوّل إلى زراعة الأراضي الصالحة.
وفي ذلك الصدد، ذكر د. بول ريتشي من "جامعة اكستر" أنّ "بريطانيا باردة ورطبة، ونتوقع بشكلٍ عام موسم حصاد أكثر دفئاً وجفافاً.... لا يزال بوسع المحاصيل أن تنمو بمساعدة الريّ، لكن ذلك يستلزم تخزين كميات كبيرة من الأمطار في فصل الشتاء أو نقل المياه من المناطق الأكثر رطوبة في البلاد. وستكون كمية المياه المطلوبة هائلة، ما يشكّل تحدياً كبيراً للزراعة في المملكة المتحدة."
وفي سياقٍ متّصل، يمكن أن يترافق جزء من تأثير ارتفاع درجات الحرارة مع مستوياتٍ أعلى من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو، ما يعني أنّ النباتات ستتمكّن من استخدام المياه بشكلٍ أكثر فعالية. ويعود سبب ذلك إلى أنّ الأنزيمات التي تحتويها النباتات تكون أكثر فعالية أكثر مع انخفاض مستوى الأوكسيجين في الجوّ.
واستطراداً، يشير باحثون إلى وجود شكوك أساسية تحيط بتوقّع تأثير التغيير المناخي على استخدام الأراضي الزراعية، وتحتاج إلى مزيدٍ من البحوث.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدراسة تلقت دعماً من "مجلس بحوث البيئة الطبيعية".
© The Independent