كما كان متوقعا، خفّض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة أمس الأربعاء للمرة الثالثة هذا العام، لإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد الأميركي بعد أن تباطأ نموه بسبب الحرب التجارية الدائرة مع الصين.
وخفّض "المركزي" سعر الفائدة الرئيس ربع نقطة مئوية إلى نطاق مستهدف بين 1.50 و1.75 بالمئة، ما يعني فتح آمال جديدة للقطاع الخاص للاقتراض بفائدة رخيصة نسبيا قد تعوض التباطؤ الحاصل في الاقتصاد نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية على التجارة البينية للاقتصادين الأميركي والصيني.
دورة اقتصادية جديدة
وكان "المركزي" بدأ في نهاية يوليو (تموز) الماضي، وللمرة الأولى منذ 2008، أي منذ بداية الأزمة المالية، دورة اقتصادية جديدة عبر خفض الفائدة، بعد نحو شهرين من بدء الأزمة التجارية بين واشنطن وبكين، حيث تم رفع الرسوم الجمركية بين البلدين بنسب وصلت إلى 25%.
وعلى الفور، جاءت ردة الفعل الإيجابية من البورصات الأميركية، حيث يعطي تخفيض الفائدة جرعة تفاؤل إضافية للشركات المقترضة لتخفيض تكاليف الاقتراض من جهة، وإمكانية الاقتراض بأسعار أرخص في الفترة المقبلة، ما يعوض جزئيا أي تراجع في أعمالها نتيجة الحرب التجارية أو التباطؤ في نمو الاقتصاد الأميركي.
قفزات قياسية للبورصات
وأغلق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عند مستوى قياسي للمرة الثانية في ثلاث جلسات، بحسب بيانات "رويترز"، حيث سجل3046.93 نقطة، مرتفعا 0.33%، بينما صعد مؤشر "ناسداك"، الذي يقيس الشركات التكنولوجية، بالنسبة نفسها تقريبا، في وقت صعد فيه مؤشر "داو جونز" الصناعي، الذي يقيس الشركات الصناعية، بنسبة 0.43% ليصل إلى 27188.25 نقطة.
هل تكون الأخيرة؟
وفي إشارة غير متوقعة، ألمح "المركزي" إلى توقف محتمل في دورة التيسير النقدي، فيما فُسّر بأنه لن يجري تخفيضا في المستقبل القريب لأسعار الفائدة.
لكن الرئيس التنفيذي في مركز "كروم" للدراسات الاقتصادية، طارق الرفاعي، شكك في هذا الأمر، ويقول لـ"اندبندنت عربية" إنه "في يونيو (حزيران) الماضي، قال الفيدرالي الأميركي إنه لا يتوقع خفض سعر الفائدة على الإطلاق في عام 2019، لكنه أجرى أول خفض لسعر الفائدة بعد شهر واحد من هذا البيان!". ويضيف أنه "في سبتمبر (أيلول) الماضي، قال الفيدرالي أيضا إنه لا يتوقع المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام بعد تخفيض أسعار الفائدة مرتين (مرة واحدة في يوليو ومرة في سبتمبر)، ولكنه خفّض أسعار الفائدة مرة أخرى الآن!".
وشهدت الأسواق في الأسابيع الأخيرة تفاؤلا من المستثمرين إزاء تخفيض أسعار الفائدة، ما يفسح المجال أمام استمرار "رالي" الأسهم الأميركية الذي بدأ قبل عام، وتذبذب بسبب الحرب التجارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فتخفيض الفائدة يعني أن الشركات يمكنها الاقتراض بأسعار أقل، ما يحفز القطاع الخاص على إطلاق مشاريعه وسط فائدة منخفضة. كما أن تكاليف ديون الشركات الحالية ستصبح أقل، ما يعني أن أرباحها سترتفع تلقائيا، وهي إشارات إيجابية لحملة الأسهم والمستثمرين في البورصات.
لكن تخفيض الفائدة يحمل إشارة سلبية أيضا بأن الاقتصاد ضعيف، أو أن مستقبل الاقتصاد ليس ورديا، وهي إشارة عكسية قد تدفع المستثمرين إلى عدم المغامرة في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي.
البنوك المركزية الخليجية تخفض الفائدة
وعلى الفور، تبعت الأسواق الخليجية اتجاهات "المركزي الأميركي"، حيث خفّض بنك الكويت المركزي سعر الفائدة القياسي للمرة الأولى منذ يوليو، ليلحق بذلك بنظرائه الخليجيين، إذ عمدت أيضا السعودية والإمارات والبحرين، التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي، إلى خفض أسعار الفائدة هي الأخرى. وخفّضت الكويت سعر الخصم 25 نقطة أساس إلى 2.75 % من 3% بعد أن أبقته دون تغيير في يوليو وسبتمبر، عندما اقتفت بنوك مركزية خليجية أخرى أثر مجلس الاحتياطي.
وعملة الكويت مربوطة بسلة عملات لشركائها التجاريين، على خلاف دول الخليج العربية الأخرى.
وخفّضت مؤسسة النقد العربي السعودي سعر إعادة الشراء، المستخدم في إقراضها البنوك، إلى 225 نقطة أساس من 250 نقطة أساس، وسعر إعادة الشراء العكسي، المستخدم في ودائع البنوك التجارية لدى البنك المركزي، بالهامش ذاته إلى 175 نقطة أساس.
وقال مصرف الإمارات المركزي إنه خفض أسعار الفائدة المطبقة على إصدار شهادات الإيداع 25 نقطة أساس، وسعر إعادة الشراء لاقتراض السيولة قصيرة الأجل 25 نقطة أساس أيضا.
وخفّض مصرف البحرين المركزي جميع أسعار الفائدة الرئيسة لديه 25 نقطة أساس بعد أن أحجم في سبتمبر.
وخفّض البنك سعر الفائدة الرئيس على ودائع أسبوع واحد إلى 2.25 بالمئة، وعلى ودائع ليلة إلى اثنين بالمئة، وعلى ودائع شهر إلى 2.6 بالمئة. وقلّص سعر الإقراض إلى أربعة بالمئة من 4.25 بالمئة.
وعربيا، قال البنك المركزي الأردني إنه خفض أسعار الفائدة القياسية 25 نقطة أساس إلى أربعة بالمئة في خطوة لتشجيع الاستهلاك المحلي والاستثمار الضروريين لتحفيز النمو.