لا يمّل المسؤولون الفلسطينيون من التحذير من مؤتمر وارسو، الذي دعت إليه الولايات المتحدة، وقالت إنه سيبحث في "مستقبل الشرق الأوسط والأوضاع الأمنية في المنطقة" بحضور دول عربية وأوروبية، إضافة إلى إسرائيل.
وتتخوف القيادة الفلسطينية من أن يشكل المؤتمر، الذي سيعقد في 13 و14 فبراير (شباط) الحالي، في العاصمة البولندية وارسو منصة للتطبيع مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية.
ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر جاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من أجل البحث في رؤيته للخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي تعمل واشنطن على بلورتها منذ حوالي عامين، وفق مصادر في البيت الأبيض.
وكان لافتاً أن يخرج الرئيس محمود عباس بتصريح، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره النمساوي ألكسندر فان دير بيلين في رام الله الأحد الماضي، يشدد فيه على أن القيادة الفلسطينية "لن تشارك في أي مؤتمر لا يتخذ الشرعية الدولية أساساً له". وأضاف أن هذه القيادة "لم تكلف أحداً بالتفاوض نيابة عنها، وأنها صاحبة الموقف الأول والأخير في القضية الفلسطينية".
وقال عباس إن "واشنطن لم تعد مؤهلة وحدها للقيام بدور الوساطة لانحيازها إلى إسرائيل، وما اتخذته من قرارات مخالفة للقانون الدولي في شأن القدس واللاجئين".
ولم تكتف القيادة الفلسطينية بذلك، فبعد ساعات من كلام عباس أصدر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بياناً قال فيه إنه "لن يُكتب النجاح لأي خطة سلام تغيب عنها القيادة الفلسطينية، سواء عرضت في وارسو أم أي مكان آخر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد أبو ردينة على أن "الجولات السياحية والعبثية والتواصل مع أطراف متعددة، سواء أوروبية أم عربية، لن يغير من حقيقة أنه لا سلام من دون دولة فلسطين على حدود عام 1967".
وأضاف أبو ردينة أن "السياسات الفاشلة التي تتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني لن تؤدي سوى إلى نتائج فاشلة. وعلى الإدارة الأميركية أن تدرك أن الطريق الوحيدة إلى السلام هي طريق العدالة والشرعية الدولية… بعيداً من بدائل زائفة تحاول قوى إقليمية ودولية البحث عنها".
ويقول صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، إن مؤتمر وارسو يسعى إلى فرض حل إقليمي عبر تغيير مبادرة السلام العربية، معرباً عن اعتقاده بأن المؤتمر سيفشل، بسبب رفض الفلسطينيين والعرب تغيير المبادرة. ويؤكد عريقات أن التطبيع العربي مع إسرائيل حالياً يعتبر "طعنة في الظهر واستباحة للدم الفلسطيني".
ويرى نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية، في مقابلة مع "اندبندنت عربية"، أن إدارة ترمب دمرت عملية السلام من خلال اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقفها تمويل وكالة الأونروا، وموافقتها الضمنية على الاستيطان وعدم إعلانها تأييد حل الدولتين.
ويؤكد شعث أن "صفقة القرن" لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني، ولا بعملية السلام، مشيراً إلى أنها تهدف إلى خلق إطار يسمح بتعاون عربي إسرائيلي ضد إيران.
وعن حل الدولتين، يقول شعث إنه لا يوجد بديل منه، مشيراً إلى أن حل الدولة الواحدة بالمفهوم الإسرائيلي يعني دولة عنصرية سيطرد كل الشعب الفلسطيني منها، غير أنها في المفهوم الفلسطيني تعني دولة علمانية غير طائفية، لجميع سكانها، وهو ما ترفضه إسرائيل.
ويشير شعث إلى أن النظام الأحادي القطب، الذي حكم العالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، في طريقه إلى الأفول، مضيفاً أن دور واشنطن في المنطقة يتقلص مقابل بروز قوى أخرى كروسيا وأوروبا والصين والهند.
وتوقع شعث أن العالم سيتغير باتجاه عالم متعدد الأطراف خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول مهدي عبد الهادي، رئيس الأكاديمية الفلسطينية للشؤون الدولية، إن واشنطن تعمل على صياغة معادلة إقليمية جديدة تقوم على التطبيع مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية والتركيز على إيران، مضيفاً أن "العرب يمسكون العصا من المنتصف للحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم ومستقبلهم".
ويشير عبد الهادي إلى أن الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن، الذي عُقد في البحر الميت الأسبوع الماضي، في ظل غياب الطرف الفلسطيني وعدم صدور أي بيان عنه، يأتي في سياق الإعداد لمؤتمر وارسو.