زيارة البابا فرنسيس التاريخية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي فتحت صفحة في تاريخ الحضارات لما حملته من معان، وإلتقاء بين قطبين دينيين هما بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ جامع الأزهر الشريف أحمد الطيب، وما نتج عن هذا اللقاء برعاية إماراتية من توقيع "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي تعدّ إشارة واضحة على أن التلاقي بين الديانتين المسيحية والإسلامية ممكن على الرغم من اختلاف الثقافات والعادات. هذه الزيارة التاريخية للجزيرة العربية التي أمل البابا أن تساعد في تبديد مفهوم حتمية نشوب صراع حضارات بين المسيحية والإسلام، أراد البعض أن يشوه معانيها، وأن يحاول تخريب ما بنته وستبنيه مستقبلاً من تلاق بين الشعوب والحضارات والديانات في زمن إرهاب "داعش"، وسباق التسلح، وتقاسم العالم الغارق في نزاعات مدمرة، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط من سوريا على العراق فاليمن من دون أن ننسى ما مرّ به لبنان سابقا.
إماراتي يرفع طفلة ليباركها #البابا_فرانسيس في القدّاس الذي أقيم بملعب مدينة زايد في #أبوظبي ..
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) February 6, 2019
هل هذا ما يريده حكام #الامارات ؟ وهل وصل الحال بأهل #الإمارات القبول بذلك ..؟ pic.twitter.com/nu1CDqCnKp
تغريدات غير مبررة
إلا ان الصادم أن تنسحب الخلافات السياسية الخليجية على زيارة البابا البعيدة كل البعد عن السياسة، وأن تصوّب في اتجاهها سهام بعض المتضررين مما حققته الامارات من نجاح غير مسبوق في استقبال رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم. ومثال على ذلك، ما سُجل من تعليقات وتغريدات حول الفتاة التي غافلت رجال الأمن وتمكنت من الوصول إلى البابا أثناء القداس في ملعب مدينة زايد الرياضية، وهي من أميركا الجنوبية وبالتحديد من كولومبيا، وتدعى جابرييلا، فدار ما دار حولها من تغريدات على أنها إماراتية وهذا والدها الذي يحملها، وما لحقها من إنتقادات الهدف منها زيارة البابا لا رسالة الفتاة.... والرسالة وصلت.
فهل ما ورد في بعض التغريدات التي يعود بعضها لقطريين يُعقل في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى نبذ الكراهية والتطرف والحقد والإرهاب؟ وهل تبرر الخلافات السياسية مع كل من الإمارات والسعودية ومصر والبحرين وحكومة اليمن المعترف بها دوليا، هل تبرَّر كل هذه التغريدات بحق الزيارة التاريخية لبابا روما.
الشيخة موزا زارت الفاتيكان والبابا سلمها غصن زيتون
وهنا للتذكير، بهدف التصويب لا النقد، فإن البابا فرانسيس كان استقبل الشيخة موزا بنت ناصر، زوجة أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، في الفاتيكان عام 2016، ووفقا لوكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، جرت خلال اللقاء "مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المتبادل، لاسيما أزمة اللاجئين وحماية المدارس والتعليم في مناطق النزاعات، بالإضافة إلى بحث سبل تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان لمعالجة القضايا والمشكلات في العالم".
ووصفت إذاعة الفاتيكان اللقاء بأنه كان "وديا" واستمر مدة 30 دقيقة، وأفادت بأن الشيخة موزا قدمت إلى البابا هدية عبارة عن "مخطوطة عربية قيمة للإنجيل، تم إنتاجها في تركيا العثمانية في القرن الثامن عشر"، وأضافت إذاعة الفاتيكان أن البابا فرانسيس قدم إليها ميدالية مرسوم عليها غصن الزيتون، رمز السلام، ونسخة من كتابه الثاني (كن مسبحاً)".
وأعربت الشيخة موزا عن شكرها للبابا على دعمه الملموس للاجئين والتزامه تجاه قضاياهم، مؤكدة على أن "رسالته في ما يتعلق بالوحدة ومد يدّ الصداقة لجميع الشعوب والأديان، هي أهم الآن أكثر من أي وقت مضى". إن المغرد القطري لم تسعفه ذاكرته حين هاجم زيارة البابا للإمارات في استذكار زيارة الشيخة موزا للفاتيكان.
رسالة "المغردين" في وسائل التواصل الاجتماعي وصلت، ورسالة الفتاة الكولومبية وصلت، ورسالة البابا في الامارات وصلت، وما على الدوحة إلا العمل على إيصال رسالة تتجاوب على الأقل مع معاني زيارة الشيخ موزا إلى الفاتيكان.