هيلين ميرين هي تلك الفتاة الرائعة التي يرغب جميع من في المدرسة بمصادقتها. هي رائعة إلى درجة لن تكون معها عضوة في عصبة "الفتية الرائعين" بشكل رسمي. وكما يعلم أي تلميذ مهووس بالدراسة ولا يتمتع بأية شعبية بين أقرانه (أنا هنا!) فعصبة "الفتية الرائعين" غير رائعة على الإطلاق ويجب تفاديها بشتّى الطرق.
أثناء مشاركتها في برنامج "ذا وان شو" الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" ( بي بي سي) هذا الأسبوع، قاطعت ميرين المقابلة التي كانت تُجريها معها آليكس سكوت لدى وصفها أدوارها التمثيلية بـ"المشاكسة"، ومضت لتعبّر عن كرهها لعبارة "مشاكسة" لأنها تجدها مهينة. وتكلّمت بلباقة وسحر بالغين اللباقة ما يجعلني أشعر بالدهشة لأني لم أرَ عصافير صغيرة ترفرف حولها وتحطّ على إصبعها.
أرادت ميرين أن توضح أنّ هذه العبارة لا تستخدم سوى لوصف النساء. (هذا ليس صحيحاً تماماً فقد سمعت أحدهم يستخدمها لوصف كلاب يوركشاير، لكنني ربما أستطرد بالحديث...).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تشير كلمة "مشاكس" إلى أيّ شخص "متأهّب للعراك" وهي كلمة غالباً ما تستخدم لوصف المرأة الحازمة في مواقفها. "آه انظروا إلى تلك المشاكسة! هل رأيتم كيف عبّرت عن رفضها التعرّض للمضايقة؟ أرأيتم كيف تعرف ما تريده؟ عليكم مراقبتها! إنها مشاكسة جداً بالفعل!".
هي صفة يُراد بها الثناء، لكنها تخلّف شعوراً بالإهانة. هل يمكن للنساء أن يعبّرن عن آرائهن ويتمسّكن بمواقفهن من دون أن يصنّفن في أية خانة؟ عندما يطالب الرجل بزيادة في الراتب أو يعترض على طريقة تعامل الآخرين معه، فهو رجل ليس إلاّ. ومن المتوقّع أن يبدر عنه هكذا تصرّف.
وُصفت أيضاً في الماضي بـ"المشاكسة". لكنني لا أعتقد أنني حازمة حتى. وفي مناسبات عديدة، أفضّل أن ألعب دور الميتة على أن أدخل في أيّة مواجهة. ولكن من ناحية أخرى، أنا فنانة كوميدية وهذا العمل بحدّ ذاته يُعتبر خطوة "مشاكسة" بالنسبة للمرأة، تتطلب منها "الكثير من الرجولة". هل رأيتم؟ تعتبر الرجولة رمزاً على القوة والشجاعة وعندما نُظهر نحن معشر النساء شجاعة، يجود علينا البعض بصفات رجولة وهمية.
أعرف أنّ هناك من سيمتعضون ويقلبون عيونهم "لأنّه تعبير ليس إلاّ في النهاية" لكن اللغة التي تستخدم لوصفنا تستطيع أن تؤثر في نظرتنا إلى أنفسنا. لا يجب أن يعتبر الدفاع عن النفس واحداً من طبائع المرء.
ليست المرة الأولى التي تصوّب فيها ميرين بهذه الطريقة خطأ مُحاورها. ففي مقابلة لها في برنامج "باركنسون" في العام 1975، قدّمها مايكل باركنسون على أنها "ملكة الجنس" في "فرقة رويال شكسبير" المسرحيّة. وبعد أن استدعاها إلى خشبة المسرح، سألها عن ثدييها. وسمّاهما "التجهيزات" (وهذا أسوأ حتى من تسميتهما بـ"الثديين") وسألها إن كانت تعتبرهما مصدر إلهاء لها أثناء أدائها المسرحي.
يعلّموننا نحن النساء كيف نتصرف بلطف ولباقة، حتى أمام من يتصرّف بغباء ولا سيّما إذا كان ذاك الغبي رجلاً. وفي إحدى المراحل، نُلقّن نحن النساء أنّ أهم شيء هو حماية غرور الرجل. وإذا تفوّه بكلمات غير لائقة علينا أن نبتسم ونقلب عيوننا ونقول "هو دائماً هكذا!" وإذا أخبرنا زميل في العمل نكتة غير مضحكة علينا أن نضحك قليلاً كي لا يشعر بالسوء إزاء فظاعة حسّ الفكاهة لديه. فلا يجب والعياذ بالله أن يشعر رجلٌ بأنه سخيف. وإن راودتكن فكرة جيدة، يجب أن توحينَ له بأنّها فكرته. وإذا لم تفعلن هذه الأشياء تصبحنَ"مشاكسات".
هذا الموضوع ليس سهلاً بالنسبة للرجال أيضاً. فالرجل ليس "رجلاً بحق" إن أصغى إلى امرأة وتفاعل معها مع أنّه لا يشعر بأية رغبة في جرّها إلى السرير. خلال ثمانينيات القرن الماضي في مدرستي الثانوية، كانوا يطلقون لقب "المخنّث" على أي فتى لديه صديقات لا يدّعي أنه يضاجعهن. فالفتية يصاحبون الفتية فقط وإذا تحدّثت إلى فتاة هذا يعني أنك إمّا جبان أو "غلام"، حسب نواياك. ويستمرّ هذا الموضوع طبعاً مع التقدّم بالعمر.
في مقابلة العام 1975 نفسها مع هيلين ميرين، تطرّق باركنسون إلى رفضها التقاط صور عارية لها كي تُنشر في مجلة بلايبوي. فأجابته بلا مواربة أنها تعتبر بلايبوي "مقرفة" لأنها "مجرّد مال، مجلة من المال والسلوك إزاء المال". صُعق باركي المسكين عندما حوّلت شابة جذابة النقاش نحو موضوع الرأسمالية بدلاً عن جسدها.
لا شكّ أنها تصرفت بلطف أكثر بكثير عندما أجابت آليكس سكوت. لأن سكوت لم تضمر أية نية سيئة بل استخدمت مصطلحاً يُعتبر من مصطلحات تمكين المرأة فجاءها تصويب لطيف على لسان امرأة ساحرة تعلم جيداً أنّه لا يجب النظر إلى تعبير المرأة عن رأيها على أنّه تصرّفٌ لافت أو مبهر.
© The Independent