في محاولة لاستكمال مخطط "تهويد القدس" وتسهيل وصول الإسرائيليين إلى الحرم القدسي الشريف لأداء صلاة في ما يسمونه "حائط المبكى"، أقرت إسرائيل مشروع القطار الهوائي، الذي يربط جبل الزيتون في باب المغاربة بحائط البراق (يطلق عليه الإسرائيليون حائط المبكى)، ويشوه على طول مساره معالم فلسطينية من أبرز معالم المدينة، وهو أمر يسعى الفلسطينيون وجهات دينية وفاعلة في حقوق الإنسان، إلى تحويله إلى القضاء في محاولة لمنع تنفيذه، على الرغم من فشل جهود سابقة في التصدي لهذا المخطط، علماً أن المصادقة عليه من قبل الهيئة الوزارية لشؤون الإسكان، تضعه في المرحلة قبل الأخيرة من مصادقة الحكومة عليه.
أداة المواصلات الجماعية الأكبر
والهدف المركزي من هذا المخطط، هو تسهيل عملية وصول "المصلين اليهود"، إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة هناك. وبموجب المخطط يمر القطار بين "حديقة الجرس" المحاذية لحي الطالبية، وموقع في قرية سلوان، حيث تخطط جمعية "إلعاد" الاستيطانية لبناء مركز كبير للزوار هناك. وبين هاتين المحطتين سيكون للقطار الهوائي محطة أخرى في موقف "جبل صهيون".
ويشمل المخطط نقل حوالى ثلاثة آلاف مسافر في الساعة في كل اتجاه، بحيث لا يتعدى السفر أربع دقائق ونصف الدقيقة. وفي بيان لوزارة السياحة الإسرائيلية فإن القطار سيكون أداة المواصلات الجماعية الأكبر في منطقة البلدة العتيقة في القدس.
تشويه تاريخي
معارضة إقامة هذا المشروع كانت نتيجة أنه "يمس المشهد التاريخي للبلدة القديمة ويشوه معالمها، مع إقامة 15 عموداً من الإسمنت على ارتفاع 25 متراً، علماً أنه لا يحل مشكلة المواصلات حول هذه المنطقة، كما تدعي جهات إسرائيلية". واعتبر الباحث في جمعية "عير عميم" أفيف تتراسكي، أن المشروع "جاء ليخدم المستوطنين وجمعية (إلعاد) الاستيطانية بشكل خاص". وأشار تتراسكي إلى أن "الحكومة تستثمر مئات الملايين من الشواقل في هذا المشروع، لتضاف إلى ميزانيات أخرى كبيرة سابقة قدمتها الحكومة لجمعية (إلعاد)، لتجعل الشعب الإسرائيلي شريكاً في الاستيطان الذي يمس بأهالي سلوان، ويبعدنا جميعاً عن السلام"، على حد قوله.
أما الحكومة الإسرائيلية، التي تنوي إقرار المشروع هذا الشهر، فقد دافعت عنه باعتبار أنه "يشكل مصدراً كبيراً للسياحة في المدينة، إلى جانب مساعدة المصلين اليهود في الوصول إلى الأقصى". وفي هذا الشأن قال وزير المالية موشيه كحلون، "انتظرنا 2000 عام لحائط المبكى، ومن غير الممكن بسبب الازدحامات في حركة السير، ألا يتمكن عشرات الآلاف من الوصول إليه للصلاة والتنزه والمشاركة في الاحتفالات العسكرية والقومية".
من جهته، تفاخر وزير البيئة زئيف إلكين، قائلاً إن "هذا المشروع يعتبر الأهم استراتيجياً لتشجيع السياحة في البلدة القديمة في القدس، وتقريب الطريق إلى حائط المبكى، والعديد من المواقع المهمة الأخرى في البلدة القديمة".
73 عربة وثلاث محطات
وفق مخطط المشروع، سيجري في المرحلة الأولى بناء ثلاث محطات قرب مسرح خان، الثانية ستكون قرب موقف للسيارات في جبل الخليل، أما المحطة الثالثة فستبنى على سطح مجمع "كيدم" قرب ساحة البراق.
ويتطلب استمكال المشروع بناء 15 عموداً ضخماً من الإسمنت المسلح بارتفاع 26 متراً.
وخلال مناقشة المشروع طرح أكثر من تخطيط هندسي، وقد رسى الأمر على هذا الشكل. وبحسب المبادرين، فإن التخطيط المتفق عليه لن يمس بالمشهد التاريخي للمدينة المقدسة، مؤكدين أن الأعمدة والعربات والكوابل لن تكون مكشوفة، بينما أعلن المعارضون للمشروع أن القطار يشكل بنى تحتية ضخمة مكشوفة على كل الجهات وتمس بالمشهد المقدسي.
وتقول رفكا غوتمان مهندسة معمارية مقدسية ومن معارضي المشروع، "في الحقيقة، لا يمكن معرفة كيف سيبدو القطار المعلق"، وأن الأمر يتعلق بالتسهيلات الاستثنائية التي حصل عليها المبادرون.
وتابعت "في أي خطة لها معنى حضاري، يُطلب وضع نموذج للخطة في مركز النماذج في البلدية"، وأضافت "في أماكن أخرى في العالم يطلبون وضع أعمدة في الفضاء تشبه الارتفاع الحقيقي، وحتى هذا هم لم يفعلوه. هم أيضاً لا يلتزمون بالمسافة بين الأعمدة أو ارتفاعها أو قطرها أو إحداثياتها الحقيقية".