على الرغم من وجود الكثير من الآثار التي تعود إلى العصر الروماني في مصر، موزعة بين المحافظات من شمالي مصر لأقصى جنوبها، وتركز معظمها في مدينة الإسكندرية باعتبارها كانت مركز الحكم للرومان في مصر، فإنه للمرة الأولى يتم اكتشاف آثار تعود إلى الحقبة الرومانية في منطقة سقارة بمحافظة الجيزة، حيث أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف مقبرة رومانية بالمنطقة.
ونجحت البعثة الأثرية المصرية اليابانية المشتركة، التي تعمل حالياً في منطقة شمالي سقارة، برئاسة الدكتور نوزومو كاواي، من جامعة كانازاوا وجامعة واسيدا اليابانية، في الكشف عن مقبرة من طراز الكتاكومب تعود للفترة من القرن الأول حتى القرن الثاني الميلادي.
وكان صبري فرح، مدير عام منطقة سقارة، أوضح "أن البعثة عثرت على هذه المقبرة الكتاكومب في المنطقة التي تقع شمالي شرق تفتيش منطقة سقارة القديم، وهي منطقة لم يتم فيها أي أعمال حفائر سابقة على الإطلاق، وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها بعثة أثرية بالتنقيب والحفر بها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصف المقبرة
من جانبة قال الدكتور نوزومو كاواى، رئيس البعثة، "إن الكتاكومب المكتشفة تتكون من بناء مقبب من الطوب اللبن، به سلم داخلي وغرفة منحوتة في الصخر، ومصنوعة من الحجر الجيري، تم العثور بداخلها على نيشة محفورة بالصخر تحتوي على لوحة مستديرة الشكل، صوّر عليها الآلهه سوكر وتحوت وأنوبيس من اليسار إلى اليمين، وأسفل الصورة وجد سطرين من النقوش اليونانية، وعثر أمام اللوحة على خمسة تماثيل مصنوعة من التراكوتا لإيزيس وأفروديت، ووجد عدد من الأواني الفخارية على بوابة المدخل".
وأضاف "أن البعثة عثرت أيضاً على تمثالين على هيئة أسود مصنوعين من الحجر الجيري، يبلغ طول كل تمثال حوالي 55 سم وارتفاع 33 سم".
بينما أشار الدكتور محمد يوسف، مدير منطقة آثار سقارة، إلى "أن هذه المقبرة تعد أول مقبرة مكتشفة من العصر الروماني في منطقة سقارة الأثرية، والحجرة المحفورة بالصخر التي عثرت عليها البعثة خارج بوابة المدخل تتكون من قاعة طويلة يبلغ طولها حوالي 15 متراً، وعرضها حوالي مترين، وعدد من الحجرات الصغيرة محفورة على جدرانها الجانبية، وجد بداخلها تمثال كبير كامل من الطين لإيزيس وأفروديت، بالإضافة إلى عدد من المومياوات".
مقبرة علي طراز "كتاكومب"
ماذا تعني كلمة مقبرة على طراز "كتاكومب"، وماذا يميز المقابر الرومانية بشكل عام عن غيرها من المقابر المكتشفة في مصر، التي تعود إلى عصور وحقب مختلفة، لكل منها ما يميزها، وماذا يمثل اكتشاف آثار تعود إلى الحقبة الرومانية في منطقة سقارة الأثرية؟
يقول الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، لـ"اندبندنت عربية"، "كتاكومب مسمى يطلق على المقابر التي تنحت تحت الأرض على شكل درجات، وهي ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها هذا النوع من المقابر في مصر، فتوجد مقابر كوم الشقافة في الإسكندرية، والجبانة الأدمية لكهنة المعبود (حجوتي) في منطقة تونة الجبل بمحافظة المنيا، وهذا النمط من المقابر شائع في العصر الروماني وكلمة كتاكومب هي كلمة لاتينية من مقطعين وتعني التجويف الأرضي".
يضيف بدران، "المقابر الرومانية بشكل عام غالباً ما تكون مقابر صخرية، عبارة عن مدخل، ثم سلم، ثم ممر يتفرع منه حجرات تحت الأرض وعادة ما يوجد تجويف في الجدران يطلق عليه (نيشة)، يكون فيها لوحة صخرية أو حجرية تضم هيئات لمعبودات ونص لاتيني، وفي الاكتشاف الأخير وجدت لوحة مستديرة عليها صور الآلهة سوكر وتحوت وأنوبيس تحتهما كتابة يونانية".
وعما يمثل الكشف عن مقبرة رومانية في منطقة سقارة الأثرية، وهل يمكن أن يكون تمهيداً لاكتشافات أثرية أخرى بالمنطقة تعود إلى نفس الحقبة الزمنية، وكيف تأثرت الحقبة الرومانية بالتاريخ المصري القديم؟، يقول بدران، "الكشف عن مقبرة رومانية في منطقة سقارة بلا شك مقدمة لكشوف أثرية أخرى، متوقع أن يتم العثور عليها في هذه المنطقة. ومع استمرار الحفائر يتوقع اكتشاف المزيد من المقابر الرومانية في سقارة".
يضيف، "لا شك أن الحقبة الرومانية في مصر تأثرت بالحضارة المصرية القديمة، فأفروديت على سبيل المثال، والتي وجدت في الكشف الأثري الأخير هي تصور آخر للإلهة حتحور في مصر القديمة، وسميت في العصر الروماني فينوس، فكل منهما آلهة الحب والجمال لحقبة زمنية وحضارة مختلفة، فالتأثر والتفاعل بين الحضارات أمر شائع ومتعارف عليه، ويظهر في الآثار التي تعود لكل حضارة وثقافة مرت على مصر".