خلُص بحث جديد إلى أن خُمس أولياء الأمور تقريباً في المملكة المتحدة قد أجبروا على التخلي عن وظائفهم بسبب التكلفة الباهظة لرعاية الأطفال.
وتوصلت الدراسة التي أجرتها مجموعة "حُبلى ثم محطمة " الناشطة في هذا المجال أن التكاليف الباهظة لرعاية الأطفال تجعل 84% من الأسر قلقة حول أوضاعها المالية.
وقال حوالي 62% من الأهالي إنهم أجبروا على العمل لساعات أقل بسبب تكلفة رعاية الأطفال. ويذكر الباحثون أن النساء هن من يتحمل عبء رسوم رعاية الأطفال في الغالب، وهذا يزيد من الفجوة في الأجور بين الجنسين وما يعرف بـ "عقوبة الأمومة".
تأتي هذه الدراسة، التي استطلعت آراء حوالي 1800 من الآباء والأمهات، بعدما وجدت "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" أن المملكة المتحدة تُطبق واحداً من أغلى الأنظمة في العالم.
وقالت أسيل حداد، وهي الناطقة باسم مجموعة "حُبلى ثم محطمة "، إن "لديّ طفلان. أحدهما يبلغ من العمر سنتين ونصف والثاني عشرة أشهر. إنني أنفق أكثر من 50% من راتبي على تكاليف رعاية الأطفال شهرياً. وفي حين أن ذلك لم يمنعني من العمل كوني محظوظة لأن دخلي أنا وشريكي جيد إلى حد ما، فهو قد منع الكثيرات.. تكلفة رعاية الأطفال هي عقوبة للنساء كما أنها تعجيزية. ليس هناك فائدة من العمل إذا أصبح مكلفاً بسبب رعاية الأطفال. أتحدث إلى مئات النساء اللائي لا يستطعن التقدم مهنياً لأن رعاية الأطفال باهظة جداً. لا يمكنهن العثور على وظائف مرنة، وبالتالي هن مجبرات على القيام بأعمال بدوام جزئي وأجر منخفض كي يتوفر لديهن الوقت لرعاية الأطفال"
وتابعت حداد " هذا هو السبب وراء الفجوة في الأجور بين الجنسين. في معظم الحالات، إذا كنت لا تعملين بدوام كامل، فإن فرصك للحصول على زيادة المعاش والتطور الوظيفي وحتى التدريب في بعض الحالات تكون أقل. لكن في معظم الحالات، إذا كنت تعملين بدوام جزئي، يُنظر إليك على أنك عالة وأقل التزاماً. نحن نحد من إمكانات النساء وأجد ذلك الأمر مخيفاً. إننا نسمع قصصاً عن نساء يعملن طبيبات ومعلمات ويواجهن صعوبات". وأضافت أن القلق بشأن تكلفة رعاية الأطفال يسبب "ضغطاً" يرهق العلاقات العاطفية قائلة إن "الضغوط المالية" هي "سبب ضخم" وراء انتهاء الزيجات والعلاقات.
بدورها وصفت جولي بريرلي، وهي التي أسست مجموعة "حُبلى ثم محطمة "، تكاليف رعاية الأطفال بأنها "عقابية"، قائلة إن النظام الحالي يخيب آمال الأهالي، ومزودي رعاية الأطفال وموظفي الرعاية. وأردفت "إذا أردنا تغيير المشهد بالنسبة للنساء، والآباء والأمهات، فإننا بحاجة إلى توفير رعاية أطفال مدعومة بشكل صحيح من عمر تسعة أشهر. قدمت الحكومة رعاية ’ مجانية’ للأطفال لمدة 30 ساعة في الأسبوع بدءاً من عمر ثلاث سنوات، وأعفت الموظفين من دفع الضرائب على نفقات رعاية الأطفال. لكن هذا ليس كافياً، ولا يؤثر على الوالدين فقط لكن على مقدمي خدمات رعاية الأطفال أيضاً لأنهم غير قادرين على تغطية تكاليف توفير الخدمة.. تحصل النساء على إجازة أمومة لمدة سنة واحدة فقط منها تسعة أشهر مدفوعة الأجر فحسب، لذلك هناك عامان إما أن تقضيه الأم في المنزل مع أطفالها لتوفير التكلفة العالية لرعاية الأطفال أو أن ترجع إلى العمل وتتحمل عبء فاتورة ضخمة، علماً أن الكثيرات يخفّضن ساعات عملهن كي يحققن التوازن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاحظت مؤسسة "جينجربريد" الخيرية للآباء والأمهات العازبين أن هؤلاء الأهالي كانوا يعتمدون بشكل خاص على "الرعاية الجيدة للأطفال" كي يتمكنوا من العمل لكونهم "مقدمي الرعاية وأصحاب الدخل الرئيسيين، في آن معاً".
وقالت فاي غولدمان، وهي مديرة في "جينجربريد" إن " هذا يشكل، بالنسبة للكثيرين، عبئاً كبيراً على مواردهم المالية، إذ وصلت نسبة الآباء العازبين العاملين الذين يكافحون من أجل تغطية تكاليف رعاية الأطفال إلى 41% العام الماضي. وسنستمر في رؤية الآباء العازبين محرومين من الأعمال الجيدة ويواجهون صعوبات مالية إلى أن يُقدم المزيد من الدعم للآباء ذوي الدخل المنخفض لمساعدتهم على النهوض بتكاليف رعاية الأطفال بشكل فعال ".
من جهته قال متحدث باسم الحكومة "إننا نستثمر مبالغ قياسية في رعاية الأطفال والتعليم المبكر، بما في ذلك حوالي 3.5 مليار جنيه إسترليني خُصصت لاستحقاقات التعليم المبكر المجانية لدينا هذا العام فقط. وخلال العامين الأولين من تنفيذ البرنامج، استفاد 600 ألف طفل ممن تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات من حصة 30 ساعة مجانية.. كما أن الآباء العاملين يحصلون أيضاً على مساعدات تعينهم لتغطية تكاليف رعاية الأطفال من خلال إعفاء تلك المصاريف من الضرائب وعبر نظام الائتمان العالمي. نحن نريد دعم مزودي خدمات الرعاية المبكرة لتقديم رعاية وتعليم بجودة عالية، ولهذا السبب أعلنّا أخيراً عن مبلغ إضافي قدره 66 مليون جنيه إسترليني لزيادة التكاليف لكل ساعة من الساعات المجانية التي تقدمها الحكومة خلال عامي 2020 و 2021".
© The Independent