عادت المظاهرات الى الشارع الكويتي بعد ان اقدم شاب من فئة البدون على الانتحار بسبب الأوضاع السيئة التي تعيشها هذه الفئة والمقدر عددها بـ100 الف نسمة في بلد تعداد مواطنيه نحو مليون مواطن وضعفهم من المقيمين الأجانب.
وبموازاة هذا التحرك، دعا النائب السابق صالح الملا الى وقفة احتجاجية لباها عدد من السياسيين والمنظمات غير الحكومية، حيث تركزت على محاربة الفساد مثل ما يجري في دول مجاورة منها العراق ولبنان التي تشتعل فيهما المظاهرات المطالبة بمحاربة الفاسدين وسوء الخدمات.
أزمة الكويت الاقتصادية
وتعاني الكويت منذ انخفاض أسعار النفط قبل اكثر من 5 سنوات من عجز في الميزانية سببه المصاريف المرتفعة مقابل إيرادات بدأت تقل مع انخفاض أسعار النفط. ويتهم المعارضون الحكومة بعدم الكفاءة في إدارة موارد الدولة والفساد في الإدارات الحكومية، ما يؤدي الى وجود هدر كبير في المصاريف. كما هناك آلاف العاطلين عن العمل في بلد غني بالنفط تقدر قيمة الإنتاج فيه نحو 40 مليار دينار او نحو 120 مليار دولار في حين يشهد البلد فجوة كبيرة بين الأثرياء ومحدودي الدخل، وهي آخذة في الاتساع مع تراجع مداخيل الدولة واستمرار الفساد واستنزاف المال العام.
تأثير الازمة على البدون
وفي السنوات الأخيرة بدأت تؤثر هذه الحالة على الفئة المعدومة وهي فئة البدون، وهم الذين لا يحملون الجنسية الكويتية أو "بدون جنسية"، لكنهم ولدوا في الكويت منذ استقلال الدولة عام 1961، ورفضت الحكومات المتعاقبة على تسجيلهم كمواطنين بسبب الخلاف على اصولهم، التي تعتبر معظمها من قبائل لها امتدادات بالسعودية والعراق. وتقول رواية السلطة أن "نسبة كبيرة من البدون ليس لديهم وثائق تثبت بانهم كويتيون"، بينما تقول رواية البدون ان "هناك تشكيكا في اصولهم وتخوفا من تجنيسهم لان ذلك قد يغير التركيبة الاجتماعية التي يتحكم فيها الحضر". والحضر هم الطبقة الاجتماعية الثرية التي تسكن البحر منذ قبل تأسيس الدولة، ومازالت مسيطرة علي مفاصل الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وهذه المرة الثانية في العام الجاري تشهد الساحات العامة احتجاجات من قبل البدون بسبب اوضاعهم المعيشية والحياتية، حيث انتحر شاب آخر قبل أشهر بسبب اليأس من الوضع المأساوي الذي كان يمر به.
مخاطر حياتية
ولطالما دعت المنظمات الانسانية ومنظمات حقوق الانسان والأمم المتحدة الكويت الى ان تعدل اوضاع هذه الفئة. ويردد البدون دائما في مظاهراتهم ان اكثر خطر يواجههم ان نسبة كبيرة منهم ممنوعون من السفر بسبب " القيد الامني" لدى جهاز امن الدولة، وهم بذلك "محجوزون في سجن كبير داخل وطن لا يعترف بهم".
حرمان من الحقوق الأساسية
ويعاني "البدون" من حرمانهم من الجنسية الكويتية والهوية مما يجعل الحصول على متطلبات الحياة الأساسية التي يتمتع بها المواطنون الكويتيون أمراً مستحيلاً، مثل التعليم المجاني للجميع، الرعاية الصحية العادلة، العمل في القطاع الحكومي والملكية وتوثيق عقود الزواج والطلاق إضافة لحق السفر والتنقل. وبسبب هذا الوضع يتم استغلالهم من قبل التجار في القطاع الخاص بدفع رواتب اقل من نظرائهم المواطنين والمقيمين بصورة قانونية واحيانا لا يتم الدفع لهم ويجدون صعوبة في تحصيل حقوقهم في القضاء.
قانون جديد
وتقدم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم يوم الثلاثاء الماضي، باقتراح قانون بشأن البدون في محاولة من البرلمان لتنظيم أوضاعهم الشائكة، لكن لا يوجد اجماع على القانون الذي يريد إعطاء إقامة دائمة لكثيرين. ويتخوف البدون من التغييرات الكثيرة في القوانين في الكويت التي تجعل هذا الحل مؤقتا واعتراف منهم بعدم احقيتهم للجنسية. وأطلق هاشتاغ باسم #قانون_مرزوق_مرفوض
تطور الحراك
وقد انضمت مجموعات سياسية من البرلمانيين الكويتيين السابقين الى حراك البدون لدعم مطالبهم والتنديد بمحاربة الفساد واسقاط القروض ومحاسبة السلطتين التشريعية والتنفيذية. وسبق أن نظمت احتجاجات قبل سنوات مطالبة بإسقاط القروض والفوائد، بعد أن تبين أنه تم رفع الفوائد على المقترضين نحو 11 مرة، ووافقت الحكومة على اسقاط الفوائد وإعادة جدول القروض اعترافا منها بخطأ النظام المصرفي والبنك المركزي.
البرلمانيون بالشارع
ونقلت الصحف الكويتية عن صاحب الدعوة النائب السابق صالح الملا، ردا على أسئلة الحضور عن قضايا مثل إسقاط القروض والبدون، ان "مشاكل البلد كثيرة لكن لا يمكن ان نصلحها في بيئة فاسدة والفساد لم يكن بهذا الحجم".
من جهته، قال رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون ان "حضور المواطنين الى ساحة الإرادة هو تعبير عن غضب شعبي من مجلس الأمة والحكومة". والسعدون هو أحد المعارضين البارزين في الكويت وكان قائدا للتكتل الشعبي مع ابرز المعارضين الكويتيين مسلم البراك الذي سجن بسبب دفاعه عن قضايا المال العام وانتقاد السلطة الحاكمة واتهامها بالفساد.
و قال النائب السابق حسن جوهر انه "لن نقبل بأي نوع من أنواع الفساد الذي أصبح مستشريا في الكويت، واعتبر ان تواجد الموطانين بشكل لافت في ساحة الإرادة، المواجهة للبرلمان الكويتي، "هو نتيجة طبيعية لأداء الحكومة والمجلس."