Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تواجه بريطانيا أزمة ائتمان جديدة؟

يتوقع بنك انجلترا انخفاض القروض الممنوحة للشركات بشكل حاد لم يسبق له مثيل منذ الأزمة المالية بما ينذر بسوء لقطاع الأعمال في بريطانيا

نتائج الاقتصاد البريطاني في الربع الاخير من العام تشير إلى أن بنك إنجلترا وقطاع الأعمال يُعدان العدة لمواجهة أزمة (ويكبيديا.أورغ)

هل تواجه بريطانيا أزمة ائتمان بالإضافة إلى كل مشاكلها الاقتصادية؟

تُظهر شروط الاقتراض لبنك انجلترا بقاء القروض الممنوحة للشركات مستقرة كما هي تقريباً خلال السنوات الثلاثة التي تلت استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهذا الوضع قد تغير في اتجاه غير مرغوب فيه.

وتشير آخر المؤشرات إلى تراجع الاقتراض في الربع الثالث لعام 2019، ومن المتوقع أن يتواصل هذا الانخفاض خلال الربع الأخير لهذا العام.  وإذا كان أداء الاقتراض منسجماً مع التوقعات المتعلقة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، فهو سيُظهر الانخفاض الأشد حدة في منح القروض منذ الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية.

ولفهم هذه المعطيات، لابد من توضيح السياق الراهن، ففي غياب زلزال اقتصادي لن يتخذ هذا الانخفاض شكل الانهيار الذي تُظهر أرقام بنك انجلترا أنه قد حصل خلال أواخر عام 2007 عندما وجدت بريطانيا نفسها وسط أزمة ائتمان عالمية.

ورغم ذلك فإن الوضع لا يبشر بخير لقطاع الأعمال في بريطانيا، لأن عدم اقتراض الشركات يعني أنها لا تستثمر بل تقتصد.

وفي هذه المرحلة، من المناسب التساؤل ما إذا كانت البنوك هي التي تسبّب هذا التقشف أم أن إحجام زبائنها هو المسؤول عن ذلك. والجواب هو أنهما معا السبب.

ففي اليوم الذي نشرت فيه هذه البيانات، أعلن بنك ناتويست عن ضخ بضعة ملايين إضافية في "صندوق التحضير لبريكست" لفائدة الشركات الصغرى، وناتويست بطبيعة الحال مملوك لرويال بنك اوف سكوتلاند الذي تسيطر الحكومة الداعمة لبريكست على الحصة الأكبر من رأس ماله. كانت تلك خطوة ذكية من جانب مدرائه إذن.

ولكن بالنظر إلى وضع الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم في السوق بشكل عام، يتضح أن البنوك تشدّ الحزام في وقت تضاءل فيه طلب زبائنها.

ويتماشى هذا مع ما شرحه لي أخيراً مصدر من بنك كبير. فبينما توقع أن يُحقق أهدافه في منح القروض، قيل لي إنه واجه صعوبات في بلوغها، اذ أن الزبائن أبدوا استعدادهم للاقتراض بغرض تمويل الانشطة اليومية فقط، وليس للقيام بأي شيء آخر. إذن لم يكن هناك استثمار.

هكذا كان الوضع منذ التصويت لصالح بريكست، ما يفسر سبب استقرار مؤشرات بنك انجلترا كما هي لمدة طويلة. ومن المتوقع أن يبقى الاقتراض لتمويل الانشطة اليومية العادية على حاله في وقت يتسم فيه الاقتصاد بالجمود، فالمشاريع الكبرى هي التي تضيف عامل التذبذب إلى الأرقام.

ويدعو هذا التراجع الظاهر في الربع الثالث إلى قلق كبير لأنه يرسم صورة للبنوك والشركات وهي تستعد لأوقات أصعب.

ولكن قد يقول البعض إن جونسون مهرج داونينغ ستريت قد عثر على اتفاق ما بشأن بريكست؟ ألن يغير ذلك شيئا؟

إن "أكبر تراجع في اقتراض الشركات منذ الأزمة المالية" يُعد قبل كل شيء نوعاً من التكهن بما من ستُظهره المؤشرات المقبلة، إذ إن هناك من يعتقد بأن التوقيع وتنفيذ اتفاق بريكست سيبدّد بعض الضبابية التي تعتُبر لبّ الجمود الاقتصادي الذي تشهده بريطانيا في الوقت الراهن.

هذا صحيح إلى حد ما إذا ما افترضنا أن المهرج نجح في نيل موافقة البرلمان على الاتفاق الذي ساعد بنفسه على الحؤول دون حصول تيريزا ماي عليه، وهذا احتمال ضئيل لا يمكن التأكد من تحققه حتى يقترع النواب ونرى عدد الأصوات التي رجحت فوز مشروع المهرج فعلاً.

في حالة كهذه ستُطوى صفحة الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، وهو السيناريو الذي يثير الكثير من مشاعر الخوف لدى الشركات المحقة فعلاً في قلقها منه. وبذلك يتخلص الاقتصاد البريطاني من حالة عدم اليقين التي كانت أشبه بسرطان يتربص به.

ثمة وعي يترسخ لدى الناس بأن "اتفاق" المهرج يوفر حلولا لصعوبات قليلة للغاية، إذ ستدخل بريطانيا فعلاً مرحلة انتقالية بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي الحالية لكن حالة عدم اليقين ستبقى مهيمنة حتى تسوية العلاقات التجارية بين بريطانيا وسوقها الأكبر تسوية نهائية.

ويُؤدي التوتر التجاري وتضاؤل النمو إلى جعل الخلفية العالمية لهذا الوضع أشد تعقيداً وإرباكاً.

وبالرغم من أن تقلص القروض ليس بالسوء الذي تنذر به المؤشرات، فللأسف ليس هناك ما يبعث على التفاؤل.

© The Independent

المزيد من اقتصاد