لا يزال أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم "داعش" الذي فقد جزءاً كبيراً من الأراضي التي سيطر عليها في العام 2014 في كل من سوريا والعراق تحت ضربات التحالف الدولي، يشكّل لغزاً محيراً لأجهزة الاستخبارات الساعية إلى التخلّص منه بأي وسيلة، إذ إن إزاحته من المشهد ستسهم بشكل كبير في كسر شوكة التنظيم المتشدد، والحدّ نسبياً من خطورته وفعالية مسلحيه على الأرض، تماماً مثلما حصل مع تنظيم "القاعدة" بعد تصفية زعيمه السابق ومؤسسه أسامة بن لادن على يد فرقة كوماندوس أميركية في منطقة أبوت آباد الباكستانية في 2 مايو (أيار) 2011.
محاولة انقلابية
وبعدما كانت معلومات استخباراتية تحدثت عن مقتله في العام 2017، نُشرت تقارير استخباراتية، الخميس، تحدثت عن نجاة زعيم التنظيم المتشدد من محاولة انقلاب فاشلة قام بها مسلحون أجانب في صفوف "داعش" ضده في شرق سوريا الشهر الماضي.
وذكرت مصادر استخباراتية أن التنظيم المتشدد رصد مكافأة مالية كبيرة لمَن يتمكن من قتل أبو معاذ الجزائري، المتهم بالوقوف خلف المحاولة.
وجرت محاولة اغتيال البغدادي وفق تقارير استخباراتية، في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، في محافظة دير الزور في بلدة تقع قرب مدينة هجين السورية، التي هي من بين آخر معاقل "داعش" في تلك المنطقة. وأسفر الهجوم عن مقتل شخصين. ويتهم التنظيم "أبو معاذ الجزائري"، وهو مقاتل أجنبي مخضرم في "داعش"، يُرجح أن يكون واحداً من 500 مسلح لا يزالون ضمن صفوف التنظيم في تلك المنطقة، بالضلوع في العملية، إلا أن مسالة رصد مكافأة مالية مقابل رأس "رفيق سابق" لا تزال غير مألوفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"في الوقت المناسب"
وذكر مصدر استخباراتي "لقد علموا (مسلحو داعش) بالأمر (محاولة الانقلاب) في الوقت المناسب". وأضاف "جرى اشتباك" بين مسلحين أجانب في "داعش" والحراس الشخصيين لزعيم التنظيم قُتل على أثره شخصان، لكنه نجا من العملية وهرب إلى منطقة مجاورة في الصحراء". وتابع "كان هذا الشخص (الجزائري) من العناصر المقاتِلة الأجنبية وأحد أكثر الأشخاص الذين يثق بهم" البغدادي.
وكان أحد ابناء البغدادي قُتل في غارة جوية روسية على "مخبأ للإرهابيين" في إحدى القرى السورية في 22 سبتمبر (أيلول) 2018.
بداية العنف
يُذكر أن البغدادي الذي يحيط به غموض كبير، عراقي الأصل، حائز على دكتوراه في الدراسات الإسلامية والقرآنية من جامعة صدام في بغداد، قبل انضمامه إلى التنظيم المتشدد الذي ينادي بإنشاء "دولة الخلافة" في العالم. وأصبح البغدادي زعيماً لـ "داعش" في العام 2010. وسرت تقارير عن مقتله في العام 2017، إلا أنها سرعان ما نُفيت. وتقول مصادر إن زعيم التنظيم المتشدد يعاني مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن إصابة لحقت به في إحدى غارات التحالف الدولي عام 2014.
وكان البغدادي مسؤولاً عن كل النشاطات العسكرية لتنظيم "القاعدة" في العراق. وأدار هجمات وعمليات إرهابية عدة، أبرزها هجوم 28 أغسطس (آب) 2011 على مسجد أم القرى، الذي أسفر عن مقتل 6 أشخاص من بينهم النائب العراقي خالد الفهداوي. وبعد مقتل بن لادن هدد البغدادي بالانتقام العنيف له. وأعلن في 5 مايو (أيار) مسؤولية تنظيمه في الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة وأدى إلى مقتل 24 عسكرياً عراقياً وجرح 72 آخرين.