انتفاضة لبنان مستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، احتجاجات وتظاهرات وقطع طرقات وإقفال مصارف ومدارس وجامعات، ووضع اقتصادي متدهور للغاية، وتحذيرات دولية من الأسوأ في حال لم يتم الإسراع بتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات.
الحكومة... قريبة؟
وفي مواقف لافتة، أمل رئيس الجمهورية ميشال عون في إمكانية ولادة الحكومة خلال الأيام المقبلة بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف، وقال إن التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقاً من المصلحة الوطنية التي تقتضي تعاوناً مع الجميع للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة، وشدد خلال لقائه سفيرة كندا إيمانويل لامورو وسفيرة النروج ليني ستنزس والقائم بأعمال السفارة السويسرية سيمون أمان، على أن المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من أول أهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل.
وأعرب الديبلوماسيون الثلاثة عن أملهم "في أن تشهد الأيام الآتية المزيد من الاستقرار والأمان في لبنان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
باسيل في بكركي
وفي زيارة لافتة، حضر الملف الحكومي والتطورات التي يشهدها لبنان في لقاء جمع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في بكركي مقر البطريركية، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل وهو صهر رئيس الجمهورية أيضاً، وكان تشديد على وجوب تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب اللبناني في أسرع وقت.
الموفد الفرنسي إلى لبنان: زيارتي ليست لفرض حلول
وسط هذه الأجواء، دعا الموفد الفرنسي إلى لبنان السفير كريستوف فارنو، الخميس، إلى الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة، وفعالة، قادرة على اتخاذ قرارات تستجيب لتطلعات اللبنانيين وتعيد ثقتهم بها، وقال فارنو في مؤتمر صحافي إن "الصعوبات التي يواجهها لبنان كبيرة، وهي مدعاة قلق الجميع"، مؤكداً وقوف فرنسا الدائم إلى جانب لبنان.
أضاف "لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان في الأوقات الجيدة وفي الأوقات الصعبة. نحن مدركون للأزمة التي يواجهها لبنان، وهي أزمة اقتصادية سياسية واجتماعية، والهدف من زيارتي هو الاستماع وفهم ما يريده اللبنانيون، وليس لفرض الحلول".
وكان الموفد الفرنسي، التقى الرئيس اللبناني عون ناقلاً إليه رسالة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأجرى الموفد الفرنسي الأربعاء سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين وجرى بحث آخر التطورات هناك.
"حزب الله"... لمحاربة الفساد
"كتلة الوفاء للمقاومة"، وهي كتلة نواب "حزب الله"، دعت اللبنانيين الى "وعي مخاطر المرحلة الحالية التي تتطلب التمسك بالحفاظ على الوحدة والسلم الاهلي ومواجهة الازمة المالية والاقتصادية الحادة"، مشيرة الى ان تلبية المطالب المحقة للبنانيين الصادقين تحتاج الى التعاون والتلاقي وبقاء الابواب مفتوحة والحوارات قائمة".
وشددت على "ضرورة انقاذ اقتصادنا الوطني وحماية الاستقرار الداخلي". ودعت "جميع الكتل الى الاسهام في اقرار القوانين التي تساعد على محاربة الفساد"، كما دعت القضاء الى "تحمل مسؤولياته لمحاسبة الفاسدين واستعادة الاموال المنهوبة والبت في الملفات التي قدمت له"، ورفضت الكتلة "التدخلات الاميركية في الشأن الداخلي"، ودانت "تصريحات وزير الخارجية الاميركي مايكل بومبيو".
المصارف مستمرة بإضرابها
وسط هذه الأجواء، دعا المجلس التنفيذي في اتحاد نقابات موظفي المصارف في بيان، "المصرفيين إلى الاستمرار في الإضراب والتوقف عن العمل الجمعة في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي"، وثمن "الجهود التي يبذلها رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان مع الجهات الأمنية ومصرف لبنان، بهدف إيجاد خطة أمنية تحمي سلامة المستخدمين والمودعين على السواء من جهة"، آملاً من جهة أخرى في أن يتبلغ من مجلس إدارة الجمعية "آلية تخفف من الإجراءات التي طبقتها إدارات المصارف مؤخراً وأدت إلى حالة من الهلع والخوف لدى المودعين".
كما دعا المجلس "كل الزملاء في المصارف إلى الاستمرار في الإضراب لحين تبلغ مجلس الاتحاد تفاصيل الخطة الأمنية والإجراءات الواجب اتباعها في ما خص التعاطي مع العملاء"، مذكراً "كل المواطنين بأن آلات الصراف الآلي متوافرة فيها السيولة اللازمة لتلبية كل سحوباتهم النقدية، كما أن مراكز الـ"Call Center" ستستمر في تلقي المراجعات والشكاوى في كل المصارف".
ودعا الاتحاد، الذي يمثل 11 ألف موظف، إلى إضراب بدأ الثلاثاء، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، مشيراً إلى احتجاجات ضد بنوك ومطالب العملاء بسحب الودائع، وتفرض البنوك قيوداً على السحب بالدولار والتحويلات إلى الخارج.
منتفضون إلى الشارع مجدداً بعد كلام الرئيس
وزاد الوضع تعقيداً ما شهدته الساحة اللبنانية بعد الإطلالة التلفزيونية الأخيرة لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يحدد، كما كان يترقب المحتجون، موعداً لبدء استشارات تكليف شخصية لترؤس الحكومة اللبنانية العتيدة، فعاد المنتفضون بعدها إلى الساحات بزخم كبير، وتم قطع الطرقات وإحراق الإطارات، وزاد الأمور سوءاً مقتل الناشط علاء أبو فخر الذي قتل برصاص عسكري في منطقة خلدة جنوب بيروت، إذ إنه، وخلال قطع الطريق في خلدة، وقع إشكال بين المتظاهرين وسيارة تقل عسكريين تطور الى إطلاق نار من جانب أحد الجنود ما تسبب بمقتل أبو فخر (38 سنة) أمام زوجته وطفله.
وأعلنت قيادة الجيش بدء التحقيق مع مطلق النار.
وشيع آلاف اللبنانيين، الخميس، أبو فخر في بلدته الشويفات شرق بيروت، وانضم متظاهرون إلى عائلة القتيل الذي لف نعشه بالعلم اللبناني. ووسط هذه الأجواء، وتزامناً مع تشييع أبو فخر، واصل الجيش اللبناني الخميس، عملية فتح الطرقات في مختلف المحافظات اللبنانية، مع تسجيل بعض حالات التدافع واعتقال بعض الناشطين وتسجيل إصابات في صفوف المتظاهرين.
الناشط خلدون جابر بعد الإفراج عنه: لن أستسلم
وبعد ظهر الخميس، أطلق سراح الناشط خلدون جابر من مخفر حبيش، وقال جابر بعد الإفراج عنه، "اقتادوني من وزارة الدفاع إلى المستشفى العسكري ثمّ إلى الشرطة العسكرية في الصياد"، وأكد جابر أن "هتافاتنا من الطريق العامة إلى بعبدا هي التي كانت تزعجهم"، وتابع "كنّا نهتف ضدّ جميع القوى السياسية وليس ضدّ الرئيس وأنا باقٍ في الساحات مع كلّ الناس الأوفياء ولن أستسلم".
الحراك مستمر ولا بشائر حكومية
وبدأ الحراك الشعبي في 17 أكتوبر على خلفية مطالب معيشية، وبدا عابراً للطوائف والمناطق، ومتمسكاً بمطلب رحيل الطبقة السياسية من دون استثناء. ومنذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر أمام غضب الشارع، لم تتحرك السلطات للاستجابة لمطالب المتظاهرين، ولم يدع عون حتى الآن إلى استشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة.
واقترح عون في مقابلة تم بثّها مساء الثلاثاء تشكيل حكومة "تكنو سياسية"، بينما يطالب المتظاهرون بحكومة اختصاصيين مستقلة بعيداً من أي ولاء حزبي أو ارتباط بالمسؤولين الحاليين. وتكلم عون بنبرة اعتبرها المتظاهرون "استفزازية"، منتقداً عدم وجود قياديين يمثلونهم ليتحاوروا مع السلطة، في وقت يفخر المحتجون بأن تحركهم عفوي وجامع ويرفضون أي حوار مع السلطة الحالية.