أثار إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عفواً عن جنديين أميركيين سابقين، أحدهما متهمٌ بقتل مدنيين والآخر بقتل عنصر من حركة طالبان، جدلاً في الأوساط الأميركية بعد تحذيرات مسؤولين سابقين من أن اتخاذ الخطوة يشكّل إساءة استخدام السلطات الممنوحة للرئيس بموجب الدستور.
وأول من أمس الجمعة، قرر الرئيس ترمب العفو عن اللفتنانت كلينت لورانس الذي حُكِمَ عليه بالسجن 19 عاماً، إذ اتهم ممثلو الادعاء لورانس في 2013 بأنه "أصدر أوامر بشكل غير قانوني بقتل رجلين على دراجتين ناريتين بالرصاص في أثناء القيام بدورية بإقليم قندهار بأفغانستان"، وأدين لورانس بارتكاب "جريمتي قتل"، وقضى من العقوبة حتى الآن ست سنوات.
124 ألفاً دعموا الخطوة
وبرر البيت الأبيض القرار، في بيان، أوضح فيه أن كثيراً من الأميركيين طالبوا بـ"العفو عن لورانس بما في ذلك 124 ألف شخص وقّعوا عريضة موجهة إلى البيت الأبيض، فضلاً عن كثيرٍ من أعضاء الكونغرس".
وقال البيان، "لأكثر من 200 عام استخدم الرؤساء سلطتهم لعرض فرص ثانية لأفراد يستحقونها، منهم عسكريون خدموا بلادنا. هذه الإجراءات تتفق مع هذا التاريخ الطويل".
وأصدر ترمب عفواً أيضاً عن مات غولستين العنصر السابق في القوات الخاصة الأميركية المعروفة بـ"القبعات الخضر"، والمتهم بـ"قتل رجل عن سابق تصميم عام 2010 للاشتباه بأنه كان من عناصر حركة طالبان، وكان يصنع قنابل للحركة".
ودفعت القضية ترمب إلى أن يكتب على (تويتر) أنّ غولستين كان "بطلاً عسكرياً أميركياً"، كان يمكن أن يواجه عقوبة الإعدام "من حكومتنا".
وأخيراً، ألغى الرئيس الأميركي قرار تجريد إدوارد غالاغر من رتبته، وهو جندي في القوات الخاصة لسلاح البحرية "نيفي سيلز" متهمٌ بقتل أسير شاب مصاب من عناصر تنظيم "داعش" طعناً وإعدام مدنيين آخرين.
وبُرِئ غالاغر من معظم هذه التهم في يوليو (تموز) الماضي، لكنه أُدين لأنه التقط صورة مع جنود آخرين أمام جثة الشاب، وكتب ترمب حينها "تهانينا لادي غالاغر وزوجته الرائعة أندريا وكامل أسرته. لقد مررتم بالكثير سويا. يسرني أن يكون بوسعي المساعدة".
وكتب غالاغر على (انستغرام)، "ليست هناك كلمات كافية للتعبير عن مدى امتناننا أنا وعائلتي لرئيسنا دونالد ترمب على تدخله وقراره".
من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن الوزارة لديها "ثقة في نظام العدالة العسكرية"، مضيفاً أن "الرئيس جزءٌ من نظام العدالة العسكرية بوصفه القائد الأعلى، ولديه سلطة تقييم أمور بهذا الشكل".
انتقادات للخطوة
وقال منتقدون إن القرار سيقوّض العدالة العسكرية، ويبعث برسالة مفادها بأنه سيتم "التغاضي عن الفظائع التي تُرتكب في ساحات القتال".
وكان الأدميرال الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس من بين الذين اعترضوا بشدة على نية ترمب إصدار العفو، وقال هذا المسؤول الكبير السابق في حلف شمال الأطلسي "توليت قيادة العديد من الجنود الذين يمكن أن يعفو عنهم" الرئيس الأميركي، لكنه أضاف في مقال نُشِر في مجلة "تايم ماغازين" أن "العفو عنهم سيضعف الجيش" الأميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، قال بيت بوتيدجيدج المرشح للانتخابات التمهيدية للديموقراطية الذي عمل في البحرية الأميركية، إن قرارات العفو هذه ستشكل "إهانة لمفهوم النظام والانضباط ودولة القانون".
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية تتهم جنوداً أميركيين وعملاء في الاستخبارات المركزية الأميركية بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان.
وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، تحدّثت للمرة الأولى في تقريرها السنوي عام 2016، لتؤكد أن عناصر من القوات المسلحة الأميركية مارسوا "أعمال تعذيب ومعاملة قاسية على ما لا يقل عن 61 معتقلاً، وأهانوا كرامتهم الشخصية على الأراضي الأفغانية".
وبعد اعتداءات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن، حصلت وكالة الاستخبارات المركزية على موافقة إدارة الرئيس الأميركي حينها جورج بوش على استخدام وسائل استجواب وُصفت بـ"المحسنة" بما فيها تقنية "الإيهام بالغرق".
ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2007 لم تستخدم الوكالة هذه الوسائل التي منعها الرئيس باراك أوباما في يناير (كانون الثاني) 2009، لكن الرئيس المُنتخب دونالد ترمب أكد قبل فوزه في الانتخابات أنه "يؤيد اللجوء إلى مثل هذه التقنيات".