هذا الصباح، ستكون رئيسة الوزراء قد استيقظت من الوهم القائل بأن صلابتها قد ضمنت لها أغلبية برلمانية مستدامة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، جيريمي كوربين أيضاً، سوف يشعر بالارتياح من تحوّل دائرة الضوء إلى بروكسل، بعيداً عن دوره الخادع في قضية بريكست.
لكن هذا الارتياح المتبادل لن يدوم طويلاً.
على الرغم من أن تيريزا ماي اكتسبت سمعة طيبة لكونها صارمة، فإن شركاءنا في أوروبا يعتبرونها الآن ميئوسا منها، فقد كانت هي التي طلبت مساندتها، والآن ترثي على اتفاقها الخاص، لتصطفّ مع مجموعة البحوث الأوروبية المتشددة والحزب الاتحادي الديمقراطي، وسوف يدعمونها فقط ما دامت تسهم في إعادة فتح اتفاقية الانسحاب، لتأمين تغييرات ملزمة قانوناً، والتي يُصرّ الاتحاد الأوروبي على أنه لن يقبلها.
وظهرت فكرة الحواجز بينما سرق مؤيدو "بريكسيت" الحل التكنولوجي السحري الذي قد يُمكّن من ظهور أول حدود مفتوحة تماماً في العالم بين دولتين تداران بنظامين جمركيين منفصلين.
وقد يتذكر القراء قمة "تشيكرز" في العام الماضي عندما اضطرت الحكومة إلى تبرئة هذا النوع من السحر، ولم تكن هناك طلبات للحصول على براءة اختراع في ذلك الحين، وكان هناك دعم لوضع بديل يُمكن وضعه في مكانه.
والآن يقول أعضاء حزب المحافظين إنهم يريدون "ترتيبات بديلة" للترتيب الذي كان من المقرر أن يُنفذّ حتى تُتخذ ترتيبات بديلة.
ومع مرور الوقت باتجاه 29 مارس (آذار)، هناك حقيقة بسيطة حُجبت عن الجميع في المسرح، هي أن اتفاقية البريكست والحدود المفتوحة في أيرلندا هي أهداف متعارضة، وقد كان ذلك منذ بداية المفاوضات في 2016، وها هم اليوم.
هذا المنطق الحتمي سيعود ليلدغ رئيسة الوزراء في غضون أسبوعين، وطالما حاولت أن تنغمس في تخيل البريطانيين الذين يصرون على أن هذا كله قابل للحل إذا تم تطبيق ما يكفي من النشاط في هذه المهمة.
وعندما يحدث ذلك، سيعود الاهتمام إلى ما قد يسجله التاريخ على أنه أكثر استثنائية حتى من عدم كفاءة الحكومة وسياسة حافة الهاوية في هذه العملية: وهو المساعدة المقدمة إلى أكثر الأجزاء اليمينية في حزب المحافظين بواسطة جيريمي كوربين.
كان خطابه في مجلس العموم أمس أحد أسوأ ما سمعته منذ ما يقرب من عشرين عاماً في البرلمان، وهو أسوأ من خطاباته منذ أسبوعين، وحتى الثوار الجامحون من أطفال حزب المحافظين في الجانب الحكومي غرقوا في صمت محرج، والذي انحسر فيه أعضاء البرلمان من خلال أدائه.
لقد خرب من خلال سلسلة من البراهين والتناقضات المنطقية، وكلها ذريعة لدوره كقابل وراغب في الخروج من "بريكست"، وعندما صوّت على الاتفاق في وقت سابق من هذا الشهر، فشل اقتراحه الخاص بعدم الثقة، وكان بإمكانه استغلال اللحظة للخروج لصالح الاستفتاء النهائي، ويمكن بعد ذلك تجميع الأغلبية لأجله، ويمكننا الآن أن نبدأ العملية التشريعية لكنه اختار الجلوس في الجانب الضيق.
وأظلّ أقول "انتظر جيريمي"، لكنني أشكّ بشكل متزايد في أنه وأقرب مستشاريه لديهم أي نية للتحرك، وبما أنه لن يكون هناك عائد من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن بدلاً من ذلك، فإن الثمن سيدفعه الناخبون المستاءون، يظن كوربين أنه يستطيع أن يحصد نوعاً مختلفاً من عوائد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كأصوات لنسخته من الاشتراكية اليسارية المتطرفة، فإن جماعة بريكسيت الغاضبة، الذين يشعرون بالخيانة والغضب من الشبان، الذين يشعرون بأن مستقبلهم قد سُرق منهم، سوف يتحدون في عدائية الحكومة المحافظة، ومن ثم يمكن أن تندلع الثورة.
وينظر عدد كبير من أعضاء البرلمان من حزب العمال إلى هذا على أنه مسار غير مسؤول بشكل يائس ويريدون تغييره، هذه الفكرة التي يفكر فيها أكثر من 120 ممن يدعمون حملة "أصوات الناس".
والشهر المقبل هو آخر وأفضل فرصة لحزب العمل لتغيير المسار، ويؤدي دوره في إنقاذ بريطانيا من الخروج من الاتحاد الأوروبي. وستكون هناك لحظة للقيام بذلك، ففي غضون أسبوعين ستلوح في الأفق حقيقة عدم التوصل إلى اتفاق، فحزب العمل مثل بقيتنا، لا يمكن أن ينتظر جيريمي لفترة أطول.
ولكن حتى إذا استمر بالفشل، ما يزال هناك احتمال أن تعود رئيسة الوزراء مهزومة من بروكسل، لتُدرك أن السبيل الوحيد لإنقاذ صفقتها هو أن تعرضها على الشعب بنفسه للتصويت عليها، فهذا هو أفضل حل للبلاد، وللقادة المحاصرين من الحزبين الأكبر.
السير فينس كابل هو زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي ويدعم تصويت الشعب.
© The Independent