ظلت بريطانيا منذ أن كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس وحتى الآن، مقصداً للعديد من الأميركيات اللاتي تنوعت مغامراتهن في بلاطها الملكي وداخل أروقة ودهاليز مبانيها السياسية العريقة، بين قصص الحب والزواج والعلاقات العاطفية والفضائح الجنسية، لكن ما يجمع بين هذه الحكايات التي تتحول تحت ضوء الإعلام إلى قصص عالمية مثيرة، ما تنتهي إليه غالباً من تضحية أو هجر أو فضائح، فالملك إدوارد الثامن ضحى قبل 83 عاما بعرش بريطانيا كي يتزوج محبوبته والاس سيمبسون، بينما يشكو الآن الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل من حالة الهجر والانعزال عن الأسرة المالكة، وتتذمر جينيفر أركوري من تعامل رئيس الوزراء بوريس جونسون معها بعد علاقة دامت سنوات، في حين تلاحق الأمير أندرو الإبن الثاني للملكة إليزابيث فضيحة جنسية يُنكرها تكشفت قبل أيام.
الأمير أندرو يدفع الثمن
تمثل قصة الأمير أندرو الشقيق الأصغر لولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، آخر مآسي العلاقات والمغامرات العاطفية للأميركيات في أعلى طبقات النخبة البريطانية، حيث اضطر الأمير أندرو إلى التوقف عن أي ظهور علني وعن أداء واجباته العامة في المستقبل بعدما لاحقته فضيحة مدوية، اتهمته فيها الأميركية الجميلة فيرجينيا روبرتس بممارسة الجنس معها عندما كانت في السابعة عشر من عمرها في لندن ونيويورك وفي جزيرة خاصة في بحر الكاريبي بين عامي 1999 و2002 بترتيب من صديقه رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين، الذي قالت السلطات الأميركية أنه انتحر في المعتقل بينما كان ينتظر محاكمته بتهمة إجبار الفتيات القاصرات على ممارسة الجنس مع أصدقائه والاتجار بالنساء.
الملك إدوارد الثامن ضحى قبل 83 عاما بعرش بريطانيا كي يتزوج محبوبته الأميركية والاس سيمبسون
وبرغم نفي الأمير أندرو خلال حديث تليفزيوني مع "بي بي سي" ، إقامة أي علاقة مع ضحايا إبستين، زاعماً أنه لم يشك يوماً في سلوك صديقه السابق، إلا أنه تعرض لإنتقادات واسعة بسبب عدم اعتذاره من الضحايا وإصراره على أنه غير نادم على صداقته مع إيبستين، كما ترتفع في لندن الأصوات التي تطالب الأمير أندرو بالإدلاء بإفادة طوعية أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي الذي يواصل النظر في الاعتداءات الجنسية لإبستين رغم وفاته داخل السجن.
وهكذا فقد الأمير أندرو البريق والوهج الملكي، وأصبح وجهاً مثيراً للخلاف والجدل بالنسبة ل 200 مؤسسة خيرية على الأقل كان يدعمها في الماضي، لكنها تخلت عنه الآن.
هاري وميغان يشكوان الهجر
رغم المكانة المميزة التي شغلتها الممثلة الأميركية السابقة ميغان ماركل في قلوب الناس داخل المملكة المتحدة وخارجها بسبب ابتسامتها الساحرة وشعبيتها التي تلاحقها أينما حلت وارتحلت بعد زواجها من الأمير هاري نجل ولي العهد البريطاني والراحلة الأميرة ديانا، إلا أنها لم تخف وزوجها قبل أيام في حديث تليفزيوني مع شبكة "آي تي في"، شعورهما بالهجر والانعزالية عن باقي أعضاء الأسرة المالكة البريطانية، بل صار الأمير هاري وشقيقه الأكبر الأمير وليام يسيران في مسار مختلف على حد وصف الأمير هاري بعد جولتهما في جنوب إفريقيا.
وكشفت مجلة "بيبول" الأميركية أن علاقة هاري ووليام لم يطرأ عليها أي تغيير بعد الكشف عن الأمر في وسائل الإعلام، فهما لا يتحادثان مع بعضهما البعض ولا يتبادلان الرسائل كذلك.
ما وراء الخلاف
ووفقاً لأحد أصدقاء العائلة المالكة، لا أحد ينكر أن العلاقة بين هاري وميغان من جانب ووليام وزوجته كيت ميدلتون، تمر بفترة برود.
ويقول المؤرخ الملكي روبرت ليسي أن وليام وميدلتون، اللذان يبلغان 37 عاماً من العمر، يُعدان نفسيهما لدورهما المستقبلي كملك وملكة لبريطانيا، ومن الطبيعي أن تكون هناك منافسة مع شقيقه هاري، الأمر الذي يضع صخرة بينهما.
لكن مصادر أخرى عديدة كشفت عن توترات عميقة بين هاري ووليام تعود إلى ما قبل ارتباط هاري بميغان، حين أفصح الأمير هاري لعائلته عن رغبته في الزواج بالممثلة الأميركية بعد عام واحد مع بدء علاقته العاطفية معها، وهو ما دفع الأمير وليام إلى تحذير شقيقه من أن العلاقة الغرامية تتحرك بسرعة ومن دون تمهل، مقارنة بعلاقة وليام العاطفية مع ميدلتون التي استمرت 8 سنوات قبل أن يقرر الزواج منها في النهاية عام 2011، الأمر الذي أغضب هاري.
أسباب أخرى للضجر
غير أن هناك أسباباً أخرى تزعج الأميركية ميغان، أهمها الضجر الذي تسببه ملاحقات الإعلام وعدسات المصورين، فبينما تقول ماركل أنها تعايشت مع التدقيق الإعلامي الكثيف لها بعدما أصبحت جزءاً من العائلة الملكية عقب زواجها من الأمير هاري عام 2018، إلا أنها تعترف بأن صديقاتها حذرنها من أنها سوف تفقد خصوصيتها، وأن صحف "التابلويد" المصورة سوف تدمر حياتها، وهو ما دفع الأمير هاري إلى التعبير عن قلقه من هذه التغطية المتواصلة قائلا: "فقدت أمي من قبل، وها أنا ذا أشاهد زوجتي تسقط ضحية لنفس القوة الجبارة".
ويبدو أن هاري وميغان ضاقا ذرعاً بالقصص الصحفية التي تنتقد إسراف دوقة ساسكس وإنفاقها مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية على الملابس وصيانة المنزل بأموال دافعي الضرائب البريطانيين، على الرغم من أن 70 نائبة في البرلمان البريطاني وقعن على خطاب مفتوح، ساندن فيه ميغان وانتقدن فيه القصص الصحفية المضللة بشأنها، كما طالبن بحقها في الخصوصية.
جونسون يتجاهل جينيفر
الأميركية جينيفر أركوري – 34 عاما – والتي انتقلت من الولايات المتحدة إلى لندن عام 2011، أصبحت محل اهتمام بالغ خلال الأيام الأخيرة من وسائل الإعلام البريطانية التي تداولت أخبار عن صداقتها الوطيدة برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وبأنه زارها عدة مرات في شقتها شرقي لندن عندما كان عمدة للعاصمة البريطانية بين عامي 2008 و2016.
غير أن أركوري التي أصبحت رائدة أعمال وأسست شركة "أنوتك" في لندن، وجدت نفسها في قلب تحقيق حول علاقتها برئيس الوزراء الذي كان ضيفاً ومتحدثاً رئيسياً في فعاليات استضافتها الشركة أربع مرات، ونشرت صحيفة "صنداي تايمز" أن أركوري حصلت على 26 ألف جنيهاً إسترلينياً من المال العام كمنح وامتيازات خلال تولي جونسون منصب عمدة لندن.
وفيما نفى جونسون أية تصرفات خاطئة في التحقيقات التي يجريها العمدة الحالي صادق خان، وتأكيد الحكومة البريطانية أن المنح التي قُدمت إلى شركة أركوري لا يشوبها خطأ، إلا أن الأميركية الحسناء أعربت في لقاءات تليفزيونية عن انزعاجها من تجاهل جونسون لها كما لو كانت العلاقة بينهما علاقة عابرة، وقالت إنها كانت صديقة مخلصة له ووثقت به وحافظت على أسراره وعندما نصحته بكيفية التعامل مع وسائل الإعلام تجاهلها ولم يرد على اتصالاتها.
التضحية بالعرش من أجل الحب
وبينما تميزت علاقة الأميركيات بكبار السياسيين والحكام البريطانيين في العهد المعاصر بالعذاب والهجر والضجر وبالفضيحة أحياناً أخرى، اتسمت علاقة الملك إدوارد الثامن قبل 83 عاماً بالتضحية من أجل محبوبته حيث قرر التنازل عن العرش الملكي عام 1936 لإنقاذ حبه من الأميركية والاس سيمبسون التي سبق لها الزواج والطلاق مرتين، فقد كان الزواج من مُطلقة خروجاً عن التقاليد الملكية في ذلك الوقت، كما كانت مؤسسات الحكم في المملكة المتحدة بقيادة رئيس الوزراء ستانلي بالدوين، من القوة والسلطة التي مكنتها من منع ذلك الزواج، بل وحتى منع إدوارد نفسه من إلقاء خطاب وداع للشعب البريطاني، بعد تخليه عن العرش.
ومنذ ذلك الحين، وحتى وفاة الملك المتنازل عن العرش، ظلت القصة مضرب الأمثال في الحب والتضحية حيث تعاطف الكثيرون حول العالم مع الملك الشاب الذي تخلى عن عرش إمبراطورية لم تكن الشمس تغيب عنها حينذاك، كما تخلى عن أية ألقاب ملكية، من أجل إمرأة أحبها بصدق.
غير أن وثائق رسمية سرية تم الكشف عنها في لندن عام 2003 ونشرتها صحف بريطانية، أوضحت أن الملك العاشق إدوارد الثامن تعرض لعملية خداع وخيانة من حكومته، حيث تُظهر الوثائق بوضوح عدم ثقة رئيس الوزراء، وعدد كبير من السياسيين بينهم كليمنت أتلي رئيس حزب العمال في قدرات إدوارد، فضلاً عن التشكيك في موقفه من ألمانيا النازية ومن زعيمها إدولف هتلر الذي التقاه إدوارد، وهكذا مثل زواج الملك من تلك المرأة الأمريكية فرصة كبرى للتخلص منه، خاصة وأن واليس سيمبسون لم تكن قد حصلت على الطلاق من زوجها الثاني بعد.
وعلى الرغم من كل محاولات الملك للتغلب على اعتراضات رئيس وزرائه وموقفه المُتعنت من زواجه بسيمبسون، إلا أنه فشل في نيل موافقة بالدوين، الذي رفض كل الحلول المقترحة، وكان تعامله مع الملك فظاً لأقصى درجة.