في مقابل الركود السياسي في لبنان، وتعنت أهل السلطة واستمرار الأزمة الحكومية، وعلى وقع انتفاضة شعبية مستمرة منذ 39 يوماً، تنشط حركة دولية متنقلة بين عواصم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن بحثاً عن حل للوضع اللبناني المتأزم الذي ينذر بالانفجار.
ففي باريس، عقد مطلع الأسبوع، اجتماع ثلاثي جمع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر ونظيره الفرنسي كريستوف فارنو والمندوبة البريطانية ستيفاني كاك، وانتهى الاجتماع بموقف موحد من أزمة لبنان، صبّ في مصلحة المتظاهرين والحراك الشعبي، إذ أعلنت الدول الثلاث ضرورة الإسراع بتأليف حكومة تلبي مطالب الناس من جهة، وتستعيد ثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المالية المانحة، في تعبير غير مباشر عن حكومة غير سياسية على اعتبار أن الحكومة السياسية لن تنهي الحراك الشعبي ولن تستقطب المجتمع الدولي.
مقاربة واحدة للأزمة
وتمكن الأميركي والبريطاني من جر الفرنسي إلى مقاربة واحدة للأزمة الحكومية اللبنانية، فباريس لم تتوقف عند شكل الحكومة سياسية كانت أم تكنو سياسية أم تكنوقراط، وهو ما دفع شنكر إلى زيارة العاصمة الفرنسية ودعوة بريطانيا لتنسيق الموقف وتوحيده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلمت "اندبندنت عربية" أن شنكر وفارنو وكاك اتفقوا على تكليف الجانب الفرنسي وضع خطة إنقاذ للأزمة اللبنانية تتضمن اقتراحات وحلولا يمكن أن تساعد في الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة، عبر تحديد خارطة طريق ترسل لاحقاً إلى كل من أميركا وبريطانيا للاتفاق عليها واعتمادها، وقد كان واضحاً أن الحل لن يشمل هذه المرة التواصل مع طهران للضغط على "حزب الله"، كما كانت فرنسا تحاول في الأزمات اللبنانية السابقة.
خطوات قاسية
وفي موازاة الضغط الأميركي البريطاني والفرنسي للحث على تشكيل حكومة ترضي الناس وتكون قادرة على معالجة الوضعين الاقتصادي والمالي اللذين بلغا حد الانهيار، يستعد الاتحاد الأوروبي لخطوات وصفت بالقاسية التي يمكن أن ترغم المتعنتين من أهل السلطة السياسية على تسهيل تشكيل حكومة جديدة.
وفي اجتماع سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف مع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، ركز طراف على أهمية تشكيل حكومة بأسرع وقت من دون تحديد شكل الحكومة، وكشفت مصادر دبلوماسية أن رئيس الجمهورية تمسك بصيغة حكومية تكنو سياسية معتبراً أن التكنوقراط هي مخالفة لاتفاق الطائف والدستور.
موافقة ضمنية؟
لم يعلق سفير الاتحاد الأوروبي على شكل الحكومة، وهو ما فسره مستشارو القصر بالموافقة الضمنية على حكومة تكنو سياسية وسربوا الخبر على طريقتهم، فسارع المكتب الإعلامي للاتحاد الأوروبي في لبنان بنفي ما نقل في بعض وسائل الإعلام مذكراً بموقف الاتحاد الأوروبي الداعي إلى تشكيل حكومة تلاقي مطالب الناس بأسرع وقت.
ونقلت مصادر دبلوماسية عن الجانب الألماني الذي يستعد لتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي موقفاً صارماً في شأن الحكومة، فألمانيا تتحدث عن أهمية تشكيل حكومة مستقلة، إنقاذية، تكون مهمتها فقط العمل على معالجة الوضعين المالي والاقتصادي. ووحدها حكومة كهذه، يمكن أن تستعيد ثقة المجتمع الدولي وتعيد إحياء المساعدات الأوروبية وأموال مؤتمر سيدر، وبحسب الجانب الألماني الذي تتولى بلاده أيضاً حقيبة وزارة المال في الاتحاد الأوروبي، لا يمكن العودة إلى حكومة محكومة بالتجاذبات السياسية، لم تتمكن طوال عام على انطلاق مؤتمر سيدر من وضع الاصلاحات التي تعهدت بتنفيذها خلال المؤتمر، وبالتالي فإن أي مساعدات ستكون مرتبطة بشكل الحكومة الجديدة.
حسابات باسيل و"حزب الله"؟
وفي آخر اجتماع لكتلة "المستقبل" النيابية، صارح رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري النواب بالقول "إن لم تتشكل حكومة قريباً فالبلد ذاهب إلى الانهيار"، فالحريري متمسك بصيغة التكنوقراط لأنها الحل الوحيد الإنقاذي وفق رأيه، في المقابل يقف "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" بدعم من رئيس الجمهورية سداً منيعاً في وجه أي حكومة مستقلة غير سياسية.
"حزب الله" و"التيار الحر" يواجهان بحسب توصيفهما، مؤامرة أميركية دولية، وينقل عن رئيس التيار الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل قوله "لست أقل من بشار الأسد الذي تعرض لمؤامرة كونية وصمد وبقي...". لكن هل يدخل لبنان في حسابات باسيل و"حزب الله"؟