من المصادفات الغريبة أن تعرض ثلاثة أفلام بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الواحدة وأربعين يكون موضوعها متعلقا بأفغانستان وعاصمتها كابول، لتعبر عن فترة ظلامية مزعجة من الواضح أنها لا تزال تعكس كوابيس وهواجس صناع السينما سواء في أفغانستان أو خارجها. والأفلام الثلاثة هي، "ويبتلع كابول"، و"حوا.. مريم .. وعايشة"، و"الخروج من أفغانستان"، وكلها تطرقت لأزمات سياسية وإنسانية ودينية في أفغانستان.
ويبتلع كابول
فيلم رسوم متحركة يتعرض للحياة في كابول وحركة طالبان التي قهرت حياة المجتمع بكامله، والعمل مأخوذ عن عمل أدبي للروائي ياسمينة خضرا تحت عنوان "The Swallows of Kabul"، وصدرت الرواية عام 2002، وكانت الأكثر مبيعا في كابول، ويتناول الفيلم الحياة تحت سلطة حركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابول.
وتدور الأحداث في أواخر التسعينيات، حيث سيطرة طالبان والحكم الصارم للمتعصبين المسلحين، والتي تمثلت في تدمير الجامعة، وحظر الموسيقى، ورجم السيدات بالشوارع، وإعدام الرجال في منافسات كرة القدم المفتوحة بالاستاد الوطني، وإجبار الجمهور على مشاهدة هذه الجرائم.
ويرصد الفيلم كيف استولى الخوف على وعي المواطنين في وقت قاتم وعنيف عبر قصص أسرتين، يمثل الجانب المحافظ رجل يدعى عتيق، وزوجته مسرات وهما محافظان على تقاليد الحياة الأفغانية، يعمل عتيق حارسا في سجن للنساء. أما الجانب الحديث فيمثله الزوجان زوناريا ومحسن، ويقفان ضد التقاليد والظلم الذي يفرضه حكم طالبان، مما يتسبب في فقدانهما كل شيء من أموال ووظائف، إلا أنهما لا يتنازلان عن مقاومة طالبان والحفاظ على روح التحدي. تتصاعد الأحداث عندما تختلط الخطوط الدرامية وتتشابك حياة الأسرتين مع بعضهما، بفعل صدفة درامية يتعرض الجميع للخطر وتحاول طالبان قتل الزوجة المتحررة فيقوم الرجل المتزمت بتهريبها، وينتهي العمل بالتمسك بالأمل ومحاولة التصدي لتطرف التنظيم الإرهابي. وأثار العمل رد فعل قوي بين المشاهدين والنقّاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
«حوا ومريم وعايشة»
الحياة الأفغانية وظلاميتها عرضت بشكل آخر من خلال فيلم أفغاني بعنوان "حوا ومريم وعايشة" للمخرجة الأفغانية صحرا كاريمي، التي كتبت سيناريو الفيلم بمشاركة الكاتب الأفغاني سامي حسيب نبي زادة. وقالت المخرجة إنها قررت أن تصنع فيلما يتناول وضع المرأة في المجتمعات الشرقية المنغلقة، وحرصت أن تكون الحكايات حقيقية، فاختارت قصصا من الواقع تعتمد على إحساس امرأة بمعاناة الأخريات بمناطق أخرى مهما كان الاختلاف في الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية؛ فبطلات الفيلم الثلاث "حوا ومريم وعايشة" لهن حكايات مختلفة في المضمون، لكن يجمعهن هم واحد وهو نيل الحرية والحصول على الحقوق الإنسانية الطبيعية.
تجتمع النساء الثلاث في عيادة أمراض نساء، فكل منهن حامل بطفل تريد التخلص منه لأسباب مختلفة؛ الأولى حوا المرأة الفقيرة التي تعاني قسوة زوجها التي تعيش مع عائلته، ولا تجد أي اهتمام أو حنان في زواج فاشل فتقرر التخلص من جنينها، والثانية مريم المذيعة المرموقة التي تكتشف خيانة زوجها المتكررة وتقرر الانفصال عنه فتكتشف حملها وتقرر الخلاص من أي رابط بهذا الزوج حتى لو كان جنينا. أما الثالثة فهي عايشة الفتاة الصغيرة التي تبلغ 18 عاما وتفاجأ بأنها تحمل من خطيبها وعندما تصارحه يتركها ويهرب خوفا من المسؤولية فتضطر لإجهاض الجنين أيضا. وعلى الرغم من عرض مشكلات النساء الثلاث فإن المخرجة تركت النهاية مفتوحة لتقرر كل امرأة مصيرها النهائي.
"الخروج من أفغانستان"
أما الفيلم الثالث الذي تعرض لأفغانستان فهو فيلم روسي بعنوان "الخروج من أفغانستان"، وتدور أحداثه في عام 1989 مع اقتراب نهاية الحرب السوفييتية الأفغانية، حيث يأسر المجاهدون الأفغان طياراً هو ابن أحد الجنرالات السوفييت، فتكلف القيادة إحدى كتائبها بمهمة أخيرة قبل الانسحاب، وهي إعادة هذا الطيار. والفيلم من إخراج بافيل لونجين، وجاء عرضه بالمهرجان كأول عرض بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.