الثالث لم يكن ثابتاً، إذ أفادت معلومات عن "احتراق" اسم سمير الخطيب كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة العتيدة. هذا "السقوط" جاء بعد لقاء قصير مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، غادر بعده الخطيب من دون ان يصدر عنه أي موقف او ردة فعل. أما من جهة الاستشارات الملزمة التي يجب على رئيس الجمهورية أن يجريها لتسمية رئيس الحكومة، تسربت أنباء عن تأجيل جديد الى الاسبوع المقبل. وهذا التأجيل من المتوقع ان يثير مجدداً غضب المتظاهرين الذين يقومون بانتفاضة وطنية منذ أكثر من أربعين يوماً. القصر الجمهوري تذرع بأن "الاستشارات أرجئت الى الاسبوع المقبل لإعطاء فرصة اضافية للكتل للتشاور وتحديد موقفها". يذكر أن الخطيب هو الاسم الثالث الذي ينسحب من السباق بعد اسمي محمد الصفدي وبهيج طبارة. وبعد الكلام عن عرقلة الحريري لتمرير اسم الخطيب صدر عن الأخير البيان التالي: "تداول بعض وسائل الاعلام اخباراً مفادها ان الاجتماع الذي عقد امس بين الرئيس سعد الحريري والمهندس سمير الخطيب كان سلبياً. يهم المهندس الخطيب التأكيد انه لم يلق من دولة الرئيس الحريري الا كل الدعم والتجاوب المطلقين، وبالتالي ان كل ما تم تداوله خلاف ذلك حول هذا الموضوع هو عار من الصحة".
عون لموفد الجامعة
عربياً، دخلت الجامعة العربية على خط الازمة في محاولة لفتح ثغرة في الجدار المسدود، وأبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، الذي زاره والوفد المرافق، قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، انه "يواصل جهوده لتحقيق تفاهم حول الحكومة الجديدة"، معتبرا "ان الوضع الراهن في لبنان لا يحتمل شروطا وشروطا مضادة، بل علينا العمل معا للخروج من الازمة الراهنة على نحو يحقق مصلحة اللبنانيين ويساهم في حل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".
واشار الرئيس عون الى انه "يؤيد غالبية المطالب التي رفعها الحراك الشعبي لأنه سبق ان قدم اقتراحات قوانين لتحقيقها، ولا سيما ما يتصل منها بمكافحة الفساد وتفعيل الاصلاحات ومنع الهدر ورفع الحصانة عن المرتكبين وغيرها، والى انه دعا المتظاهرين، أكثر من مرة، الى الحوار معهم وسيواصل مساعيه لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة".
وخلال اللقاء، الذي حضره وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي والسفير عبد الرحمن الصلح والوفد المرافق، لفت الرئيس عون السفير زكي الى ان "الدعم العربي للبنان يجب ان يترجم في خطوات عملية ولا سيما بالنسبة الى المساعدات لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي نتج في جانب منه بسبب تدفق النازحين السوريين الى لبنان والذي بلغ عددهم مليونا و900 ألف نازح عاد منهم حتى الان زهاء 400 الفا وبقي مليون و500 الف نازح". وقال "ان المساعدات التي ترد الى النازحين غير كافية ما ترك انعكاسات سلبية على الواقع الاقتصادي اللبناني بحيث تكبد لبنان حتى الان خسائر فاقت قيمتها 25 مليار دولار نتيجة تضرر البنى التحتية، ناهيك بكلفة الرعاية الصحية والتربوية والاجتماعية، فضلاً عن الخسائر التي مني بها الاقتصاد اللبناني والبطالة التي اصابت العمال اللبنانيين".
حسام زكي
موفد الجامعة العربية ابلغ عون ان الهدف من زيارته والوفد المرافق "الاعراب عن دعم الجامعة العربية للبنان والاطلاع على حقيقة الاوضاع الراهنة فيه وتأكيد التضامن معه والرغبة في المساعدة في المجالات كافة".وبعد اللقاء، صرح زكي للصحافيين "إن الوضع في لبنان ليس سهلا، فهناك تأزم سياسي وأخطار اقتصادية ووضع غير مستقر في الشارع. ولا بد من أن يكون هناك موفد عربي لمتابعة هذا الوضع مع القيادة اللبنانية". وردا على سؤال عن مبادرة ما تعمل عليها الجامعة العربية، اشار زكي الى أن "هذا هو تحرك الجامعة في الوقت الحالي، واي تحرك آخر يأتي في اعقاب الاستماع الى جميع الاطراف لمعرفة مدى امكان ان تقوم الجامعة العربية بدور ما في هذا المجال".
من ناحية اقتصادية يزداد الوضع تعقيداً مع دعوة محال الصيرفة للإضراب يوم الجمعة 29-11-2019 بسبب الضغط الذي يتعرض له الصيارفة في ظل وجود سعرين لصرف الدولار، رسمي غير موجود وآخر تعدي اليوم عتبة 2200 ليرة لبنانية، فيما السعر الذي يصرح عنه مصرف لبنان لا يتجاوز عتبة 1520 ليرة.
القصر الرئاسي واسم بديل جديد؟
ومع ذلك علمت "اندبندت عربية" أن الفريق الرئاسي يواصل اتصالاته مع شخصيات أخرى لاستمزاجها في أمر ترشيحها لتكليفها رئاسة الحكومة. ومن هذه الشخصيات عارف عبد الله اليافي الموجود في باريس. كما جرى اتصال أمس مع شقيقته السيدة غادة عبد الله اليافي، التي زارت بعبدا بدعوة من دوائر القصر، من دون أن يتسرب شيء عن التداول معها في هذا الشأن.
لكن سؤالاً تردد في أوساط دبلوماسية أجنبية وفي الوسط السياسي اللبناني عن سبب عدم ممارسة حزب الله نفوذه على حليفه باسيل من أجل تسهيل مهمة الشخصيات البديلة التي تُطرح أسماؤها لتأليف الحكومة، مقابل موافقة الحريري على طلب الحزب وبري أن يدعم الشخصية التي يراها مقبولة منهما ومنه، كما فعل مع الصفدي وطبارة؟
أوساط سياسية ترى أن الحزب ينظر إلى الأزمة الراهنة في الإطار الإقليمي، ويتجنب تأليف حكومة من لون واحد كما يطرح عون وباسيل، ويفضل بقاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة الحريري، في انتظار اتضاح تسويات موضعية تجري (مثل اليمن)، ليكون الوضع اللبناني على شاكلتها، فتزول موانع اشتراك الحزب في الحكومة الجديدة.
والاحتمال الثاني وفق قراءة هذه الأوساط، أنه من غير المضمون أن تتمكن حكومة جديدة ولو برئاسة شخصية يدعمها الحريري، من تجاوز الأزمة المالية الاقتصادية في البلاد، بينما زعيم تيار المستقبل خارجها، فيتحمل الحزب وحلفاؤه المسؤولية، بينما يكون الحريري شريكاً في المسؤولية في مرحلة تصريف الأعمال.
إضراب محطات الوقود
والتداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية تتوالى، فبعد أزمة الدولار غير المتوافر في المصارف بينما يحلّق عالياً لدى الصيارفة متجاوزاً حدود الـ 2000 ليرة لبنانية لكل دولار أميركي بينما السعر الرسمي هو بحدود 1500 ليرة للدولار، التزمت غالبية محطات الوقود في لبنان بالاضراب العام الذي دعت اليه نقابة اصحاب محطات الوقود في لبنان، احتجاجاً على الخسائر التي لحقت بهم جراء فرق سعر صرف الدولار بين السعر الرسمي والسوق السوداء، فأقفل معظمها ورفع البعض الاخر الخراطيم ومنها ما لجأ إلى وضع العوائق الحديدية تعبيراً عن عدم استقبال الزبائن للتزود بالوقود.