وافق مجلس النواب العراقي، الأحد، على استقالة حكومة عادل عبد المهدي، مع إعلان رئيس البرلمان توجهه بطلب إلى رئيس الجمهورية لتكليف رئيس جديد للوزراء.
ويأتي تصويت النواب بعد يومين من إعلان عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، في أعقاب طلب المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في البلاد من البرلمان سحب الثقة من الحكومة، إثر شهرين من موجة احتجاجات أسفرت عن مقتل أكثر من 420 شخصاً.
حكم الإعدام
وفي خطوة لافتة قضت محكمة عراقية اليوم الأحد بإعدام ضابط في الشرطة أدين بقتل متظاهرًين، بحسب ما أفادت مصادر قضائية، في أول حكم من نوعه منذ انطلاق موجة احتجاجات في البلاد قبل نحو شهرين قتل فيها أكثر من 420 شخصاً.
وأشارت المصادر إلى أن محكمة جنايات الكوت جنوب العاصمة بغداد، أمرت بإعدام رائد في الشرطة شنقاً، وآخر برتبة مقدم بالسجن سبع سنوات، بعد دعوى مقدمة من عائلتي قتيلين من أصل سبعة سقطوا بالرصاص الحي في الثاني م نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في الكوت.
حرب تسريبات
وعلى الجبهة السياسية تخوض الأحزاب الشيعية في العراق حرب تسريبات مستعرة، إذ تستخدم جميعاً ماكينات إعلامية غير مرتبطة بها مباشرة، لطرح أسماء مرشحين محتملين يشكلون الوزارة الجديدة، خلفاً لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي التي تقدمت باستقالتها إلى البرلمان مساء السبت.
تسعى الأحزاب السياسية الشيعية إلى توظيف حالة الغليان الشعبي ضد كل مكونات الطبقة السياسية الحاكمة، في إحراق أسماء مرشحين محتملين من أحزاب منافسة، من خلال تسريب أسمائهم إلى الشارع، والإشارة إلى أن أحدهم قريب من الحصول على تكليف تشكيل الحكومة الجديدة.
بدأت هذه الحرب مساء الجمعة، وتطورت ليلة السبت الأحد، وكان من أبرز ضحاياها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي شاع أنه مرشح لخلافة عبد المهدي.
اضطرت هذه الإشاعة مدير المكتب الإعلامي الخاص بالمالكي، هشام الركابي، إلى التصريح علناً بأن زعيم ائتلاف دولة القانون ليس مرشحاً من أي طرف، بل إن الائتلاف كله ليس لديه مرشح لهذا المنصب، بما في ذلك قصي السهيل، الذي شغل منصب وزير التعليم العالي في حكومة عبد المهدي.
بالنسبة إلى المراقبين، فإن اضطرار المالكي لهذا النوع من المواقف، يعكس حالة الحرج الكبير الذي يواجه الأحزاب الشيعية العراقية الموالية لإيران، إذ يصل الأمر إلى حد العزوف عن التفكير في الحصول على المنصب الأهم في النظام السياسي، خشية لفت أنظار المتظاهرين، وتحويل غضبهم من الحكومة إلى طرف سياسي ما.
يعتقد الفريق المقرب من المالكي أن المسؤول عن هذه التسريبات هو تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يرتبط بعلاقة عداء قديم مع زعيم ائتلاف دولة القانون، عندما كان رئيساً للحكومة في ولايتين متتاليتين بين 2006 و2014.
لم تتوقف حرب التسريبات عند المالكي، بل امتدت لتشمل علي الشكري، مستشار الرئيس العراقي برهم صالح، والوزير السابق المنشق عن الصدر.
انشق الشكري عن الصدر والتحق بالمحور السياسي الموالي لإيران، لقاء حصوله على منصب وزير التخطيط في حكومة المالكي الثانية. وعندما تشكل تحالف الفتح من ممثلين لميليشيات عراقية موالية لإيران بهدف خوض الانتخابات العامة في 2018، كان الشكري أحد رموزه، إذ قدم حينه بوصفه أحد المرشحين المحتملين لتشكيل الحكومة في حال نجحت خطة طهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الرغم من فوز الشكري بمقعد في البرلمان العراقي الحالي، إلا أن خطة ترشيحه لرئاسة الوزراء لم تكتمل، إذ اضطر الصدر إلى التوافق مع زعيم تحالف الفتح هادي العامري على ترشيح عادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة الجديدة، بمباركة من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وعندها تخلى وزير التخطيط السابق عن معقده النيابي لمصلحة وظيفة كبيرة في مكتب رئيس الجمهورية.
تنطبق قراءة المالكي لإشاعة ترشيحه إلى منصب رئيس الوزراء خلفاً لعبد المهدي على وضع الشكري، الذي يقول مقربون منه إن الصدر يسعى إلى القضاء على مستقبله السياسي، من خلال تسريب اسمه بوصفه مرشحاً لتشكيل الحكومة الجديدة، في ظل رفض ساحات الاحتجاج في 10 محافظات لأي مرشح ينتمي إلى الطبقة السياسية المعروفة.
طالت الحرب أيضاً القاضي فائق زيدان رئيس السلطة القضائية في العراق، التي يضعها دستور البلاد فوق كل السلطات، إذ تسرب أنه أحد أبرز المرشحين لقيادة مرحلة انتقالية تشهد تشريع قانون عادل للانتخابات، ما دفع قضاة من مختلف أرجاء البلاد إلى كتابة بيان تحذيري من تورط القضاء في مهمات ذات طابع سياسي.
ويرى مراقبون أن هذه الحرب قد تستغرق بعضاً من الوقت، إلى حين اطمئنان الأحزاب الشيعية إلى أن المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة لا يضمر ضدها ضغينة ما.
لكن هذه القناعة، تكرّس عزلة الطبقة السياسية عن الشارع العراقي، إذ يقول نشطاء إن الأحزاب العراقية منشغلة بتصفية حسابات بينية، بعيداً من مطالب التظاهرات، ما يضع جميع مخرجات حربها في "خانة اللاشيء".