لا يزال الغموض سيد الموقف السياسي في لبنان، خصوصاً بعد المعلومات عن اجتماع بين سمير الخطيب (الرئيس المحتمل تسميته لرئاسة الحكومة) وجبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون. هذا الاجتماع انتهى بنتيجتين سلبيتين، إذ أخذ المراقبون على الخطيب أنه يبادر إلى زيارة باسيل بينما "العرف" يقتضي أن "رئيس الحكومة يُزار ولا يزور". كذلك كشفت "وكالة المركزية" أن رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير باسيل، ناقش مع الخطيب التركيبة الحكومية وأصر على أخذ حقائب الداخلية والطاقة والبيئة والدفاع كحصة التيار، مع الحرص على مبدأ فصلها عن حصة رئيس الجمهورية، الأمر الذي خلق "نقزة لدى أطراف أخرى ودفع المفاوضات في اتجاه جوانب أخرى، يمكن في ختامها أن تؤدي إلى تسمية الخطيب أو عدمها".
وتضيف "المركزية" أن وصول المفاوضات إلى هذه النقطة أيقظ البحث في ما سماه الخطيب "استعادة وزارة المالية إلى فريق رئيس الحكومة" بالنظر إلى التجانس المطلوب بين الموقعين في المرحلة المقبلة، وبإبعادها عن منطق الحصص الطائفية والمذهبية، ما أدى عملياً إلى فرملة البحث في حصة "التيار الوطني الحر" ورئيس الحكومة العتيد، بعدما عبّر الثنائي الشيعي عن رغبتهما بتأجيل النقاش في هذه النقاط إلى المراحل الطبيعية التي يبدأ البحث بها، واحتساب حصص باقي الفرقاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ميدانياً، تواصلت الاحتجاجات الشعبية الأحد 1 ديسمبر (كانون الأول)، في يوم "أحد الوضوح"، احتجاجاً على المماطلة في تشكيل حكومة تكنوقراط وعلى سياسة مصرف لبنان، وتأكيداً على وحدة ساحات الانتفاضة الشعبية وسلميتها.
وشهدت مناطق لبنانية عدة تظاهرات حاشدة كلها تطالب بـ"حكومة انتقالية بعيداً من الأحزاب السياسية، تعمد إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه الطبقة الحاكمة، إضافة على استقلالية القضاء والمباشرة بملاحقة الفاسدين وناهبي الأموال بما في ذلك الودائع المصرفية، وإسقاط فزاعة الحرب الأهلية.
إشكال بعبدا
وعلى طريق القصر الجمهوري في بعبدا، حصل إشكال بين المتظاهرين المطالبين بتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة تمهيداً لتأليف حكومة تكنوقراط، وبين مناصري "التيار الوطني الحر" الذين تجمعوا دعماً للرئيس ميشال عون، ما اضطر الجيش اللبناني إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشدّدة، والتدخل لمنع حصول أي تصادم بين الجانبين.
وقطع مناصرو "التيار الوطني الحر" طريق الحدث - بعبدا تأييداً لطروحات رئيس الجمهورية، وكان بعضهم يحمل العصي. وقد أشارت معلومات أمنية إلى أن هؤلاء اعتدوا على الجيش المنتشر على طريق بعبدا في محاولة للوصول إلى مكان تجمع الحراك.
نصب حواجز
وقد أقفلت كل الطرقات المؤدية إلى القصر بالشريط الشائك من الحدث وساحة بعبدا والريحانية جسر الفياضية، ونصب الجيش حواجز أمنية عند كل المفارق.
كذلك، منعت القوى الأمنية وفد الحراك المدني من الوصول إلى النقطة المركزية للتجمّع والالتحاق بالمحتجين، الذين قالوا إن "خطة القصر واضحة وتقضي بمنع التجمع وتفريق المتظاهرين في نقاط عدة في الأحياء والجسور المجاورة"، منددين بالتعتيم الإعلامي حول ما يجري.
وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن وفداً من حراك طرابلس، يشارك أيضاً في تحرك بعبدا.
رمز السلام
ومن الشمال إلى الجنوب اللبناني، ردد المتظاهرون شعارات "سلمية سلمية" و"ثورة" و"محاربة الفساد"، حاملين بأيديهم أغصان الزيتون، ولبس بعضهم قمصاناً بيضاء للدلالة على السلام.
كما تجمّع عشرات المتظاهرين أمام مصرف لبنان في الحمرا وأطلقوا الشعارات المناهضة للسياسات المالية القائمة.
كذلك شهد مصرف لبنان - فرع صيدا تجمعاً لعدد من المحتجين عند مدخله، وعلق المحتجون لافتتين كبيرتين عند بوابته الحديدية ندّدوا فيهما بسياسة المصرف المالية، وأطلقوا هتافات مناهضة لحاكم المركزي وافترشوا الأرض، وسط انتشار لعناصر الجيش.
وفي صيدا أيضاً، أطلقت مجموعة من المحتجين على نفسها اسم "الجناح الثوري لصيدا تنتفض" بهدف تنفيذ تحركات فعلية بوجه ما وصفوه "سلطة السرقة والنهب والفساد"، عن طريق توجيه رسائل مباشرة لهم، ودعوا إلى إقفال محال الصيرفة.
طرابلس مستمرة
وفي طرابلس، خيمت الأوضاع المعيشية والاقتصادية، على التحرك الشعبي في المدينة من حيث انطلقت مسيرة حاشدة للمطالبة بالتغيير، وإطلاق كل الموقوفين على خلفية أحداث الشغب الليلية التي شهدتها طرابلس منذ أيام.
وندد المتظاهرون بارتفاع سعر صرف الدولار، وانعكاسه على أسعار المواد الغذائية والتموينية، وطالبوا بالإسراع في إجراء الاستشارات النيابية تمهيداً لتأليف الحكومة، محملين "كل من في السلطة مسؤولية تمييع المطالب الشعبية".
وقفات احتجاجية
كذلك اعتصم عدد من المواطنين من العبدة وحلبا ووادي خالد والدريب في ساحة البيرة- عكار، بدعوة من "ثوار" الدريب - عكار، ورفعوا شعار "قبضة الثورة". وعبر المعتصمون عن "الوجع والفقر وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في الأسواق اللبنانية، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية"، ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية وعلت الهتافات ضد السلطة.
وفي إقليم الخروب، نفّذ محتجون وقفة احتجاجية سلمية أمام شركة "كوجيكو" للنفط على ساحل منطقة الجية، على وقع الشعارات والأغاني الوطنية.
كما شهدت مناطق عاليه وبعلبك وحاصبيا تحركات مماثلة رافعةً الأعلام ومطالبة بتحقيق المطالب.