أربع شخصيات عراقية طالتها العقوبات الأميركية، بعد اتساع حلقة العنف ضد المتظاهرين. إذ فرضت واشنطن، الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول)، عقوبات على شخصيات متهمة بقمع التظاهرات واستخدام العنف المفرط، وشخصية أخرى متورطة بالفساد، بحسب البيان الصادر عن وزارة الخزانة.
وشملت العقوبات قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق"، وشقيقه "ليث"، وكذلك المسؤول الأمني لقوات "الحشد الشعبي"، حسين فالح اللامي، لتورطهم في انتهاكات لحقوق الإنسان، تتعلق بقتل عشرات المحتجين منذ انطلاق احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما شملت رئيس تحالف "المحور الوطني"، خميس الخنجر، لتورطه في أعمال فساد ودفع رشى لمسؤولين حكوميين عراقيين.
الإجراءات العقابية
بموجب هذه العقوبات، لا يحق لمن وردت أسماؤهم السفر إلى الولايات المتحدة أو تملك أي عقار فيها أو في أي منطقة تدخل ضمن نفوذها، بالإضافة إلى منع التعاملات المالية معهم.
وتشمل العقوبات أيضاً كل من يتعاون مع هؤلاء الأشخاص، الذين قد تفرض عليهم إجراءات عديدة منها دفع غرامة مالية تتراوح بين 250 ألف دولار إلى مليون دولار، أو عقوبة سجن تصل مدتها إلى 20 سنة.
العقوبات تُجابه بالرفض
ندّدت حركة "عصائب أهل الحق"، في بيان، بالعقوبات الأميركية، ووصفتها بأنها تمثل التدخل "السافر والطفولي في الشأن الداخلي العراقي". وأضاف البيان أنه لا يحق لأي جهة سوى القضاء العراقي والجهات المختصة الداخلية فرض العقوبات على المواطنين العراقيين.
رفض هذه العقوبات جاء من "المحور الوطني" أيضاً. إذ وصفها، في بيان، بـ"الاتهامات المجانية المضحكة". وأوضح أن "الخنجر كان معارضاً للنظام السياسي العراقي، الذي كانت تشوبه بعض السياسات الطائفية ولم يدخل العراق إلا منتصف العام 2018، أي بعد 22 سنة قضاها خارج البلاد ولم يمارس فيها أي عمل تجاري خلال هذه الفترة، ولم تكن له صفة رسمية ولم يتولَ حزبه أي منصب رسمي لكي يتهم على أساسه بالفساد".
ووصف البيان العقوبات بأنها "تسييس لا أخلاقي" من جانب الإدارة الأميركية، التي تحاول استخدامها كأداة لمعاقبة كل من يقف في وجه سياساتها، التي كانت سبب الكارثة التي حلت بالعراق وشعبه.
عقوبات مالية لهدف سياسي
وأكد الخبير القانوني، طارق حرب لـ"اندبندنت عربية"، أن المشمولين بهذه العقوبات لا يحق لهم فتح أي حساب مصرفي أو القيام بأي معاملات مصرفية، كما أن كل جهاز مالي سيكون مهدداً بالعقوبة في حال التعاون مع هذه الشخصيات.
"حرب" أوضح أن العقوبات سوف تدخل حيز التنفيذ في العراق بعد أن ينشر القرار في جريدة الوقائع العراقية، ومن ثم يقوم البنك المركزي العراقي بإصدار تعميمات إلى كافة المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية العاملة في البلاد، لمنع أي تعامل مالي مع هذه الشخصيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير "حرب" إلى أنه بإمكان من طالتهم العقوبات الاعتراض عليها أمام المحكمة الإدارية خلال شهر من صدورها.
ويؤكد حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين، أن "الأثر السياسي لهذه العقوبات واضح جداً، خصوصاً أنها استهدفت قيادات في كتلة الفتح، المحور الأساسي في الحكومة العراقية المستقيلة، وهي تهدف إلى التأثير والضغط على القادة السياسيين والأمنيين في الفصائل المسلحة لمحاولة تغيير المواقف وتحجيم الأدوار السياسية والتأثير على التظاهرات والمتظاهرين".
وعند سؤاله عن إمكانية عدم التزام العراق هذه العقوبات، استبعد علاوي ذلك، موضحاً أن البنك المركزي سيدعو كل المصارف إلى الامتثال لقرار وزارة الخزانة بناءً على سوابق مشابهة تجاه الأموال المنقولة وغير المنقولة وتجميد الأرصدة المالية للمشمولين بالعقوبات.
علاوي يشير إلى أن القانون العراقي العام لا يمتثل للعقوبات بصورة مباشرة، لكن تطبيقاتها المالية لها ستجعله بصورة غير مباشرة خاضعاً لها عبر البنك المركزي، على اعتبار أن هناك التزاماً عراقياً بمنظومة "سوفت كود" للنقد العالمي المرتبط بالدولار، التي تديرها الولايات المتحدة.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شخصيات عراقية، إذ فرضت في يوليو (تموز) الماضي عقوبات على ريان الكلداني، ووعد قدو، ومحافظ نينوى السابق نوفل العاكوب، ومحافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبوري، لتورطهم في قضايا انتهاك لحقوق الإنسان.