اكتسى عدد كبير من واجهات محال بيع الإكسسوارات والتحف، في فلسطين، باللون الأحمر، في مناسبة عيد الحب، وانتشرت دمية الدب الأحمر التي تحمل قلباً كتب عليه "أحبك" باللغتين العربية والانجليزية بأحجامها كافة في معظم الأسواق، إضافة إلى العطور والورود والمجوهرات والتحف الخشبية، التي تحمل اسمَيْ الحبيبين أو قلباً أحمر، والشوكولاتة المعبأة بطريقة جذابة مع توفير خدمة التوصيل إلى أي مكان.
لكن العيد لا يقتصر على الورود والعطور والدببة الحمراء، بل راحت صالونات الشعر والتجميل تقدم عروضاً وتنزيلات على خدماتها. والمقاهي تتسابق إلى إقامة الحفلات الفاخرة بأسعار قد تكون باهظة أحياناً. ومحال الهواتف النقالة تضع إعلانات تحث الناس على شراء منتجاتها هدايا لهذا العيد.
الحب...معاملة واحترام
إزاء كل هذه الاستعدادات "الحمراء"، كما يسميها البعض، تختلف وجهات النظر في الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومعارض. يرى الشاب أحمد علي أن عيد الحب تجاري، وفرصة يستغلها أصحاب المحال والمؤسسات التجارية لزيادة أرباحهم. إذ إن "الترويج لهذا اليوم يفرض على كثير من الأشخاص مصاريف تتجاوز ربما طاقتهم في محاولتهم إبهار من يحبون، على الرغم من أن الحب لا يتمثل في كل ما سبق، بل بالمعاملة والاحترام المتبادل".
تتفق سارة جمال مع أحمد، وتقول إن الحب لا يتمثل بالمبلغ الكبير الذي يُنفق على الهدية، بل بالاهتمام بين الحبيبين والتعبير عن الحب المتبادل. وتضيف أن وجود يوم جماعي للحب جميل، بشرط ألا تكون علاقات الحب هذه في الخفاء.
كذلك يؤيد مجد عرندس أي ظاهرة تظهر الحب بين الناس، خصوصاً بين الجنسين، سواء بالاحتفال في يوم معين أو غير ذلك، لأن الحب يعكس الاستقرار والراحة بين شخصين وجدا جوامع مشتركة بينهما، لكنه لا يتفق مع فكرة وجود يوم محدد للحب، لأن "التعبير عن المشاعر وتبادل الهدايا لا يحتاجان إلى تاريخ معين".
اعتراض على فكرة استعراض المشاعر
هنالك من يعترض على فكرة استعراض المشاعر في شكل علني وعرض الهدايا المتبادلة، والتي تبدأ مع "الفالنتاين" في المحال أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ويرى فيها بدعة تخالف تعاليم الدين الإسلامي. مثلاً، هبة حلمي تعطي جدية العلاقة بين الحبيبين أهمية كبيرة، لكن من دون مخالفة الدين، "فالاحتفال بالفالنتاين من دون ارتباط رسمي غير محبذ، لأنه يقوم على وعود ليست حقيقية أحياناً، ومن يحب فتاة عليه أن يخطبها قبل الاحتفال معها".
لكنّ لإيمان ماهر رأياً آخر. فهي احتفلت بالحب مع حبيبها وتبادلت معه الهدايا، ثم احتفلت به في فترة الخطبة واستمرت هذه الطقوس إلى ما بعد الزواج. تقول إن كثيرين يعتبرون هذا العيد مضيعة للوقت، لكنه يعني الكثير لها ولزوجها، فهما في كل عيد يتبادلان الهدايا ويخرجان للسهر في مكان هادئ ورومانسي لتتويج حبهما، الذي تغلب على كل الصعاب التي واجهتهما.
ماذا يشتري العشاق؟
سألنا كثيراً من الناس عن أول هدية تقفز إلى الذهن عندما نقول "فالنتاين"، فكان هناك شبه إجماع على الدببة الحمراء أو الورد الأحمر. لكن صاحب أحد محال الهدايا في رام الله عن نوع الهدايا التي يشتريها المحبون في العيد، قال إن فكرة هيمنة الدببة الحمراء على هدايا هذا العيد مخطئة، لأنه في محله يبيع العطور بكثرة، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل والأضواء الملونة والدببة، لكن اللون الأحمر يبقى الغالب في كل هذه الهدايا.
من مظاهر العيد الشهيرة باعة الورود في بعض الشوارع، وجزء منهم أطفال، خصوصاً في ظل ازدياد الضغوط على محال بيع الورود. وينصح العاملون في هذا المجال بطلب باقة الورد قبل العيد بيوم واحد، لأن التسابق إلى شرائها قد يؤدي إلى نفادها ولا تبقى في المتناول سوى الورود الصغيرة والضعيفة. فمن يشتري الورود في هذا اليوم، ليس الأحباء فحسب، بل غير المرتبطين أيضاً، الذين يقدمونها إلى عائلاتهم وأصدقائهم.
تهكم وخيانة
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فكان هناك تهكم على "الفالنتاين"، من العبارات التي انتشرت "عيد الحب يشبه عيد الأضحى، لكن الخروف يختلف"، إضافة إلى العروض التهكمية لرعاية أطفال الأزواج الذين يريدون الاحتفال بالعيد، والتسابق إلى نشر صور الدببة الحمراء الموجودة في المحال وكتابة تعليقات فكاهية عليها. وهناك من يسدي نصائح للفتيات تحذرهن من خيانة الشبان لهن. وطبعاً التعليقات التي تحرم الاحتفال بـ "الفالنتاين"، لأنه تقليد للغرب ومحرم في الدين ويُخل بالقيم المجتمعية والدينية.
عيد الحب للعائلة أيضاً
يبدو أن عروض العيد هذا العام لا تقتصر على الأحباء، بل بدأت محالّ كثيرة بالترويج لفكرة أن هذا العيد يمكن أن يُحتفل به مع الأم والأخت والأصدقاء. عن هذه الظاهرة، يقول رأفت سوالمة إنه لا يوجد يوم محدد للتعبير عن الحب ولا لشراء الهدايا، إذ على كل شخص التعبير عن مشاعره بكل الطرائق وفي أي وقت، لأن الحب لا يقتصر على العلاقة العاطفية بين ذكر وأنثى.
في هذا اليوم، لا ننسى من لا يحبون "الفالنتاين"، لأنه يذكرهم بأنهم غير مرتبطين أو بتجربة سابقة مؤلمة، أو لا يهتمون به من الأساس.